الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

إيجابية "ثلاثية" بري

علي حماده
إيجابية "ثلاثية" بري
إيجابية "ثلاثية" بري
A+ A-

مشكور الرئيس نبيه بري على مساعيه لدفع عربة الحوار الداخلي الى الامام، وهو العارف ان شرط ولوج مرحلة الحلول الجدية في لبنان، هو فتح الحوار السعودي - الايراني في المنطقة، وتوجُّه الطرفين الاقليميين الكبيرين نحو "تفاهمات" من شأنها تبريد ساحات المواجهة بينهما، من اليمن، الى سوريا، وصولا الى العراق
ولبنان. يعرف بري ذلك، وقد قالها اكثر من مرة في العلن، وكذلك خلف الجدران المغلقة. وبري يعرف ايضا ان زمن الانتصارات الحاسمة في المنطقة لم يحن بعد، ومن المؤكد ان المنطقة لن تشهد انتصارات حاسمة في اي اتجاه، حتى في المستقبل، فالصراع اكبر واعمق من ان ينتصر اي من الفريقين على الاخر. مثال على ذلك، حلب التي نام فيها فريق قبل يومين على انتصار، وافاق على صفعة مؤلمة تؤشر الى اننا ما زلنا في مرحلة التوازن في المكاسب الصغيرة، كما التوازن في الخسارات الكبيرة . ولا ننسى الخطاب الاخير للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي يشي من خلال نبرته الحادة والمتوترة بأن زمن "التفاهمات" الجدية لم يحن لا في المنطقة، ولا في لبنان.
بهذه الخلفية تنطلق "ثلاثية" الرئيس بري اليوم، وقد جرى سحب موضوع التعديلات الدستورية من جدول الاعمال، فقوة الطرف الشيعي العسكرية، واندفاعة الفريق المسيحي المتحالف معه والموهوم بأن له دوراً مركزياً في مرحلة الصفقات الكبرى في المنطقة، ليستا كافيتين لقلب موازين القوى في لبنان، وتهميش الدور السني الذي يستمد قوته من عاملَي الديموغرافيا والعمق الاقليمي. واهم المسيحي الذي يعتقد ان دوره حاسم في قلب موازين القوى في لبنان. ان موازين القوى في لبنان تخضع في نهاية الامر لموازين القوى في المنطقة، ومكانها ليس لبنان. اقصى ما يمكن نيله عبر البوابة المحلية هو حوارات كالتي يديرها بري، إما جماعية، وإما ثنائية، إذ من شأنها ان تخفض منسوب التوترات المذهبية الخطرة (السنية - الشيعية)، وتجنيب لبنان ما امكن من نيران المنطقة، على قاعدة ان الاقوى عسكريا وامنيا منهك تنظيميا وشعبيا بتورطه في سوريا، فيما الاضعف ليس قادرا على مجاراة الاول في سباق القوة المؤدي اذا حصل الى حمّام دم لبناني لا يريده احد.
بناء على ما تقدم، من المستبعد ان تتخطى طموحات الرئيس بري الواقعية بالنسبة الى "ثلاثيته" التي تنطلق اليوم حدود المحافظة على منسوب توتر سياسي مقبول، يمكن ادارته وضبطه. اما "السلة" التي حكي عنها قبلاً فمتروكة الى مرحلة "التفاهمات" الآتية من خلف الحدود. واما انجاز الاستحقاق الرئاسي فلا يحتاج الى "طبعة" جديدة من مؤتمر الحوار الذي يعقد شهريا.
خلاصة القول، ان "ثلاثية" الرئيس بري هي موضع ترحيب، والمشاركة فيها ضرورية، وإن اقتصرت نتائجها كما نتوقع على تعزيز قنوات التواصل والحوار بين اللبنانيين، ولا سيما بين الفريقين الوازنين في البلاد، وذلك بانتظار زمن "التفاهمات" الاقليمية الذي لم يحن بعد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم