الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

حضرة المسؤولين هل انتم منشغلون بمستقبل لبنان واللبنانيين؟

مروان اسكندر
مروان اسكندر
A+ A-

الجواب بالتأكيد كلا، والبرهان الاسطع يتضح من المعلومات الآتية:


افسحت قبرص في مجال التعاقد مع شركات نفطية للتنقيب عن النفط والغاز في مياهها الاقليمية، وقد حصلت على عروض شركات مهمة للبحث في ثلاث مناطق بحرية مرقمة 6، 8، و10. ومن الشركات المشاركة في المناقصة Exxon Mobil كبرى شركات النفط الأميركية في العالم، Statoil الشركة النروجية الحكومية ونروج بلد مصدر للغاز المسيل، Total الشركة الفرنسية التي تركز اهتمامها على توسيع دورها في تجارة الغاز، ENI الشركة الايطالية التي تولي الغاز اهتماماً كبيراً وتعمل حالياً على التعجيل في انتاج حقل الزهر في المياه الاقليمية المصرية الذي اكتشفته في أيلول 2015، وشركة قطر للنفط التي هي شركة حكومية. كما شاركت في المناقصة شركة اسرائيلية واخرى أوسترالية. جدير بالملاحظة ان الشركات الكبرى التي تقدمت للمناقصة كانت في ما بينها مشاركات، في حين أن الاصطفاف للمشاركة في لبنان يشمل شركات صغرى مع شركات كبرى.
عام 2011 اكتشف حقل افروديت Aphrodite في المياه الاقليمية القبرصية وظهر ان احتياطه يبلغ 8 تريليون قدم مكعب أي ما يكفي حاجات قبرص من الغاز لتوليد الكهرباء مدى 50 سنة.
لننظر الى لبنان والى العجز البارز لدى الحكم والحكام.
العجز الاكبر في بنود الموازنة اللبنانية يعود الى حاجات ضبط العجز في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان، وهذا العجز يعود في المقام الاول الى كلفة استيراد المازوت، التي كانت ولا تزال غالبة، علماً باننا استوردنا الغاز لدير عمار خلال فترة قصيرة من مصر، ومن بعد توقف الاستيراد لان مصر بدأت تعاني عجزاً. وسوريا تمنعت عن ضخ الغاز عبر الخط الممتد من مصر والاردن الى سوريا ولبنان عندما تذرعت في حزيران 2005 بانها تحتاج الى الغاز لحاجاتها.
لقد حازت مؤسسة كهرباء لبنان من جيوب المواطنين ومن العجز المتراكم منذ عام 1997 وحتى الفصل الاول من 2016 مبالغ وازت 17.850 مليار دولار (سبعة عشر ملياراً وثمانمئة وخمسين مليون دولار). واذا احتسبنا ان هذا العجز لحق به الفوائد التي ندفعها عن ديون الخزينة بمعدل 6 في المئة على الاقل، نكون قد تحملنا نحو 8 مليارات دولار من الفوائد، وتالياً كلفنا عجز الكهرباء، حضرة الحكام، منذ 1997، 26 مليار دولار، فكفى متاجرة بما يسميه البعض فضيحة الـ11 مليار دولار.
ثم لننظر الى خبرة بلدان أخرى قريبة من لبنان، والى المبادرات التي حققتها قبل ان نغوص في التفاصيل.
مصر كانت البلد الثاني في منطقة شمال افريقيا بعد الجزائر من حيث حجم صادراتها من الغاز المسيل، كما كانت تصدر الغاز في خطين الى اسرائيل من جهة، ثم بعد الى الاردن وسوريا ولبنان. لكن صادرات الغاز المسيل توقفت لان الانتاج تدنى لسوء ادارة الحقول البرية بصورة خاصة، وارتفاع الاستهلاك الداخلي بشدة، وألغي التصدير الى اسرائيل بسبب انخفاض الاسعار المتعاقد عليها وفي الوقت ذاته تعرض خط التصدير لاعمال تخريبية متتالية. وحققت اسرائيل حققت اكتشافات مهمة من الغاز منذ عام 1999 وتوجت اكتشافاتها باكتشاف حقل Leviathan العملاق (18 تريليون متر مكعب) عام 2010، وهي اليوم تسعى الى انجاز عقود تصدير للغاز المسيل خلال سنتين الى سنوات.
ومصر التي عانت انقطاع الكهرباء، نظراً الى ان محطاتها تعمل بصورة رئيسية على الغاز، عقدت اتفاقين لاستئجار بواخر تستطيع استقبال الغاز المسيل، وتحويله الى غاز للاستعمال في محطات الكهرباء أو الصناعة. ومصر بدأت محادثات لاستئجار باخرة ثالثة كهذه بحيث تستطيع تأمين كل حاجاتها في انتظار انتاج الحقل المكتشف في أيلول 2015، وبعد تطوير هذا الحقل الضخم والذي تعهدت شركتا ENI وSaipam الايطاليتان توفير 6 مليارات دولار لتطويره، لن يكون كافياً لكفاية حاجات مصر المتعاظمة.
أضف أن مصر التي كانت تحظى بموقع متقدم في انتاج الغاز وتسييله وتصديره والتي حققت اكتشافات كبيرة في مياهها الاقليمية، وجدت من الضروري التعاقد على استيراد الغاز المسيل واستقباله ببواخر معدة لتحويله الى غاز طبيعي للاستعمال، وكل ذلك بهدف منع استهلاك المعونات المالية الخليجية لإطفاء عجز الكهرباء. وتشكو مصر من تدني واردات السياحة لاسباب سياسية وتفجيرات ارهابية كما تعاني ضغوطاً لكفاية الحاجات المعيشية.
الاردن البلد الصغير نسبياً والذي يتحمل عبء المهجرين السوريين كما لبنان، احتاج لتعويض خسارته مستوردات الغاز المصري، الى تجهيز نفسه بباخرة لاستقبال الغاز المسيل وحصل على قرض لهذا الغرض من الصندوق الكويتي وباشر استقبال الغاز المسيل منذ عام 2015 ولا يشكو من انقطاع الكهرباء وهو لا من تعاظم دينه الى المستوى الذي بلغه لبنان. ومصدر الغاز المسيل للاردن هو قطر التي كانت عرضت على لبنان تزويده حاجاته من الغاز منذ عام 2005 وابتعدت عن هذا الالتزام لكثرة الوسطاء. واليوم تبحث قطر عن اسواق للغاز المسيل لان اليابان خفضت مستورداتها من الغاز المسيل القطري ما لم تخفض الاسعار بنسبة 50 في المئة.
في المقابل، ماذا فعل لبنان، بل ماذا قرر المسؤولون في لبنان، وزراء ونواباً، بالنسبة الى معضلة الكهرباء، واستعمال الغاز في انتاجها لتحقيق الوفورات ومنافع البيئة".
منذ عام 2013 ودراسات الاعماق متوافرة، وعلى عاتق الشركات المختصة التي أنجزت الدراسات المعنية، ومناطق الاستكشاف مرسومة ومحددة، وامكانات كل منطقة معروفة، ومع ذلك فإن الخلافات السياسية تحول دون تحريك موضوع اتفاقات البحث والتنقيب جدياً، واسعار النفط والغاز انخفضت بما بين 40 و50 في المئة بحيث باتت الرغبة في البحث والتنقيب اخف مما كانت، وان هي على ما يبدو لا تزال قائمة، فهذه قبرص تستقطب عدداً من الشركات العالمية والاقليمية للبحث والتنقيب في مياهها.
والانكى من كل ذلك ان وزارة الطاقة اقترحت استئجار بواخر لاستقبال الغاز المسيل واستعماله لانتاج الطاقة في انتظار توافر الغاز من الاكتشافات المرتقبة، ولم تكن ثمة استجابة للاقتراح. وكل ذلك يعود الى اهمال المسؤولين للشأن العام، واعتبارات العجز، وصحة الناس، حيث ان استعمال الغاز في انتاج الكهرباء اقل تلويثاً للبيئة من الفيول أويل الاكثر تلويثاً، والمازوت الذي هو مادة ملوثة وان بنسبة أقل من الفيول، انما أكثر بكثير من الغاز.
ماذا كان تأثير اغفال حاجات لبنان من الغاز وتوفير الكهرباء للبنانيين؟ انتشار المولدات الخاصة الصغيرة والكبيرة نسبياً بحيث باتت طاقة هذه توازي 1500 ميغاوات أي ما يساوي طاقة الانتاج المتوافرة من المعامل القائمة والبواخر المستأجرة، أو يضعفها خلال فترات التعطيل التقني وخسارة اللبنانيين وازت سنوياً خلال السنوات الاربع المنصرمة مليار دولار سنوياً أو أربعة مليارات دولار خلال فترة السنوات الاربع، وهذه الخسارة لا تشمل عجز مؤسسة كهرباء لبنان الذي بلغ خلال الفترة نفسها خمسة مليارات دولار.
ايها السادة، انتم المسؤولون عن تعجيز لبنان، وعن اقفال فرص العمل في وجه الشباب اللبناني، وانتم غافلون أيضاً عن كوارث البيئة، ويبدو اننا على مشارف ازمة نفايات أخرى.
استفيقوا على كوارث اهمالكم، ولا تدعوا انكم تمثلون اللبنانيين من المواطنين العاملين بكد وجهد على كفاية حاجات عائلاتهم.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم