الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

يا الله شو حلوين... و"تفو علينا"

المصدر: "النهار"
لور غريّب
يا الله شو حلوين... و"تفو علينا"
يا الله شو حلوين... و"تفو علينا"
A+ A-

قرأت هذه الصباح خبراً يفرفح القلب، ختيار وختيارة يحبّان بعضهما على شاطئ البحر عند الفجر، تماماً كما يفعل من خرج لتوّه من عمر الطفولة ليصبح فرخ رجل وفرخ صبية. يتبادلان التعارف الجسدي بعصبية وشيء من الرهبة وكثير من عدم معرفة ماذا يأتي قبل أو بعد أول تلاقي بمفردهما.
لماذا يجب ان يتدخل سلاح داموكليس فوق رأس لذّة التلاقي منذ زمن بعيد، وها هو يجابه الشوق لاستعادة ايام الصبا، من دون ان ينجح في كبح جماح المشاعر التي تجتاز كل كيانه في لحظة تشبه لقاء الآلهة؟
ألا يوجد في قلوب الشهود شيء من التفاعل والابتسامة والتسليم لإرادة جامحة تفرض التلاقي رغم كل الاعتبارات، لأن للجسد متطلبات ورغبات تخرج عن سيطرة الاعتبارات المسلكية والاجتماعية والاخلاقية المتحجّرة والشبيهة بتصرف الغستابو ايام هتلر في الاربعينات.
يا عمّي عيب بقا.
الناس عم بتموت على الطرقات.
الناس عم بتقتل بعضها بحجج مقبولة او مرفوضة.
الناس عم بتحارب بعضها بسبب او بدون سبب.
لماذا لا "تفكّون عن ظهر" الذين لا يزالون يركضون وراء أحلامهم، علّها تطوّل عمرهم قليلاً وتمنحهم سعادة، كان هذان الشيخان يُعِدّان كفنيهما كما كانت العادة ايام جدتي وجدتهما.
وهل احلى من جدّ وجدّة يعيدان لحظات حميمة، تعيدهما الى ايامٍ تُذكِّرهما بتجربتهما الاولى سعيدة كانت أو مخيّبة لأحدهما ذات يوم!
هل كانا في لحظة حماوة في الحركات، فطغت عليهما لحظة القدر وتركتهما ضحتَي الرغبة الجامحة للالتصاق أحدهما بالآخر، علّهما يستعيدان، ولو لثانية، ما عرفاه منفصلَين منذ اكثر من خمسين سنة ؟
بِرَبِّكك هل وجدْتَ المدينة الفاضلة في البلدان العربية، لدرجة انه لم يعد هناك عمل لرجال الامن سوى ملاحقة الاوادم؟ وهل هناك احد يستطيع ان يفسّر لي مدى عظمة هذه الجريمة التي ارتكبها هذان "الإنسانان" صباحا على شاطئ بحر فارغ حتى من الموج، والصمت يحتل الفضاء والارض والسماء، فلم تتدخل الحياة الخارجية بلقاء حبيبين يتعانقان، ناسِيَين عمرهما وارتباطاتهما العائلية ومركزهما وشرفهما العاقل وفقا لعمرهما، وأرادا او بالاحرى استسلما لمشاعر لم ينجحا في كبتها، فوقعا في فخ الآخرين الذين لا يعرفون ان آدم وحواء فعلا قبلهما ما كانا يتهيّئان ربما للقيام به!
أُوقِفا رغم سنّهما. ولو كنتُ في هذه اللحظة مكان العناصر الامنية لأخفيت "خطيئتهما الجسدية" لأنّهما يُمثِّلان ديمومة الحياة في عروق من يعرف قيمة الحياة.
فمرحبا بكما وبأمثالكما، عمر بن حماد وفاطمة النجار، فأنتما خرجتما من حبس التقاليد البالية التي لا تزال تتحكّم بالكثير من حياتنا في بحر من الشعوب المتخلِّفة التي لا تزال تُبيح جرائم الشرف وكل ما يجري باسمها، من قتلٍ ورجمٍ وكبتٍ وتحايلٍ وتحاملٍ يقع تحت رحمتها الاشخاص الذين يحاولون الخروج عن قواعدها.
رضخا لرغبة جامحة أوصلتهما الى النَّظارة.
"تفوه علينا" لأنّنا شعب متخلّف.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم