الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الكُرد وثنائي المعارضة والنظام!

جوان سوز- كاتب وصحافي كردي سوري
الكُرد وثنائي المعارضة والنظام!
الكُرد وثنائي المعارضة والنظام!
A+ A-

بإمكان أي كُردي في سوريا، أن يختصر حديثه عن جرائم النظام السوري بحق الكُرد في سوريا طوال عقود، بجملة واحدة أو بجملتين، وهما إّنه نظام ديكتاتوري قذر، أو إنه نظام مجرم بكل تأكيد، ليدرك المتلقي من تلقاء نفسه، ماذا فعل النظام السوري بالكُرد خلال العقود الماضية، لكن ترى كم يحتاج الكُردي من الوقت، ليتكلم عما تعرض له من انتهاكات من قبل معارضته خلال خمس سنوات من زمن الحرب السورية؟


مناسبة السؤال الوارد أعلاه هو الحديث عن معركة مدينةالحسكة بين المقاتلين الكرد وقوات النظام السوري وميلشياته، فالنظام السوري "هو جيش أبو شحاطة" بحسب إعلامي سوري يعمل في قطر، لكنه هو أيضاً "الجيش العربي السوري الّذي يتصدى للانفصاليين"، حين تكون معركته مع الكُرد. من خلال جولة سريعة على صفحات الفايسبوكيين من صبيان النظام السوري ومعارضيه المقيمين في باريس ولندن واسطنبول وعمّان والدوحة والرياض، نصل إلى نقطة تلاقي وحيدة بينهما، ألا وهي القضاء على الكُرد الخونة كما يصفونهم دائماً في دكاكينهم الثورية!


بكل تأكيد أي نقاش عن الكُرد في أوساط المعارضة السورية، غالباً ما ينتهي بالشتائم، كيف لا يكون ذلك والطرف العربي السوري، قرر أن يستوعب كلّ شيء باستثناء خصوصية المواطن الكُردي. فحين يتم الحديث عن اللغة الكردية، يعتبر العربي الّذي يرى في نفسه خصماً للكردي، أن اللغة الكردية هي من اللهجات السورية، طبعاً هذه ظاهرة أخرى شبيهة بظاهرة حزب البعث سابقاً، عندما كان يصرّ إن من عاش على أرض عربية، فهو عربي، وبهذه المقولة السابقة كان ينفي ويهمش ويقمع وجود جزء كُردستاني ملحق بالدولة السورية بعد اتفاقية سايكس بيكو، بينما اليوم، يتجاوز خطاب بعض المعارضين ظاهرة حزب البعث، عندما يؤكدون عدم وجود أي مناطق جغرافية كردية صافية في سوريا من دون أن يتكلموا عن عرب الغمر الّذين جلبهم -تاج رأسهم حافظ الأسد - بل ويضيفون في خطاباتهم تلك: كلنا سوريون!


طيب يا سيدي المعارض، "كلنا سوريون"، هل تسمح للكردي برفع علم كُردستان في مدنه؟ بالتأكيد، الجواب:لا. وبإمكان أي قارئ أن يعود لتصريحات كبار المعارضين السوريين من أمثال بسام جعارة وميشال كيلو وعبدالرزاق عيد وبرهان غليون وهيثم المالح ومعسّرة بكّور وغيرهم. هل تسمح للكُردي أن يدرس بلغته ويكتب بها؟ بالتأكيد أيضاً، الجواب: لا. فتصريحات أسعد الزعبي الّتي قالها على شاشة تلفزيون "الثورة السنيّة" (الأورينت)، إن الكرد في سوريا، كانوا يتمنون الحصول على ورقة تثبت أنهم "بني آدمين"، بمعنى أنهم كانوا حيوانات ولم يكونوا بشراً في إشارة منه للكرد المجردين من الجنسية السورية على يد معلمه "حافظ الأسد" أكبر دليل على رفضهم لكل ما هو كردي. ذات مرة قال لي مراهق ثورجي، الخائن هو الّذي يرفع علم غير علم الثورة، عندما قلت له إنه من حق الكرد أن يرفعوا راياتهم وأعلامهم كما ترفع المعارضة أعلامها. ناقشته ساعة من الوقت، لكنه لم يفقه من كلامي شيئاً، بل وشتمني وشتم المعارض لؤي حسين غيابياً حين تكلمت له عن حادثة العلم الشهيرة، عندما طالب الأخير برفع العلم السوري الرسمي في مؤتمر صحافي بحجة وجود موالين للنظام السوري يمثلهم ذاك العلم.


يقول المثل الشعبي: "أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب". يمكننا أن نحوّر هذا المثل إلى، "أنا على النظام، وأنا والنظام على الكُرد". هذا ما ينطبق تماماً على عبيد النظام السوري ومعارضيه من خلال ردود أفعالهم على معركة الحسكة بين الكُرد والنظام، فأحد المعارضين (الأشاوس) يطالب جيشمختار حي المالكي باستخدام كلّ الأسلحة ضد الكُرد. وهو معارض خمس نجوم، يعيش في القاهرة ويطالب النظام بارتكاب هذه الفظائع، فقط كي لا يقتطع الكُرد جزءاً من الأراضي العربية السورية على حد وصفه، بل ويتطاول في حديثه أكثر، ليقول إن كوباني هي (عين العرب وليست كوباني).كان على مذيعة "سكاي نيوز" عربية، أن تُخرس هذاالعنصري لا أن تشكره على الهواء مباشرة وهو يهين الشعب الكردي ويصفهم ببدو الفرس، لكن على ما يبدو إن العروبة تغلبت على الإساءة.


ما يجب أن يدركه المعارضون قبل الموالين ومن بينهما من الرماديين، إن المستحيلات السبعة، باتت ثمانية، وآخرها أن يعود الكُرد في سوريا لحدود ما قبل - ثورتهم المباركة - الثورة التي أشعلها شيخهم العرعور في استوديوات تلفزيون "صفا" ويتابعها المحيسنيوالجولاني في إدلب الآن، أو بصيغة أخرى ما هكذا تورد الإبل يا جماعة، فالكُرد، يعيشون على أرضهم التاريخية ومن حقهم الكتابة بلغتهم ورفع علمهم ومطالبتهم بتحرير كُرد تركيا وإيران من أنظمتهم الاستبدادية التي لا تختلف عنها المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري وكذلك النظام. الكُرد خونة بنظركم، لكنهم يحررون مناطقهم من إرهابكم!


المثير للقرف في كل ما يجري، هو ازدواجية بعض المعارضين حيال ما يحصل بمدينة الحسكة، فحين يصطاد إعلام النظام السوري أخطاءهم، يكون إعلاماً كاذباً، لكن حين يستهدف الكُرد في أخباره، فهو أصدق إعلام في العالم، والحقيقة ليس أكذب منه، سوى إعلام معارضيه. بالفعل، إن الكُرد يتعرضون لأسوأ حملة عسكرية وسياسية من ثنائي النظام والمعارضة الذي توحّد بأيادٍ تركية إيرانية معادية للقومية الكردية على حدٍ سواء.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم