الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الباحث الفرنسي فرنسوا أوديجيه لـ"النهار": "البوركيني" عنصر استغلال انتخابي

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
الباحث الفرنسي فرنسوا أوديجيه لـ"النهار": "البوركيني" عنصر استغلال انتخابي
الباحث الفرنسي فرنسوا أوديجيه لـ"النهار": "البوركيني" عنصر استغلال انتخابي
A+ A-

من الصعب أن نصدق ما يحدث في فرنسا. لم يكن متوقّعًا أن تبادر الشرطة المحلية في فرنسا، معقل حرية التعبير والسلوك والمعتقد، على إجبار إمرأة على خلع لباس السباحة "البوركيني" أثناء جلوسها على أحد شواطئ مدينة نيس العامة.


حاولت "النهار" الاطلاع على مقاربة اجتماعية-تربوية من خلال مقابلة عبر "الـسكايب" مع البروفسور فرنسوا أوديجيه الذي عمل لأكثر من 25 عاماً في المجلس الأعلى الأوروبي في مجال الإعداد للتربية على المواطنية الديموقراطية، والباحث في العلوم الاجتماعية في المعهد الوطني العالي للبحوث التربوية في باريسINRP والأستاذ الفخري في كلية علم النفس والعلوم التربوية في جامعة جنيف في سويسرا منذ عام 2010 .



خيار فردي
أوضح أوديجيه أنه إذا أرادت #فرنسا أن تصدر قانونًا لحظر #البوركيني على شواطئها العامة، فعليها أن تنسحب من المجلس الأوروبي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. أكمل شرحه قائلاً :"هذا مستحيل، لأنها بذلك تكون قد نقضت ما تعهّدت باحترامه من شرعة حقوق الإنسان والمواثيق المتعلقة بها في هذه المحافل الدولية". وشدد على أن فرنسا لا تستطيع أن تسمح لنفسها بذلك، حتى لو كانت ثمة دول تخالف هذه الشرائع والمواثيق.
ورأى أوديجيه أن إصدار قانون يحظّر البوركيني هو ما يلزم جماعة، لأن القانون هو التعبير عن الإرادة العامة لمجموع المواطنين. كما لفت إلى أن هذا لا ينطبق على البوركيني كونه خيارً فرديًّا، وإن كانت له أصول مجتمعية، إلا أنه لا يمكن أن يدخل ضمن نطاق الحظر.
ثمّ توقف عند أمثلة عدة لحالات خاصة نراها على الشواطئ العامة متسائلاً عما إذا كان يستوجب إصدار قانون خاص لها. وقال: "الغطاسون يرتدون بذلة خاصة ومقفلة للغطس. ويرتدي بعض ممن يشكون حساسية أو طفحا جلديا ملابس خاصة تغطي جزءًا من جسمهم. فهل يجب علينا استصدار قوانين خاصة لهؤلاء أو نتركهم يمارسون حرياتهم الشخصية".
وعما إذا كان هذا الجو العام يرجّح أيّ تغير في ملامح الهوية الاجتماعية أو يسيء إلى العلمانية في فرنسا، أكدَ أوديجيه أن الأمر مرتبط بفهمنا لهذه الهوية المعتمدة على التنوع وعلى فهمنا للعلمانية. ثمّ شدد على أن مبادئ العلمانية لا يمكن أن تكون توجهاً جماعياً لأنها تعبّر بالأصل عن خصوصيات وخيارات فردية.



استغلال سياسي انتخابي
وضع أوديجيه الجدل حول مسألة "البوركيني" في "إطارها الصحيح"، لافتاً إلى أن البوركيني برز قبل كل شيء كعنصر استغلال انتخابي في الحياة السياسية الفرنسية عموماً، ومن قبل اليمين الفرنسي المتطرف خصوصاً. وأشار إلى أن حزب "الجبهة الوطنية" في فرنسا متمسّك بأدبياتها المرتكزة على هوية منغلقة حيث يصبح كل مهاجر أو متحدّر من أصول غير فرنسية خارج إطار هذه الهوية. وأشار بشكل لافت إلى تصاعد نسبة التأييد التي يحظى بها هذا الفريق، وقال: "يستغل هذا الفريق المخاوف المتصاعدة من قبل بعض هذه الجماعات والصدامات التي تفتعلها في فرنسا. وعمل أيضاً على تعميم ما كرّره مؤسس الحزب جان ماري لوبان الذي لطالما ربط عدد العاطلين عن العمل من صفوف الفرنسيين بالفرص التي يحصل عليها المهاجرون في سوق العمل.



اليمين المتطرّف...
ثمّ لفت إلى أن زعيمة الحزب مارين لوبان تلتزم الصمت المطبق حتى إشعار آخر، وقال: "ما يحصل يدعم توجّهاتها ويقوّي من نزعة العنصرية ضد الإسلام والمسلمين في فرنسا".
كما استغرب أوديجيه الهجمة على الحريات الشخصية المرتبطة بغايات سياسية لأنها تهدف إلى تسيير الرأي العام والتأثير فيه لناحية تبني خيارات مناقضة لسياسة الانفتاح والتعدّدية التي ترتكز عليها الحياة الاجتماعية الفرنسية.
ولفت إلى أن غالبية رؤساء البلديات في الجنوب الفرنسي يؤيدون اليمين السياسي وهذا ما دفعهم الى الإصرار على تنفيذ قرارات صارمة كحظر البوركيني، وقال: "حاولوا تأكيد سلطتهم المحلية على هذه المدن التي يقطنها عدد لا بأس به من المهاجرين المغاربة بشكل خاص".
لكنه لاحظ أن هذه القرارات اصطدمت بتراتبية السلطة القضائية الفرنسية المؤلفة من القضاء الإداري أولاً يليها سلطة القضاء المدني فالقضاء الجنائي. وأسهب في شرحه عن قرارات السلطة المحلية التي جاءت بغطاء من القضاء الإداري الذي سمح للبلديات بإصدار قرارات لحظر بعض البوركيني مثلاً، إلا أن اللجوء إلى مجلس الدولة سمح بإبطال مفاعيل هذه القرارات. ولفت إلى أن هذا الواقع عمّق الهوة بين البلديات المعنية التي رفضت الالتزام بقرار مجلس الدولة وأصرّت على موقفها، وهذا الأمر الذي قد يُنبِئ بعواقب وخيمة على المجتمع الفرنسي.
وتوقف أخيرًا عند دور الإعلام في فرنسا في تأجيج هذا الصراع، معتبراً أن الصحافة المكتوبة تنقل هذه المعلومات على سبيل التعريف بها. لكنه شدد على أن المشكلة تكمن بشكل كبير في الوسائل المرئية والمسموعة ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وقال: "تكرّر شاشات التلفزيون المعلومات وتوجّهها بهدف الإثارة الرخيصة والاستغلال السياسي لها". لكنه رأى أن عدداً كبيراً من الفرنسيين لا يكترث لجدل البوركيني لأن هذه القضية ليست من الأولويات. وأشار إلى أن لديهم الأعباء والصعوبات الحياتية والاقتصادية التي يواجهونها يومياً، وقال: "جدل البوركيني هو بجزء كبير منه فرصة للسياسيين لعدم التحدث عن أمور حياتية طارئة يحتاجها الفرنسيون".
ختاماً، رفض الربط بين الأصولية والتطرف مع الإسلام لأن من يذهب مثلاً من فرنسا إلى سوريا للقتال يجهل كلياً الدين الإسلامي ومبادئه وفقاً لما جاء في كتاب "الجهل المقدس" للباحث الفرنسي أولفييه روا.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم