الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بري يتصرف وكأنه العراب السياسي للمرحلة وحامي التركيبة فهل السبب قوته أم ضعف المكونات السياسية الأخرى ؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
A+ A-

في بعض كواليس السياسة المحلية وبالأخص المسيحية منها يدور منذ زمن كلام محوره ان الشخصية الاقوى في رأس هرم السلطة صارت منذ فترة رئيس مجلس النواب نبيه بري بلا منازع وانه مع مرور الوقت وطول عمر الوقائع والمعادلة السياسية الحالية يستمرىء دور "العراب" لهيكل النظام السياسي او بمعنى ادق ما تبقى من هيكل هذا النظام واقفا على رجليه يعاند رياح الداخل وعواصف الخارج وتحولاته في ان .


هذا الاستنتاج تعزز عند المهجوسين به خلال الايام القليلة التي سبقت جلسة مجلس الوزراء الاشكالية الاخيرة والايام التي اعقبت هذه الجلسة المهتزة على وقع مقاطعة وزراء "التيار الوطني الحر" وممثل حزب الطاشناق وموقف وزراء "حزب الله" اذ ان الحكومة بدت وكأنها صارت بحماية الرئيس بري الذي صار بمثابة حبل السرة الذي يرفدها بسبل البقاء ويحول دون دفعها الى التعطيل والشلل خصوصا ان سيد عين التينة صرف منذ ان بدا التيار البرتقالي حملة على الحكومة وقرر مقاطعتها جل اهتمامه للدفاع عنها وذم فكرة مقاطعتها او التوجه لاسقاطها والنيل من ميثاقيتها تحت عناوين شتى ، حتى بدا بري وفق بعض الاوساط اكثر حماسة للدفاع عن الحكومة من رئيسها تمام سلام ومن الفريق السياسي المحسوب عليه .
وأمر الدفاع عن الحكومة استأنفه بري بعيد انعقاد جلسة الحكومة وبالاجمال تفرغ بري خلال الايام العشرة الاخيرة لحماية حكومة المصلحة الوطنية وتوفير عناصر العصمة لها .
ومن البديهي ان ثمة من قرأ في حماسة بري اللافتة للحكومة المثقلة بالازمات والثغر ما يتعدى دافع الحرص على آخر مؤسسات النظام التي مابرحت تتنفس وتنبض بالحياة وما يتجاوز مسألة مناكفة التيار العوني بقدر ما هو سعي ضمني من رئيس المجلس لتكريس زعامته الابوية لنظام يترنح تحت وطأة ازمات وتناقضات متراكمة ويوشك ان يصير يتيما بعدما تسللت اليه تدريجا عناصر الوهن فضلا عن ضعف المكونات والقوى السياسية المتكوكبة حول هذا النظام مشكلة بالافتراض عموده الفقري .
لايخفي من هم في الدائرة المقربة من بري ان زعيمهم قد ثنيت له وسادة السلطة والريادة السياسية كما لم تثن من قبل لرئيس مجلس بل لزعيم سياسي حتى انه تبوأ سدة المرجعية التامة للطبقة السياسية على اختلاف مشاربها باعتراف الحلفاء و الخصوم على حد سواء وفي مقدمهم التيار البرتقالي الذي بادر في الاونة الاخيرة الى تجاوز الكثير من الاعتبارات لتفتح له ابواب عين التينة .
ويعزو هؤلاء ذلك الى عوامل عدة توفرت تباعا على مدى الاعوام السابقة وابرزها :
_ الشغور الرئاسي المستمر منذ اكثر من عامين وما تركه ذلك من تداعيات على تركيبة الحكم ومعادلات السلطة لاسيما مع غياب الرأس المسيحي الاول في الدولة .
- ان الواقع السياسي المعروف قد جعل "حزب الله" من جهة ورئيس "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط من جهة اخرى" يدوزنان" حركتهما السياسية الداخلية على الاقل على وقع توجهات بري او على الاقل وفق مسلمة الا تصل الامور الى فتح مواجهة معه في مكان ما .
- ان القوى المسيحية على اختلافها الحزبية منها والمستقلة تحرص كل الحرص على ابقاء جسور التواصل مفتوحة دوما مع عين التينة . فالرجل اضافة الى كونه ميزان اللعبة السياسية فان له مراكز قوى في داخل الادارة الرسمية ما يؤهله لتوفير خدمات .
- الى ذلك ثمة شعور لدى المحيطين ببري بان كل القوى السياسية من دون استثناء تطوي في داخلها ازمات ونقاط ضعف بدءاً من "حزب الله "المحتاج دوما الى من يرعى وضعه داخليا لينصرف الى مواجهاته الاكبر مرورا بجنبلاط الباحث عمن يشكل له شبكة امان واطمئنان وصولا الى الطيف المسيحي الذي عرف بعضه حده ووزنه فوقف عنده فيما اختار البعض الاخر ان يؤدي دور المشاكس الدائم ليثبت حضورا مفقودا .
_ في الاونة الاخيرة اضيف الى ذلك عنصر اخر تجلى في مظاهر الوهن والتأزم المتعددة الوجه التي اصابت تيار"المستقبل" وزعيمه سعد الحريري والتي نتجت بالاصل عن ابتعاده لاكثر من 5 اعوام عن الحكم وتعرقل عودته اي الحريري شخصيا الى الرئاسة الثالثة للشروع في تجربة سياسية تعيد بعضا مما فقده وتستدرك بعضا مما فاته .
ولم يعد خافيا ان بري التقط اشارات ذلك فعمل على طريقته الخاصة على اطلاق حملة تؤمن في خاتمة المطاف" حماية "معنوية للرئيس الحريري من قبيل قوله (اي بري ) ان لابديل عن الحريري وانه سيكون الى جانبه ظالما ام مظلوما او آتوني ببديل يؤمن تمثيلا صافيا لطائفته .
وبالطبع ثمة من وجد في ثنايا هذا الكلام غمزا من قناة خصمه اللدود الرئيس فؤاد السنيورة فان بري بذلك يوفر فرصة لجوء الحريري اليه لاسيما انه سبق لزعيم امل ان استدرج التيار الازرق الى طاولتي الحوار الوطني والثنائي مع ادراك التيار الضمني انهما لن ينتجا اي جديد يبدل في القناعات ويغير في المعادلات .
ولكن السؤال المطروح هو هل هذا الوضع الذي تسير رياحه في اتجاه ما تشتهيه سفن بري بكل سلاسة واريحية دائم غير قابل للتحول ام ماذا ؟
انها وفق اراء عدة لعبة موقتة ومحدودة ما دام بري يشكل في مرحلة انعدام الوزن الحالية نقطة تقاطع مصالح جميع القوى وما دامت التركيبة السياسية ومكوناتها بهذا المستوى من الضعف والضياع وفي مقدمها القوى المسيحية .
ومحدودة لان حدود مساحة تحرك بري واخذه المواقف مضمونة من دون ان يثيرذلك الحساسيات الكامنة لدى شريكه الشيعي وخطوطه الحمراء الداخلية والاستراتيجية بدليل ان بري وان بدا متحمسا لخيار النائب سليمان فرنجية رئيسا الا انه لم يمض قدما في هذا الخيار عندما وجد صدودا واستنكافا من "حزب الله ".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم