الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

انها "لعنة" الانكشاف !

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
انها "لعنة" الانكشاف !
انها "لعنة" الانكشاف !
A+ A-

من المألوف جدا ان تلازم صفة "اللعنة" المفردات الصحافية والشعبية في بلد اسمه لبنان من دون استفاضة في المسببات. لكن ليس مأثورا ان يغدو فعل اللعن العنوان المحدث في خطاب سياسي لوارث الزعامة العونية وحامل حقيبة وزارة الخارجية جبران باسيل الذي تطغى نبرة رئاسته لتياره على كونه رئيس الديبلوماسية اللبنانية بما تقتضيه من تحفظ وتقاليد صارمة في التعبير. ليس هذا الامر عابرا، ولا نثيره من باب التحرش بحرية أي سياسي في اختيار النهج التعبيري الذي يلائمه. وانما نراه بكل صراحة احد التعبيرات النموذجية الطارئة عن مأزق اداء سياسي للتيار الوطني الحر في الدوران على أنماطه من خلال لعن الآخرين وتعميم اللعنة. ولعلنا لا نجافي الحقيقة القاتمة في المقلب المسيحي ان عدنا الى معاينة مسألة المظلومية التي ترفع شعارا تبريريا للإخفاق في فرض معادلات سياسية على الشركاء غير المسيحيين لدى اصطدام الافرقاء المسيحيين بوقائع غالبا ما تكشف الفوارق الكبيرة بين تقدير الاحجام والأوزان والمونة على الحلفاء وقدرة الضغط على الخصوم. ليس الشركاء بطبيعة الحال ملائكة منزهون عن الشراهية في توظيف ازمة غياب رئيس الجمهورية والتي لا تبررها مقولة تحميل المسيحيين تبعة عدم التوافق الشامل على الرئيس. مثل هذه المقولة اذا كانت تصح من باب مراجعة المسؤولية المسيحية عن تمادي ازمة الفراغ الى حد التهديد بفقدان المنصب الاول في الجمهورية فهي لا تكفي لستر عورة الارتباطات الاقليمية الآسرة للشركاء المسلمين التي لعبت وتلعب الدور الاشد خطورة في اطالة الفراغ كما في تعريض النظام لخطر الاندثار. ومع ذلك ترانا مدفوعين بصراحة لا نظن ان غرف التخطيط لدى القوى المسيحية، وأقله معظمها، تتعامل بمثلها في طرح مسألة الاعتراض والاحتجاج والرفض والتعبير الممانع في ظروف غالبا ما تكون خاطئة وترتد سلبا عليهم. ليس التيار الوطني الحر وحده معني بذلك ولو انه يحمل غالبا قصب السباق في هذا النمط. كان لخروج حزب الكتائب من الحكومة بعضا من هذه الدلالات في ظرف يقتضي حضورا صارخا داخل السلطة التنفيذية ولم تكن الكتائب مقصرة فيه ابدا بل لعبت افضل ادءاتها من خلال ملفات حيوية. ثم ان الجاري الآن في ازمة النفايات بنسختها المستجدة ليس افضل تعبير ايضا عن اداء التعبير السلبي حتى لو امتلك المعترضون والمعتصمون والمتظاهرون كل الحق في الاعتراض. ولكن زحف النفايات مجددا في مناطق الجبل وبيروت قبل ضمان البديل يضع هؤلاء في موقع من كان يجب ان يتحملوا التبعة اساسا. انها مسألة التقدير الصح في المكان الصح والظرف الصح والضرب الصائب على الهدف من دون زوغان الأداء والاسلوب والنمط. ولا نعتقد ان استحضار "اللعنة" بمفهومها الميتولوجي والديني تقي من كل هذا الانكشاف.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم