الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كلام المشنوق غير المسبوق عن "سرايا الاحتلال" هل يفتح أبواب المواجهة مع "حزب الله" ؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
كلام المشنوق غير المسبوق عن "سرايا الاحتلال" هل يفتح أبواب المواجهة مع "حزب الله" ؟
كلام المشنوق غير المسبوق عن "سرايا الاحتلال" هل يفتح أبواب المواجهة مع "حزب الله" ؟
A+ A-

عندما ظهر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في اواخر الاسبوع الماضي ليطلق من خارج كل السياقات والاحتمالات هجومه الحاد على "سرايا المقاومة"، سرت على الفور موجة تكهنات عن ابعاد هذا الكلام وخلفياته وما يمكن ان يليه من جهة، وموجة تساؤلات عما اذا كان "تيار المستقبل" قد اتخذ قرارا بفتح ابواب مواجهة سياسية – اعلامية مع "حزب الله" من جهة اخرى، في استعادة بيّنة لبعض فصول الزمن الماضي والمواجهات الحامية بين الطرفين والتي فعلت فعلها في الاجتماع السياسي اللبناني، الى درجة ان سمة تلك الايام الخوالي هي الاشتباك بينهما.


ليس خافياً بالنسبة الى دوائر في "حزب الله" ان المشنوق استخدم وصفاً غير مسبوق للسرايا المحسوبة على الحزب، لاسيما عندما اطلق عليها صفة "سرايا الاحتلال"، فهو من جهة تصعيد لوصف سبق لرموز "التيار الازرق" ان استخدموه للنيل من هذه السرايا، وهو وصف "سرايا الفتنة"، ولفتح اوسع ابواب المواجهة مع الحزب على كل الصعد من جهة اخرى.
وعليه فان الانطباع الاول الذي تكوّن لدى هذه الدوائر، هو ان الرجل قد دُفِع دفعاً الى إصدار هذا الموقف واطلاق هذا الوصف المنطوي على "عدوانية" وذلك خدمة لغاية اساسية وغايات فرعية.
الغاية الاساسية العاجلة هي التغطية على "عملية الانسحاب" التي نظمها "التيار الازرق" للتحلل من موجبات مبادرة ظهرت بوادرها بالاصل من جانب التيار نفسه لحظة شرع في حوار متجدد مع "التيار الوطني الحر" تحت عنوان البحث عن تفاهم رئاسي يوصل العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، ولحظة وجه سؤالا محددا الى قيادة "حزب الله" فحواه: ماذا تقدمون لنا في مقابل تسهيل وصول مرشحكم الحصري للرئاسة الاولى؟ وهو السؤال الذي بادر الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى الرد عليه في مهرجان بنت جبيل الاخير والمنطوي على القبول المعلن بعودة الرئيس سعد الحريري مجددا الى السرايا الحكومية. وعليه يكون كلام المشنوق بمثابة قنبلة دخانية اطلقها نيابة عن التيار بغية التغطية على الانسحاب من ميدان البحث عن انتاج تفاهم يفضي الى حل ازمة الحكم والرئاسة المستمرة منذ اكثر من عامين.
واستطرادا، ووفق الدوائر عينها، وبصرف النظر عما اذا كان المشنوق قد اقدم على ما اقدم عليه بوحي من الرئيس الحريري نفسه، لاسيما أنه لم يجد التأييد اللازم والتشجيع المطلوب لمبادرته، او بتوجيه من صقور التيار المعارضين بشدة لتفاهم يفتح ابواب قصر بعبدا امام عون، فان اختيار المشنوق حصراً لاداء هذه المهمة هو اختيار مدروس له دلالاته وأبعاده، خصوصا انه سبق لوزير الداخلية ان ادى مهمة مماثلة وشن هجوما مباغتا على الحزب. فالمشنوق يعرف انه من روّاد فتح جسور العلاقة الموصدة مع الحزب ومن الدعاة الى يوم تُرسى فيه اسس تفاهم وشركة سياسية معه. ومعلوم ايضا انه من مهندسي العلاقة مع الحزب والذهاب بعيدا في هذا الخيار الى درجة انه تحمّل مسؤولية إجلاس المسؤول الامني الابرز في الحزب وفيق صفا الى جانب القادة الامنيين في اجتماع عقد برئاسته في مقر الداخلية ذات يوم، وهو مشهد لم يبرح مخيلة خصومه واصدقائه على السواء.
انطلاقا مما سبق، فان اختيار المشنوق لهذه المهمة ينطوي على جملة ايحاءات فرعية اخرى، منها ان "التيار الازرق" ليس في وضع الضعيف المتهالك على تسوية تتيح له القبض على زمام سلطة او حكومة، وانه رغم كل ما اعتراه ما برح قادراً على خوض غمار المواجهة مع الطرف الاقوى في جبهة الخصوم، خصوصا بعدما سرت موجة من الاحساس المضمر بالاحباط في جمهور"المستقبل" انطلاقا من ان رد السيد نصرالله على سؤال التيار انطوى على نوع من الفوقية، وبدا الاخير في وضع المستجدي لدور ومنصب. وهكذا شاء المشنوق من خلال كلامه ان يتنكب مهمة اعادة شد عصب "التيار الازرق" جمهوراً وقيادة ،لاسيما وقد سرت في الاوساط الاعلامية اخيرا معلومات عن فحوى النقاش والتعارضات الحادة داخل "كتلة المستقبل" النيابية حيال مسألة ايجاد تسوية لأزمة الرئاسة والحكم بين فريق يدعو الى القبول بالعماد عون رئيساً دفعاً ليوم يضطر فيه التيار الى القبول بخيار اكثر مرارة ، وفريق رافض لذلك.
واذا كانت تلك رؤية لابعاد كلام المشنوق الفاتح لابواب المواجهة، فان السؤال: ما هي ردة فعل قيادة الحزب على هذا التصرف المفاجىء؟ وكيف يستعد للتعامل مع هذا العنصر المستجد؟
ثمة من يشير الى ان المعنيين في الحزب لم يقاربوا الفعل الذي اطلقه المشنوق على اساس انه إيذان جدي برغبة تعتمل لدى "المستقبل" لفتح محاور وخطوط تماس سياسية مع الحزب، او صرم حبل الحوار المفتوح بينه وبين الحزب منذ اكثر من عام، وبالعموم ليس استعداداً لمرحلة اخرى من المناكفة. والدليل على ذلك ان "المستقبل" اكتفى بكلام المشنوق وأغلق الابواب امام السجالات المحتملة، حتى ان"فرقة الصدم" في التيار عزفت عن الكلام المباح. وعليه فان القراءة السريعة لكلام المشنوق تشي بانه يريد طي صفحة مرحلة الحوار الخفي حول الرئاسة وكأن شيئا لم يكن ولكن ليس على اساس فتح صفحة مواجهة وتصعيد وتوتير.
الى ذلك، فان الحزب يبدو على ثقة بان "المستقبل" لا يملك القدرة والعزيمة على اعادة احياء مناخات جولات المواجهة السابقة، فوضعه الداخلي المعروف لا يسمح له بذلك، ثم ان ظروف المواجهة السابقة تبدلت، خصوصا ان التيار بات شبه وحيد بعد انفراط عقد المحور الداخلي الذي دأب على التحصن به، فضلا عن ان الرياح الاقليمية عصفت برهانات عدة.
وعليه لم يتكلف الحزب عناء الرد المباشر على كلام المشنوق ومساجلته، فهو يقيم على ثقة بان المشنوق لن يتخلف عن حضور الجلسة المقبلة للحوار الثنائي التي من المقرر ان تلتئم في موعدها، وانه سيتجاهل الكلام الذي اطلقه إن لم يقل كلاما مختلفا، مما يثبت ان التيار ليس في وارد التصعيد من جهة ولا في وارد الخروج من طاولة الحوار الثنائي من جهة اخرى على غرار ما هو توجه الحزب.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم