الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

شيوخ؟

حياة ابو فاضل
A+ A-

شيوخ طوائف يا أبناء "الطائف"؟ هذا ما كان ينقص التركيبة اللبنانيّة لإظهار صورتنا المتخلّفة ليس عن المجتمعات العربية التي ما خرجت من ظلام الأمس، إنّما متخلّفة عن فكر نخبوي عالمي، بعيداً من السياسة والحروب والسعي للسيطرة على شعوب الكوكب وكنوزه. وبعيداً من "العمارة" الدينيّة التي أدّت بكل فصولها مع تشعّباتها إلى معظم حروب الإنسان على الإنسان منذ آلاف السنين.. وقد أكّدت تعاليم الأديان السماويّة على خالق واحد محب، رحيم، إنّما مهمّته محاكمة الإنسان عندما يقابله بعد أن يغادر الأرض إلى مجهول يثير الرعب، حيث الحساب يكاد يكون إرهاباً. وإذا ظهر خيال رأفة في جلسة الأخذ والرد، جاءت الرأفة تناقض وعيداً سابقاً ممّا أدّى بعد مئات سنين حيرة ولا اطمئنان إلى مجتمعات بشريّة غذاؤها الخوف من المجهول، ومن الخوف كان الإرهاب المدمّر الذي يعانيه إنسان اليوم.


وتختبئون يا أهل الحكم عندنا، يا أهل الفشل في بناء دولة متماسكة، بعد صولاتكم داخل خنادق حروب أهليّة، مذهبيّة، هدمت لبنان، ثم افلستموه لتعيدوا بناءه... تختبئون يا أهل الحكم داخل سطور دستور "طائف" لا استوعبتموه ولا تريدون حتى قراءة ما بين سطوره، بل تقفزون الى بعض بنوده كلّما ضاقت بكم دروب هرب من قعر بلغتموه، واستقررتم داخله عاجزين عن الإفلات من قبضته، ذاك ان زادكم الفكري لا يؤهّلكم لاستقلاليّة مُطلق قرار، ولم يعد هناك من يملي عليكم برامج عمل تنفذونها وترتاحون.
وما حمله دستور الطائف لا يطمئن يا سادة، فبعد ربع قرن سير على خطاه، لبنان اليوم مذهبي بامتياز، مؤسّساته منهارة تماماً، نوابه ووزراؤه باتوا خارج شرعية البناء المؤسّساتي للأوطان، وهو بلا رأس يدير شؤونه، أو لا يدير. واقتصاده منهار صناعيّاً وزراعيّاً وسياحياً، بلا كهرباء، بلا قوانين وأهمها قانون ايجار واضح. دينه كبير وخدمة دينه هائلة، تضاف إليها مصاريف محكمة دولية خاصة. أمّا بيئيّاً فلبنان ملوّت الهواء والماء والتراب، والنفايات تغطّي كل وجهه بفضلكم يا أهل الثراء الباطل، وتُريدون إضافة عبء صناديق فارغة لمجلس شيوخ مذهبي على شعب كفر بكم وبالوطن؟
لا يشفع بكم ابتكار حلّ قديم لمأزقنا يا ببغاوات الخارج. حتى أوروبا تريد اقفال أبواب مجالس شيوخها، فما عاد نبضها يصل عروق إنسان يطمح إلى فهم متطوّر لأبعاد الحياة. وحتى لو أبدلتم كلمة "شيوخ" بـ"حكماء" نطمئنكم الى أن ما مرّ بتاريخ لبنان الحديث منذ الاستقلال سوى انطون سعادة وكمال جنبلاط، "حكيمين" لم يؤثّرا أبداً في تغيير الأداء اللبناني المفلس السياسي... إنّما تركا بصمة وجدانيّة في بعض نفوس سائرة على طريق التطوّر الإنساني. واغتيلا، فمجتمع الجهل والكذب والمواربة لا يحتمل الضوء.
لا نريد مجلس شيوخ وطائفيّة "طائف" لا بدّ أن يلفظهما زمن آتٍ مهما تأخّر.
كم يطول الزمن بين فعل التوبة ونعمة الغفران؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم