الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

صَمَمْ

حياة ابو فاضل
A+ A-

لن تصل كلماتكم يا أهل الرفض الكرام الى من بهم صمم، أهل حكم في زمن انفصام. لن يجيبوا عن اعتراضكم ولن يلبّوا امنياتكم، فحكامنا أركان عصر انحطاط نشهد كلنا عليه وقد بدأ من زمان بعيد، أبعد حتى من زمن الامير فخر الدين الثاني الكبير والامير بشير الشهابي، حيث لبنان "لعبة" تتقلص وتتمدد والقرار كالعادة يأتي من البعيد. ثم مُنح استقلالاً زائفاً فرنسياً، ودستوراً فكك أهل المكان الى مجموعات مذهبية تتعايش الى الأبد، ويشترك زعماؤها في نهب مقدرات الوطن طوال ما يقرب القرن حتى أفلس من كل شيء ابتداء وانتهاء بالاخلاق... وأصيب من أصيب بالصمم الذي أدى الى فقدان الضمير، الأساس في بناء الدولة – الوطن: إطار الحياة التي من أجلها الأرض والانسان.


من سنين وشوارع بيروت تمتلئ بكل فئات المواطنين المطالبين بحقوق استحقوها أيضاً قبل سنين وما نالوها حتى الساعة. والمثير للاشمئزاز أن أهل التسلّط لا يتنازلون عن عروشهم التنكية ليقولوا للشعب: نحن نهبنا الدولة ولم نبق لكم شيئاً. وآخر طلب للشعب قانون انتخاب جديد يعتمد النسبية وغاب عنهم ان يطلبوا من النواب والوزراء الامتناع عن العودة الى مقاعد الحكم والى الارتكاب، والى شعار يوحّد الحكام والأحزاب والتيارات: "أنا"، شعار عقيم، أناني، كشف كم أن لبنان الوطن – الدولة "لعبة".
هو لعبة بيد الغرب وبيد بعض الاشقاء العرب الذين اغتصبوه على مرّ تاريخه الحديث، وتاريخه يشهد على تسلطهم المتعجرف أمام ساجدين لمن يمننهم بترياق الحياة. واللبنانيون واعون تماماً كيف قضت ذيول الحرب الأهلية على خصوصية تركيبة لبنان، حتى صار المكان مزبلة كبيرة ولها تجّارها، وكيف تلوّثت مياهه وهواؤه، وكيف تدهور اقتصاده، فلا زراعة مزدهرة، ولا صناعة ولا حتى سياحة راقية، نظيفة قائمة على جمال ونقاء طاقة الطبيعة التي بدورها تسممت لما قطعت اشجار الجبال والغابات لترتفع جدران مكبوتة الروح والأبعاد.
واليوم ماذا نريد؟ دولة علمانية لا تفككها المذاهب علماً أن عصر الانحطاط الشامل كل مساحات الأرض يضيء على ما مرّ به الانسان مدى قرون غزو وحروب دينية وأهلية وعالمية غايتها السيطرة على ثروات الكوكب. ومهما كان الثمن باهظاً سيتعلّم الانسان كيف يبدّل أهدافه فيبلغ جوهر الحياة، فلا تعود المادة سيدة الانسان، توأم الحرية، الذي لا حدود لعطشه الى المعرفة. ومن قلب الدمار الذي ينفّذه إرهاب الدولة الاسلامية اليوم "إرهاب" أطلق حراكه غرب ونخبة من اشقاء عرب، وكلهم يأتمرون بفكر صهيوني ينفّذ مراحل تغذي عصر انحطاط طال، وسيطول بعد ما دام الانسان عالقاً بين كفّة المفاخرة بالانتصار وكفّة الشماتة بالهزيمة اثناء سمفونية الدمار.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم