الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

علامة استفهام؟..

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

للمرّة الأولى في تاريخه، وتاريخ حروبه، وتاريخ "انتداباته"، وتاريخ الوصاية بتلاوينها المتعدِّدة، يُحرم لبنان أن يكون له رئيس للجمهوريّة. ويُمنع من أيّة محاولة أو بذل أي مسعى لملء الفراغ الرئاسي الذي مرَّ عليه عامان والثالث في شهره الثالث.


مُرغَم لبنان على الركون والاستسلام لمشيئة فارضي الفراغ، كون حلفاء "الفارضين" لا ينبسون ببنت شفّة. ولا يحتجّون. ولا يظهرون أي امتعاض من هذا الفراغ الذي يدمِّر كل مقوَّمات الجمهوريّة الديموقراطيّة البرلمانيّة الوحيدة في هذه الصحراء الجرداء الواسعة الانتشار.
في غابر الأزمنة والأيّام كان "الخارج" يتدخَّل، ببعض الخَفَر، في اختيار الرئيس، ويرجِّح أحياناً مرشَّحاً على آخر لأسبابٍ تبقى "مجهولة". بل شبه ممنوعة من التداول والانتشار، لئلّا يترك تعميمها تأثيراً سلبيّاً على عهد الرئيس الجديد.
ولكن، لا شيء في السياسة يبقى مجهولاً أو غامضاً إلى الأبد.
الآن، لبنان في مأزق "جدّي" غير واضح المعالم والأبعاد. إنّما الظاهر للعيَّان أن إيران تتدخَّل في شؤون هذا اللبنان وهي مرتاحة البال، مطمئنة إلى أنّها مسنودة من حلفاء مخلصين لها. ولو على حساب لبنان، وتعريضه لمخاطر شتّى أبسطها فراغ في الرئاسة منذ عامين وثلاثة أشهر: تعطيل المؤسّسات الدستوريّة. وفي المقدّمة والطليعة مجلس النواب. و... والحكومة بصورة عامة ودائمة. شلل اقتصادي وانتاجي. توقُّف دورة الحياة الطبيعيَّة. جمود الدورة الاقتصادية وخمود حركة الأسواق التجاريةّ...
لم يعد ثمّة مجال للأسئلة، على نمط إلى أين؟ مثلاً. أو إلى متى؟ أو ما دور واشنطن المباشر في هذه الكارثة التي نزلت على لبنان؟
ولم يعد في إمكان الدول الكبرى أو الصغرى، ولا حتى الأصدقاء القدامى مثل فرنسا، القيام بأي خطوة.
حاولت الأم الحنون. حاول الفاتيكان. حاولت الروسيا. غير أن طهران لا تزال ماضية في قرار التعطيل، والتمسُّك بالفراغ الرئاسي، ممّا فرض الريبة والشكوك بالنسبة إلى معظم اللبنانيّين.
فالتدخُّل الإيراني الغريب العجيب لا يقترب من اختيار "الشخص" المرغوب فيه إيرانيّاً ليكون هو الرئيس. بل التركيز والثبات على التعطيل. على الفراغ الرئاسي. على القلق الذي يشمل كل اللبنانيّين. ويُساهم فيه أفرقاء من الداخل بكل وضوح وانشراح.
الأسئلة كثيرة. المخاوف متراكمة. الصمت المريب أميركيّاً يثير الدهشة، وفي الوقت ذاته يوقظ الشكوك المفتوحة على كل الاحتمالات.
هل ارتبط مصير الوضع في لبنان بالنتائج النهائيّة للوضع في سوريا والمنطقة؟ هنا علامة الاستفهام الكبرى.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم