الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

صيف لبنان صيف المغتربين

المصدر: "النهار"
كلوديت سركيس
كلوديت سركيس
صيف لبنان صيف المغتربين
صيف لبنان صيف المغتربين
A+ A-

يحلو سماع المغتربين يتحدثون عن بلدهم الأم وتمتعهم بربوعه شمالاً وبقاعاً وجنوباً وساحلاً. وبقدر ما يعبرون عن فرحتهم لوجودهم فيه يستغربون كيف يستمر شعب هذا البلد في العيش في دولة لا رئيس للجمهورية فيها وأزمة مستمرة ومفتوحة منذ عقود تنوعت خلالها الاسباب. يلاحظون قلة من السياح الاجانب في تنقلاتهم، والحديث هنا عن عينة من المغتربين، ونعتقد ان الغالبية منهم توافقهم الرأي، ويشعرون بفورة وجود لبنانيي المهجر هذه السنة اينما اتجهوا.
يهتمون ببقايا قديمهم، بأمور عنت في بالهم في الغربة وشدهم الحنين اليها ولا تزال تخطر في بالهم. بلدتهم. مسكنهم الاول والذكريات. كيف كانوا يستيقظون باكراً وتحضير أنفسهم للذهاب الى المدرسة مشياً. واليوم يحبون استعادة الذكرى إياها. المشي باكراً. يصادقون الفجر وينطلقون ساعة وساعتين. وتجوب أقدامهم الارض ويتنفسون الصعداء والنسمة العليلة في أحضان الطبيعة وطرقات الماضي وقادوميات تختصر مسافات الزمن. نسيناها نحن. ولطالما مررنا بقربها ولم نلحظ وجودها. غمرتنا المدنية وزحمتها. أخذتنا من كل هذه التفاصيل الى همجيتها. باتت تحتلنا. تسرق الوقت منا الى أنانيتها. أنستنا عيش الزمن الاول.
يزورون الحنين بشغف. تستوقفهم اللحظات. كل اللحظات يعيشونها برمتها. تنتابهم غبطة أينما حلوا في الربوع. وتدهشهم سحب "الغطيطة" المتصاعدة من فم الوادي. المتسارعة على الطرقات حاجبة الرؤية تنشر الضباب على طريق اهدن. تغمر السيارات. ترطم الوجه ولا يبالون. سعداء في بلدهم، في الهنيهات التي تربط ساحله وبحره، بجبله وأرزه، وبليالي السهر والأنس في ميدان إهدن وعلى شواطىء أنفه وجبيل وصور وصوب زحلة والباروك وعرجوا على أرصفة بيروت ومعمورتها. يسمعون في الاغتراب بوجود ضيق حال معيشي في لبنان ولا يلمسون آثاره في تجوالهم وسهرهم. أبصروا النقيض. ولسان حالهم أن الاماكن كانت مكتظة أينما اتجهوا. وفي أحد الاماكن النهارية العائلي الطابع قدّر من فيه الحضور بنحو الف شخص. وفي "الويك أند" يربون فيه على ألف وخمسمئة. لعلّ قسماً منهم مغتربون مثلهم أو أكثر او اقل. من يدري؟ وذهلوا بوفرة المهرجانات التي صممتها سيدات القصر ونجحن. وما ندريه ان هذا الصيف في لبنان كان صيف المغتربين. اقبلوا الى وطنهم الاصيل ونعموا بأيام واسابيع يخبرون عنها بفرح عن لبنان وعن سر من اسرار استمراره العتية.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم