الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

3 نساء خطّطن للنيل منها منذ أكثر من سنتين... ماغي فرح تنجو من الموت

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
3 نساء خطّطن للنيل منها منذ أكثر من سنتين... ماغي فرح تنجو من الموت
3 نساء خطّطن للنيل منها منذ أكثر من سنتين... ماغي فرح تنجو من الموت
A+ A-

سنتان ونصف السنة، قلبت حياة الاعلامية ماغي فرح رأساً على عقب. ولم يكن للفلك أي تأثيرٍ على ما يجري. هي التي تكتب في كلّ سنةٍ نصائح على شكل حكمٍ في كتاب الأبراج الأشهر في الشرق الأوسط، آمنت بصدق عبارةٍ تقول إن "المعاملة الحسنة كفيلةٌ في بثّ مشاعر الثقة المتبادلة بين الناس". كيف لا، واذا كان هؤلاء يتقاسمون يومياتها وينامون واياها تحت سقفٍ واحد، رغم اختلاف العرق واللغة والعادات وطرائق العيش. لكن العبارة، محا التسليم لصحتها، وابل الحقيقة. ثلاث عاملاتٍ أجنبيات من التبعيّة الفيليبنية، أمّنتهم فرح على بيتها وممتلكاتها وفنجان قهوتها، فاذا بهنّ يخطّطن لحبسها في نومٍ عميق 17 ساعة، ثلاث مرّاتٍ في الأسبوع، بغية الهرب من المنزل واطلاق العنان لحياة الليل المجنونة. الرقص في المنتجعات، او ارتداء ملابس خليعة والخروج برفقة شبّانٍ غرباء، او على شاطئ البحر. لا فارق فيما كن يفعلنه. المهمّ أن رقم حظّ ماغي فرح غلبه سوء طالعها. فكانت ترقد في المساء بعد هدهدةٍ على شاكلة دواءٍ مطحونٍ للاعصاب. الوصفة سهلة التحضير. سرقة حبّةٍ من أدوية أحد أفراد عائلتها، الذي يعاني وضعاً صحياً خاصاً بعد اصابته بمرض السرطان الدماغي، طحن الحبّة طحناً ناعماً لتتحوّل الى رذاذ، من ثمّ تذويبها في فنجان القهوة. وتفضلّي "مدام". تغفو هي، فتبدأ حفلة الهرج والمرج. لكن كيف تكرّر هذا الفصل الأشبه بمشهدٍ درامي في قالب مسلسلٍ مكسيكي، حوالي ألف يوم متواصل من الموت البطيء، دون أن يدركه أحدٌ من أهالي المنزل؟


دلائل الحادثة بدأت تتكشّف يوم لاحظت فرح عدم انتظام حياتها اليومية، حيث باتت تشعر بالتعب والارهاق ولم تترك طبيباً الا وقصدته لمعرفة حقيقة ما تشكو منه. لكنها لم تتمكّن من اكتشاف المعضلة، خصوصاً ان آثار الحبوب لم تكن تظهر في فحص الدم. وهي تروي في حديثٍ لـ"النهار" تفاصيل القصّة مشيرةً الى أن "عاملتين أجنبيتين كانتا تعيشان معي في منزلي الواقع في منطقة الحازمية المكوّن من طبقتين، فيما كانت تقطن العاملة الثالثة مع والدتي في الأشرفية، علماً ان العاملات الثلاثة شقيقات. كن يتّفقن على الخروج في الليل بصحبة رجالٍ لا زالوا حتى هذه اللحظة مجهولي الهوية، فيضعن لي دواء مهدّئًا للأعصاب، بعد أن أدركوا الواقع المرضي لأحد أفراد عائلتي". وتضيف: "أقدمن أيضاً على نسخ عيّنة عن مفاتيح المنزل لتسهيل عملية خروجهن ثلاث مرّات في الاسبوع. كما اكتشفن رقم الخزنة السري في منزلي، ورحن يصرفن المال دون أن أعي شيئاً. لكني ما لبثت ان اكتشفت خبايا القصّة مصادفةً، بمساعدة عاملات اجنبيات على صلة بنا، أدركن حقيقة ما يفعلنه مواطناتهن، فأعلمنني بالموضوع. وعلى الفور استعنت بالقوى الامنية التي تولّت المسألة بعد اعتراف احدى العاملات بفعلتها".


"ألم تتنبهوا في المنزل الى تقلّص عدد حبوب الأدوية سريعاً؟"، تجيب أن العائلة كانت تشتري الأدوية "ستوكات" وبأعداد كبيرة، ما لم يكن يسمح بمعاينة عدد الحبوب المصروفة على أمدٍ قصير. وتعبّر عن المخاطر الصحية التي كانت تتعرّض لها، بعد أن تعثّرت وكسرت كتفها مرّةً، بسبب التخدير الذي كان يسيطر على أنحاء جسدها. كما أنها علمت لاحقاً أن هذا النوع من الدواء قد يسبّب سكتةً قلبية أو دماغية، وهي لا تلبث اليوم تخضع للفحوص الطبية اللازمة لمعرفة المضاعفات الجانبية التي فتكت بها نتيجة تناولها لتلك الأقراص لمدّة تجاوزت السنتين. وتشرح أن عاملين اثنين منعاها من الشكّ بمسؤولية العاملات الاجنبيات عمّا يحصل معها من تطوّرات صحية سلبية. الأوّل هو أنها كانت تعاملهن معاملة حسنة لغاية أنها كانت تضاعف أجورهن، وتعتقد أنهن سيبادلن معاملتها لهن بالمثل. والثاني هو غياب زوجها عن المنزل، بداعي السفر الطويل الى قطر، علماً أنهنّ تعرّضن له أيضاً، ووضعن قرصاً مهدّئاً في طعامه عند زيارته لبنان في عطلة.


لا تنفي فرح أنها فقدت كامل الثقة بالعاملات الأجنبيات وانها لن تسمح لعاملاتها الجدد، في حال استقدمتهن في فترةٍ لاحقة، من الخروج بمفردهن أو اعطائهن الفرص الشخصية. وتطلق نداءً عبر "النهار" الى الجمعيات المدافعة عن حقوق العمال الأجانب، تؤكّد فيه التعاطي السلبي والاجرامي لعددٍ لا يستهان به منهن مع المستخدمين اللبنانيين، موثّقةً اقوالها بتجارب عديدة مشابهة لتجربتها، سمعت بها عن تخديرٍ لأطفال لم يبلغوا سن الرشد. وتطرح تساؤلات حول عصاباتٍ عاملة على الأراضي اللبنانية، تستغلّ العاملات الاجنبيات لأغراضٍ مشبوهة. خصوصاً أن المواطنات الفيليبينيات، لم يُقدمن على فعلتهن بمفردهن، بل بمساعدة اطراف خارجية، هم على الأرجح الرجال الذين كانوا يخرجون بصحبتهن. وعن أسماء هؤلاء وهويّاتهم، تقول: "هناك اسماء وارقام هواتف خاصّة بالرجال الذين كانوا يصطحبونهن الى اماكن السهر. على أمل أن يكشف التحقيق المزيد من التفاصيل ويسوقهن الى العدالة".


لم تتوقّع الاعلامية اللبنانية ان تقع ضحيّة قصّةٍ أشبه بأفلام السينما، وان تكون هي البطلة الضحيّة، التي واجهت مكيدةً صنعتها لها ثلاث نساءٍ خالتهنّ هي مسكينات قدمن الى لبنان لكسب مظاهر العيش. هذه الحادثة، بصرف النظر عن فرديتها وعدم تحميلها نطاقاً أوسع من محيطها الشخصي، لكنها تطرح علامات استفهامٍ حول مجموعاتٍ لبنانية تستخدم العاملات الاجنبيات كطعمٍ لأغراضٍ جنونية. عشقت المواطنات الفيليبينيات حياة الصخب والسهر حتى ساعات الفجر بين الحانات الليلية والمقاهي. رأت في تلك المشهدية جديداً، رغم قتامته ومقته، لم تختبرنه في منزل ماغي فرح. كان أجدر بهنّ استحضار العبر والنصائح الحياتية من عباراتٍ حكيمة حرصت دوماً على تزيين كتاب أبراجها السنوي بها. علّهن بذلك لم يسرن في الطريق المظلم... ولم يعاكسهن كوكب الحقيقة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم