السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الأفرقاء المسيحيون يدافعون عن الميثاقية والخشية من فتح أبواب تؤدي إلى المجهول

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

حصدت المواقف التي أطلقها مسؤولو "التيار الوطني الحر" على خلفية مقاطعة الجلسة الاخيرة للحكومة، بذريعة الاعتراض مسبقا على التوجه للتمديد مجددا لقائد الجيش العماد جان قهوجي سنة إضافية، انتقادات كثيرة حتى من مؤيدين أو حلفاء اعتبروا ان "التيار" يعمد بخطابه الاخير(وليس بسلوكه المقاطع الذي هو حق شرعي له ومبرر) الذي تبناه بعض مسؤوليه، الى خرق مؤذ للقاعدة الاولى التي تفترض المساعدة على الخروج من الحفرة وهي وقف الحفر، في إشارة الى المواقف التي من شأنها توسيع شقة الخلاف مع الشركاء في الوطن، فيما يطمح "التيار" الى الحصول على موافقة هؤلاء الشركاء على انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة. وهو استفز في المقابل مواقف أفرقاء مسيحيين تولوا هم الرد على رئيس "التيار" في المفهوم الذي أعلنه حول الميثاقية، فكانت هناك مواقف لكل من الرئيسين ميشال سليمان وأمين الجميل، وقد اعتبرا ان الخروج عن الدستور هو الخروج عن الميثاقية، ولا يجوز مقاطعة جلسات الحكومة بحجة الميثاقية، في الوقت الذي لم تكن فيه مواقف الحليف المسيحي المستجد لـ"التيار"، أي "القوات اللبنانية"، وفقا لما نسب الى كوادره، مناسبة للمفهوم الذي اعلنه الوزير جبران باسيل من الميثاقية، والامر نفسه بالنسبة الى "تيار المردة" الذي نفى وزيره ان تكون المعركة الجارية حول جلسة مجلس الوزراء ميثاقية، بل هي سياسية. جملة هذه المواقف شكلت مروحة مسيحية واسعة في مقابل الموقف المعلن من "التيار"، علما أن هذه المواقف المسيحية ردت أيضا في شكل غير مباشر على مواقف كنسية تبنت فورا الاسبوع الماضي، في ردة فعل على المقاطعة التي اعتمدها وزراء "التيار" لجلسة مجلس الوزراء، الموقف نفسه من الميثاقية، مما أدى الى رد فعل سلبي من قيادات ومرجعيات مسلمة في البلد لم تر أن تبني مثل هذه المواقف في محله راهنا، ولا يقع في الموقف الصحيح أو الدقيق لواقع الامور. لذلك بدت هذه المواقف المسيحية أشد مضاضة من مواقف الشركاء المسلمين، وتأخذ عن هؤلاء الآخرين عبء الانجرار الى الانخراط في معركة ليست في وقتها ولا مكانها من جهة، وعبء مواجهة التصديق على مفهوم جديد للميثاقية من جهة أخرى، في الوقت الذي تمظهر فيه توسيع شقة الخلاف بين القيادات المسيحية، علما أن بعض المنطق الذي يدافع عن وجهة نظر "التيار" يقول بأن موقف الأخير استفز القيادات المسيحية الأخرى لكونه يرغب في اختزال الميثاقية في مجلس الوزراء به هو دون سائر المسيحيين الآخرين. وهو ما يفسره البعض بأنه ينسف إحدى ركائز الديموقراطية، أي التوافقية التي يفترض ان تكون شاملة ولا تختصر بطرف او فريق واحد. في أي حال، إن مواقف الافرقاء السياسيين وتفسيراتهم لموضوع الميثاقية، التي فتحت على الغارب على أثر مقاطعة جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، اصطدمت بمواقف قاسية بقي الكثير منها وراء الابواب وفي الصالونات السياسية تفاديا لفتح معركة مع جهة مسيحية قد تستنفر من حولها كل المسيحيين، أو تحرج الآخرين، أو حتى تفاديا لاعطاء الفريق العوني وفق ما يرى هؤلاء ذريعة اضافية حول استهدافه، علما ان ثمة هواجس لم تخف لدى كثيرين من هذه المواقف التي تفتح الباب أمام جدال واسع. ومن غير المستبعد ان يتطور ليؤدي الى شيء آخر لاحقا وفق ما تخشى مصادر سياسية متعددة، خصوصا في ضوء التحولات الجارية في المنطقة وفي ضوء مواقف سابقة لوّحت بالذهاب الى نسف اتفاق الطائف في حال عدم انتخاب العماد ميشال عون.


هناك مواقع سياسية عدة لدى الطوائف غير المسيحية استفزها الخطاب العوني، فيما انفتحت أخرى على موضوع مناقشة الميثاقية التي أثارها "التيار الوطني الحر"، إنما من زاوية دحض المنطق الذي اعتمده لجهة تأكيد هذه المواقع ان الميثاقية مؤمنة، على ان تترافق مع التوافق على قاعدة انه يتعين ان تكون شاملة تحت وطأة تعارضها مع الميثاقية. والواقع أنه لن تكون هناك مصلحة للتيار العوني في إثارة هذا الامر فعليا كما تقول بعض هذه المواقع، لانه يرسل اشارات كبيرة على نيته في تغيير بنيوي بحيث يمكن ان يثير نقزة جدية لدى الافرقاء المسلمين على نحو يضيق الهامش الذي يعمل عليه "التيار" من أجل تأمين انتخاب العماد عون للرئاسة. هذه المواقع ترى في المقابل وجوب التركيز على إنقاذ ما تبقى من الوضع الراهن، انطلاقا من ان الازمة قد تطول من دون افق للحل، ولو ان هناك بعض من يخاطرون بتحديد مهل تذهب حتى الربيع المقبل. وتكفي رؤية مشهد الانتخابات الاميركية والانشغال الكبير بها في ظل رهانات كبيرة على ما بعدها، ورؤية الانتخابات الفرنسية التي بدأت تستعر منذ الآن على وقع حماسة المرشحين وبرامجهم، وفي ظل انشغال دولي في الامم المتحدة يتيح بالكاد اعلان ما يجب وينبغي اعلانه في شأن لبنان من دون اي زيادة او نقصان لافتقاد القدرة والالية على تحريك الامور، مما يوجب اعتماد تهدئة قسرية لا تتناسب والتصعيد الاخير، في حين لا يزال غير متاح منع لبنان ان يكون ساحة خلافات اضافية بالذهاب الى الاتجاه المعاكس، أي ايجاد حلول.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم