الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

قضية همدان: طهران قدّمت أقصى ما لديها في الاكلاف السورية

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
قضية همدان: طهران قدّمت أقصى ما لديها في الاكلاف السورية
قضية همدان: طهران قدّمت أقصى ما لديها في الاكلاف السورية
A+ A-

تعتقد مصادر ديبوماسية ان ارباكا داخليا كبيرا عكسته المواقف الايرانية حيال السماح لروسيا باستخدام قاعدة همدان لانطلاق طائراتها في تنفيذ ضربات عسكرية في سوريا. هذا الارباك عبر عن نفسه نتيجة خلافات ظهرت الى العلن في الايام التي تلت استخدام روسيا لهذه القاعدة في 15 و16 من الشهر الجاري بحيث لم تمر عشرة ايام على هذا التطور من من دون بروز مواقف ايرانية مبررة على نحو يومي لهذه الخطوة ومحاولة شرحها في اطار بعد اقليمي دولي مفيد لايران لكن متناقضة ايضا. اذ بقدر ما برر مسؤولون ايرانيون كالامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي وممثل المرشد علي خامنئي علي شمخاني الامر بانه تعاون استراتيجي ويعبر عن تبادل القدرات وتم الدفاع عنه في وجه اعتراض برلماني رأى في منح روسيا قاعدة لطائراتها خرقا للمادة 146 من الدستور الايراني ثم ذهاب الناطق باسم الخارجية الى اعتبار المسألة انتهت عند هذا الحد، بقدر ما برز حجم الاعتراضات التي خلفتها هذه الخطوة والقى مزيدا من الاهتمام على واقع ايراني داخلي يتحدث عن اصطفافات ومتغيرات هي موضع متابعة على ضوء صراع بين المحافظين التقليديين والاصلاحيين. صحيح ان لاميركا قواعد عسكرية في دول عدة في المنطقة بموجب اتفاقات لا تعتبر انها تنتقص من سيادة الدول المعنية، الا ان المقاربة مختلفة بالنسبة الى ايران التي اتاحت لدولة اجنبية للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية استخدام اراضيها من اجل توجيه ضربات في دولة ثالثة في الوقت الذي يحظر الدستور الايراني اقامة اي نوع من القواعد العسكرية الاجنبية على الاراضي الايرانية. والاستعراض في الموقف الروسي الذي عبر عنه الرئيس فلاديمير بوتين بنشر وزارة الدفاع الروسية صورا عن طائرات توبوليف في القاعدة الايرانية بدا مبالغا فيه جدا واستفزازيا بالنسبة الى ايران التي لم ينفع مسؤوليها الكلام على جبهة واحدة ضد الارهاب ومحاربة التكفيريين فبدا الثمن مكلفا لايران في الوصول الى هذا الحد مع روسيا. ومن غير المرجح ان يتمكن بوتين من استخدام الورقة التي اتيح له استخدامها ثم تم توقيفها في عملية تعزيز اوراقه امام الولايات المتحدة استباقا لوصول الرئيس الجديد للولايات المتحدة والذي يرجح ان تكون هيلاري كلينتون.


في المقابل، يعتبر مراقبون ان ثمة قراءة معبرة اكثر عن الواقع الايراني على ضوء هذه التطورات الاخيرة. هذه القراءة تلفت الى ان خيارات ايران مجددا باللجوء الى روسيا بعد المعلومات التي تحدثت عن توجه ايران العام الماضي في مثل هذا التوقيت الى موسكو للتدخل من اجل منع انهيار بشار الاسد انما تعبر عن جملة امور قد يكون اهمها: ان ايران ومع فشل الهجوم الاخير على حلب تلجأ الى خيارات تحول دون غرقها او تساهم في الحد من خسارتها في سوريا عبر تقديمها تسهيلات مغرية لروسيا توفر عليها تكاليف انتقال طائراتها لمسافة بعيدة او تعجز قاعدة حميميم السورية عن توفير البنية التحتية اللازمة لها. وبغض النظر عن الاسباب المباشرة لذلك، فان الانطباعات التي تتركها مهمة ويصعب دحضها. اذ ان بعض المراقبين يعتقدون ان ايران قد تكون اعطت اقصى ما يمكن وليس لجوءها سابقا الى روسيا للمساعدة او اتاحة قاعدة همدان امام روسيا الا تعبير عن عدم قدرة او رغبة طهران في ان تتحمل اكثر مما تحملت في سوريا تحت وطأة المخاطرة بخسارة اكبر. ليس واضحا بالنسبة الى هؤلاء المراقبين اذا كانت ايران قد باتت مدركة ان سوريا كورقة كاملة تحكمت بها في زمن بشار الاسد لن تعود اليها لتتحكم بها كما كانت تفعل على غير ما كان الواقع ايام الرئيس حافظ الاسد علما انها ستسعى الى المحافظة على حجم اكبر من النفوذ. وايران وفق السجال الداخلي الذي ظهر الى العلن حول اعطاء روسيا المجال لاستخدام قاعدة عسكرية يظهر ايضا انها وعلى رغم حاجتها الى روسيا لا يمكنها اعطاء مزيد وهي وصلت الى الخط الاحمر في ظل المخاطرة بارباك الوضع الايراني الداخلي، علما ان هناك فارقا اساسيا بين واقع روسيا وواقع ايران في الموضوع السوري. فروسيا حققت الكثير منذ تدخلها في سوريا قبل سنة تماما ويمكنها في اي وقت الاكتفاء بما حققته والبقاء في المنطقة الساحلية السورية مع اتفاق عقدته مع النظام السوري اين منها الاتفاقات التي ربطت سوريا لبنان في زمن وصايتها عليه. في حين ان ايران تقوي موقعها بالتدخل الروسي من اجل انقاذ ما يمكنها انقاذه.
ثمة من يعتقد ان تحذير الولايات المتحدة من خرق ايران وروسيا القرار2231 الصادر عن مجلس الامن وامكان مخاطرة ايران بفرصة رأب الصدع مع الغرب هو الذي دفع الخارجية الايرانية الى محاولة تصحيح موقف من المحتمل ان يترك اثرا سلبيا على ايران على رغم رفده طهران بتعاون استراتيجي تاريخي من شأنه ان يوجه رسائل الى الولايات المتحدة وسواها ويمد ايران ببعد دولي. لكن ثمة انكشافا في الوقت نفسه في الموقف الايراني ينقض مواقع قوة اعتدت بها ايران كقوة اكثر من اقليمية وهي غارقة في وحول ازمة سورية على رغم رميها خصومها في المملكة السعودية بتبعة الغرق في وحول ازمة اليمن وعدم القدرة على الحد من الخسائر. ففي مرحلة اولى كانت قوة الرئيس السوري ونظامه التي "لا تقهر" ثم قوة ايران الى جانبه التي لا تقهر ولاحقا قوة النظام وايران وروسيا التي لا تقهر.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم