الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

من "تحت الدلفة" السعودية "لتحت المزراب" التركي!؟

سركيس نعوم
سركيس نعوم
من "تحت الدلفة" السعودية "لتحت المزراب" التركي!؟
من "تحت الدلفة" السعودية "لتحت المزراب" التركي!؟
A+ A-

سيحاول "الموقف هذا النهار" اليوم تقديم أجوبة عن الأسئلة السبعة التي وردت في آخر مقطع من "الموقف" أمس، والتي تتعلق بالرئيس سعد الحريري والسنّة والتحالفات الإقليمية والمحلية. وهي تستند الى متابعة يومية مزمنة للأوضاع في البلاد والمنطقة، والى معلومات من منابعها وتحليل لها. وكلها تنطلق من علاقته بالسعودية وتركيا ومشكلاته المتنوّعة. طبعاً الأجوبة ليست سهلة. فهو أولاً لا يستطيع أن يستغني عن السعودية إذ كانت سبب مجد والده الشهيد وثروته المالية وشعبيته اللبنانية والعربية فالسنّية، وتالياً سبب "مجده" القصير الامد. وهو فعلاً من "أبنائها" كما يقول الملك سلمان وكما قال قبله الملك الراحل عبدالله، ليس فقط بالمحبة والرعاية بل بالجنسية التي أخذها من والده. وهي منذ غياب الزعامة العربية المصرية، ومنذ انهيار سوريا رغم بقاء الأسد حاكماً لأجزاء منها بدعم إيراني – روسي، الزعيمة الوحيدة في العالم العربي التي تواجه الأسد وحلفائه في المنطقة، وأصبحت الزعيمة الوحيدة لسنّته بعد تحوّل الصراع الدموي الإقليمي الحاد مذهبياً مع احتفاظه بالطابع القومي. وهي ذات نفوذ في لبنان قبل مرحلة الزعامة الحريرية، وستبقى بعدها إذا لم تستمر. في حين أن تركيا دولة أكبر من السعودية ديموغرافياً وأقوى عسكرياً بجيشها الحديث والمحترف وبعضويتها في حلف شمال الأطلسي، لكنها لا تستطيع أن تستقطب العرب إجمالاً بسبب مرارات الاحتلال العثماني. كما لا تستطيع أن تستقطب سنّتهم، وهم الغالبية فيه، رغم حكم "حزب العدالة والتنمية" الاسلامي (السنّي) لها منذ 14 سنة. فهي خيّبت آمالهم بعجزها عن مساعدة الثورة الشعبية السورية على الأسد رغم وعودها الكثيرة والدعم الذي قدّمته للثوار قبل تعسكرهم وبعده، وبعجزها عن إقناع حليفتها أميركا بالتدخل لمصلحتهم. وتدخلها الأخير لا ينبئ بدور كبير لها وخصوصاً بعد تراجعها مع روسيا، وشبه تراجعها مع الأسد، واختلافها مع أميركا بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة على رئيسها أردوغان، كما بسبب استغلالها تدخلها لضرب حلفاء أميركا من الأكراد السوريين وانزعاج الأخيرة من ذلك. فضلاً عن أن وضعها الداخلي يتجه الى عدم الاستقرار جرّاء حربها مع أكرادها، وحرب أردوغان على كل منافس له. هذا عدا استمراره في أحلامه السلطانية العثمانية، وفي استخدام ورقة اللاجئين السوريين للضغط على أوروبا والغرب عموماً.
في ظل الوضعين السعودي والتركي المشروحين أعلاه، هل للحريري مصلحة وقدرة على التخلّي عن الرياض والتوجّه الى أنقرة؟ أقطاب في تياره "المستقبل" يحضّونه على "اتخاذ موقف" من السعودية بعد توقفها عن "تمويل" جماعاتها منذ سنتين. وبعضهم حاول من زمان الرهان على تركيا يوم كان في محله تقريباً. وبعضهم يحاول تحريض مصر على استعادة دور تريده ولا تمتلك إمكانات استعادته، رغم أنه قدرها. لكنه لا يستطيع ولا قدرة له على ذلك قبل حل مشكلاته المالية في المملكة على نحو يمكّنه من استعادة وضعه السابق مالياً وخدماتياً وسياسياً. وذلك يقرّره الحكم السعودي "بشقيه". وهذا القرار يتغيّر في استمرار مع أرجحية لقرار نهائي في غير مصلحة الحريري كلياً أو جزئياً. في اختصار سينطبق على انتقال الحريري الى أنقرة المثل الشعبي الشائع "من تحت الدلفة لتحت المزراب".
طبعاً لا يعني ذلك أن وضعه ميؤوس منه رغم صعوبته الكبيرة جداً. لكن ترتيبه يحتاج الى أن يتغيّر الحريري كسلوك وكنهج وكتصرّف وكزعيم "لتيار" وللسنّة وكحليف للدروز (جنبلاط) ولقسم من المسيحيين ("قوات" ومستقلون) وكرجل دولة. ويحتاج أيضاً الى استراتيجيا محلية واقليمية جديدة، والى فريق محترف وصاحب خبرة ووفاء في آن لتقويم حاله الراهنة ولاقتراح سبل للخروج منها. ويحتاج ثالثاً الى معرفة الذين أثروا على حسابه وعلى حساب الدولة والشعب من الرفاق والانسباء والمرافقين والسياسيين، والى محاسبتهم اذا استطاع وليس الى الاعتماد عليهم. اذا فعل ذلك قد ينجو. في اختصار ما حصل للرئيس الحريري الوارث يحصل عادة لكثيرين من الورثة في كل المجالات وخصوصاً اذا أحجموا عن مأسسة أعمالهم ومارسوا سياسات تدفعهم الى الافلاس. واذا لم يفعل يصبح أمام خيار وحيد...
هل يمكن أن يتحوّل السنّة أو بعضهم الى الشيعية السياسية في حال لم يقم الحريري بما يجب لترتيب أوضاعه وأوضاعهم؟ وهل يتحوّل هو إليها؟ وهل يتفاقم خلافه مع حلفائه المسيحيين فيدفع السنّة الى التخلّي عن "لبنان أولاً"؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم