الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تركيا المنشغلة بنفسها بعد الانقلاب الفاشل تساهم في خلط جديد للأوراق في المنطقة؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
تركيا المنشغلة بنفسها بعد الانقلاب الفاشل تساهم في خلط جديد للأوراق في المنطقة؟
تركيا المنشغلة بنفسها بعد الانقلاب الفاشل تساهم في خلط جديد للأوراق في المنطقة؟
A+ A-

 


على رغم استمرار بناء افرقاء سياسيين كثر حساباتهم السياسية للمرحلة المقبلة على قاعدة ما هو معروف من المعطيات والوقائع الاقليمية بعناوينها العريضة، لا تسقط مصادر ديبلوماسية ما قد تحمله التطورات التركية من تداعيات في سياق التحولات والغليان الجاري في المنطقة. ومع ان محاولة الانقلاب التي فشلت في تركيا خلفت تداعيات تستمر في التراكم او الظهور يوما بعد يوم، فان الحصيلة المباشرة التي آل اليها الوضع التركي بالنسبة الى هذه المصادر هو الهاء تركيا بنفسها لمدة لن تكون قصيرة على الارجح، بما يسمح بالقول بامكان تعطيل دورها او المساهمة في التقليل منه، ايا يكن هذا الدور الذي تقوم به في المنطقة، ايجابيا كان بالنسبة الى البعض او سلبيا.
فالحملة التي بدأها الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان في تطهير قطاعات عدة في المجتمع اضافة الى الجيش قد تؤدي الى تقوية سلطته خصوصا على المدى القريب، الا ان الرؤية الخارجية تستند الى النظر بقلق الى الشلل الذي قد يصيب الجيش التركي في ضوء التخلي عن نحو ثلث الضباط او اجبارهم على ترك مناصبهم. الامر الذي تقول هذه المصادر إنه يدفع الى النظر الى مدى قدرة تركيا على ردع الطموحات الكردية في سوريا والسعي الى السيطرة على منبج، وذلك في ظل تجميد حركة الجيش التركي وعدم القدرة على الاستفادة من تحريكه بقوة مع استمرار الية التطهير التي يعتمدها الرئيس التركي، وذلك في وقت قد تكون ترسم فيه حدود المناطق في سوريا وفق ما توحي تطورات الاسابيع القليلة الماضية. ففي هذا الإطار تعتقد المصادر ان الرئيس التركي قد يكون اكثر قلقا لجهة علاقته بروسيا من اهتمامه بالوضع السوري ويبحث عن علاقة تعاون مع روسيا بحيث يأمن جانبها على الاقل، خصوصا انها ساهمت في التسبب له باذى بالغ في المرحلة الماضية وهي التي يمكن ان تضمن له الجانب السوري بدلا من تشجيعها الاكراد وتسليحهم.
والرئيس التركي على رغم اصطدامه، من خلال الخطوات والاجراءات التي اتخذها بمواقف اوروبية او لدول حليفة في حلف شمال الاطلسي الذي تشارك فيه تركيا، يمكنه ان يطمئن الى اضطرار دول الناتو اي حلف الاطلسي إلى التعاون معه، اذ تشكل تركيا مركزا اساسيا بالنسبة الى هذا الحلف، كما يمكن ان يطمئن الى ان علاقته بالولايات المتحدة سوف تبقى من ضمن حدود عدم اطاحتها من اميركا ومحكومة بسقوف محددة. وعبارة الهاء تركيا بداخلها او بنفسها تسمح للمخيلة بالاستنتاج انه قد يكون من حق اردوغان ان يستريب بوجود دفع ما خارجي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، وتعتبر المصادر ان تأخر بعض الدول المؤثرة في دعم الحكومة المنتخبة وادانة الانقلاب ترسم علامات استفهام من دون اجوبة راهنا، لكن عملية إلهاء تركيا عمدا او عفويا بحكم حصول محاولة الانقلاب، حتى لو لم تكن باي دفع خارجي قد يوظف او يستفاد منه من اجل الدفع نحو تعديل في ادائها في المرحلة المقبلة في جملة ملفات تتصل بالمنطقة ولها موقع ودور فيها.
وتبعا لذلك من المهم عدم اهمال خلط اوراق في المنطقة على وقع التطورات التركية من باب انها قد تساهم في تغييرات في السياسة التركية ليست واضحة كليا بعد، خصوصا ان تداعيات محاولة الانقلاب الفاشلة لا تزال مستمرة. وثمة معلومات تفيد ان هناك ثغرا لم تقفل بعد في ظل كلام على استمرار فقدان عتاد حربي مهم من الثكن العسكرية، الأمر الذي لا يزال يثير المخاوف ويبقي الامور مستعرة ومستنفرة على ما هي عليه في الوقت الذي لا يكشف اعلاميا عن ذلك.
وقد لا تبدو التطورات التركية بالنسبة الى كثر مؤثرة ما دامت محاولة الانقلاب قد فشلت، ولا يزال الرئيس التركي ممسكا بالسلطة بقوة مع ارجحية الى المزيد في المرحلة المقبلة وفق كل التوقعات على غير ما كانت ستكون الحال عليه لو نجحت هذه المحاولة. لكن المصادر المعنية تخشى من جهة انه سيتم ابعاد تاثير تركيا في بعض الملفات كما كانت في السابق بحكم اولويات قد تتغير تبعا للتطورات الدرامية الأخيرة، كما ثمة خشية في المقابل ان تدخل تركيا نفقا من الاضطراب المتواصل. اذ ان الاجراءات التي اتخذت وطاولت الافا من الاتراك من المحتمل او غير المستبعد ان يؤدي الى نشوء جماعات غاضبة عدة من العائلات. ومع ان وضع تركيا بمحاولة الانقلاب الفاشلة يختلف بقوة عن ذلك الذي شهدته محاولات التغيير القسرية في عدد من الدول العربية، باعتبار ان تاريخ تركيا مختلف الا ان ذلك لا يرشحها لان تختلف عما تعانيه هذه الدول، والتي لا تبدو مرشحة للعودة الى الاستقرار قريبا او في المدى المنظور. هذا ما يخشى منه على الاقل في انتظار ان تتوضح الصورة اكثر حول ما يبنى من تقاطعات ومصالح في ضوء التطورات التركية.
لكن في أحسن الاحوال لا تسمح هذه التطورات، وفقا لما تقول المصادر، بالرهان على متغيرات في الوضع الداخلي الذي ربط باكثر من ملف اقليمي في المرحلة الماضية، أكان الوضع السوري او مفاوضات اليمن او احتمال توافق ايراني سعودي ليشهد ربطا متجددا بما سيكون عليه الوضع من خلط اوراق جديدة بعد التطورات التركية. ولذلك بات يظهر الجزم اكثر فاكثر في اتجاهات مختلفة ان لا شيء جديدا في الافق يوحي أي حلحلة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم