الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تفاصيل جديدة مخيفة عن ذبح الكاهن...هل تصمد فرنسا أمام استراتيجية داعش؟

المصدر: النهار
تفاصيل جديدة مخيفة عن ذبح الكاهن...هل تصمد فرنسا أمام استراتيجية داعش؟
تفاصيل جديدة مخيفة عن ذبح الكاهن...هل تصمد فرنسا أمام استراتيجية داعش؟
A+ A-

بعد الصدمة التي أحدثها ذبح الكاهن جاك هامل (85) في كنيسته الفرنسية الصغيرة، بدت ردود الفعل السياسية والاعلامية والشعبية مشحونة بالغضب إزاء هجوم هو الاول من نوعه يستهدف كنيسة في قلب المجتمع الريفي الفرنسي.


وكان مهاجمان أخذا خمسة رهائن صباح الاثنين في كنيسة سان ايتيان دو روفراي في روين بشمال غرب #فرنسا، وجزوا عنق الكاهن الذي كان يرأس قداس الصباح. 


ونقلت وسائل اعلام فرنسية عن امرأة في السادسىة والثمانين كانت إحدى الرهائن إن المهاجمين طلبا من زوجها غي التقاط صور أو فيديو للكاهن هامل بعد ذبحه. ولاحقاً، شطب زوجها في أربعة أماكن من جسمه ونقل لاحقاً الى المستشفى مصاباً بجروح خطيرة.


وخلال احتجاز الرهائن، تسللت إحدى الراهبات الثلاث اللواتي كن حاضرات لدق جرس الانذار، فقتل المهاجمان، وأحدهما من المنطقة، برصاص الشرطة خارج الكنيسة.


وقالت المرأة وتدعى جانبين لراديو مونتي كارلو إن زوجها ادعى بأنه ميت ليتمكن من النجاة. وأضافت: "لقد صوب احد المهاجمين مسدسه نحو عنقي"، وإن تكن لا تعرف ما اذا كان المسدس حقيقياً أم زائفاً.


وقال مدعي باريس فرنسوا مولان إن المهاجمين كان يحملان سكاكين ومتفجرات زائفة، بينها حزام متفجرات.


عادل كرميش


وبينت التحقيقات أن أحد المهاجمين ويدعى عادل كرميش (19 سنة) لم يكن على لائحة المراقبة بوصفه مراهقاً متطرفاً فحسب، وإنما تدل الملفات الخاصة به على أنه حاول مرتين الفرار والوصول إلى أرض "الخلافة" في #سوريا.


وبعودته إلى فرنسا بعد ترحيلين، كان على كرميش أن يضع سوارين لرصد تحركاته في شكل دائم ، وأن يعيش مع والديه في سان اتيان دو روفريه بعدما كان أُطلق من السجن في آذار منهياً عقوبة تتعلق بدعم #داعش.


وبحسب صحيفة "الموند" خضع كرميش لمتابعة نفسية منذ سن السادسة وادخل المستشفى مرات عدة خلال فترة المراهقة من بينها مرة بقي فيها 15 يوما في عنبر الاضطرابات العقلية. وذكرت صحيفة "لو باريزيان" ان كرميش "المفرط النشاط" في طفولته، طرد من المدرسة في سن 12 عاما بسبب "اضطرابات في السلوك". ووصفه احد شبان حيه بانه "قنبلة موقوتة".


وقال الشاب الذي يقيم في الحي نفسه لاذاعة "ار تي ال" انه "كان يتحدث عن الاسلام. وقال لي قبل شهرين سأهاجم كنيسة ولم أصدقه، (اذ) كان يقول الكثير من الاشياء".


ولم يكن كرميش وحده من كان معروفاً لدى أجهزة الأمن على ما يبدو، إذ نشرت صحيفة "الفيغارو" أن كنيسة سان إيتيان دو روفراي كانت واردة على لائحة الأهداف المحتملة للجزائري سيد أحمد غلام الذي أوقف العام الماضي، بعد محاولة فاشلة لمهاجمة كنيسة في فيلجويف.


حرب دينية؟


وكما بات واضحاً، صارت فرنسا منذ مطلع 2015  هدفاً لحملة إرهابية. وقبل كنيسة روين، كانت #نيس السياحية هدفاً قاتلاً. وقبل هذه وتلك، شهدت باريس هجمات مروعة في تشرين الثاني الماضي، وقبلها نفذت هجمات منسقة على مجلة "شارلي إيبدو" ومتجر يهودي في كانون الثاني.


طوال 18 شهراً تنقل الارهاب في فرنسا حاصداً مدنيين بالعشرات، إلا أن الهجوم الاخير داخل كنيسة لم يعد بحسب صحيفة "الموند" اعتداء على كاهن فحسب، وإنما اعتداء على دين بكامله وعلى كاثوليك فرنسا، معتبرة أنه بتدنيس داعش هذا المكان المقدس، سعى "داعش" بالتأكيد إلى اثارة الغضب والانتقام، آملاً في موجة من الغضب الأعمى التي تضع البلاد كلها في دوامة في الحقد.


والهدف أيضاً برأي رئيس الوزراء مانويل فالس هو "وضع الفرنسيين بمواجهة بعضهم، لاثارة حرب دينية".


وعلى رغم الدعوات الصدرة عن مسؤولين سياسيين ورجال دين تدعو الى ضبط النفس، يبدو أن "داعش" يقترب مع كل هجوم جديد من تحقيق أهدافه.


وكانت ماريون لوبن ، ابنة شقيقة مارين لوبن، زعيمة الجبهة الوطنية، الصدى الأول لمآرب التنظيم، وغردت على "تويتر": "في الغرب كما في الشرق، على المسيحيين الوقوف لمواجة الإسلام". وذهبت الى القول إنها "قررت الانضمام الى الاحتياط العسكري"، مناشدة جميع الفرنسيين الوطنيين أن يحذوا حذوها.


وعلى غرار الجبهة الوطنية، يحاول البعض تصوير الهجوم بأنه تهديد لصميم الهوية الثقافية الفرنسية. وبعد ما حصل ويحصل ، لم يعد مستبعداً أن ينتشر هذا الشعور في المجتمع الفرنسي، وبالتالي تزايد قاعدة الجبهة الوطنية المعادية للإسلام والاجانب.


ففي أيار الماضي، كان رئيس المديرية العامة للأمن الداخلي باتريك كالفار أول من أبدى قلقه من "حرب أهلية" بين "اليمينيين المتطرفين والمسلمين"، وتوقع حصول هجوم على مؤسسة دينية.


الاسلام دين عنف؟


وبعد هجوم نيس، كتب النائب السابق لمنطقة الالب ماريتيم جان ليونيتي في صحيفة "ليبراسيون" أن الاعتداء الارهابي المأسوي رسخ فكرة سائدة في فرنسا مفادها أن "الاسلام دين عنيف"، وأن البعض مقتنع أصلاً بأن الاسلام يتعارض مع الجمهورية القائمة على حرية المعتقد والعلمانية والمساواة.


وحض الدولة على تجديد ورشة اعادة تنظيم إسلام فرنسا "الواجب أن يظهر وجهاً آخر"، مقراً بأن خطوات كهذه هي الطريق الوحيد لتفادي تحول الشرخ بين المسلمين وغالبية الشعب الفرنسي ضرراً دائماً يؤدي الى مناخ حرب أهلية.


على رغم كل الضحايا الذين سقطوا حتى الان، من كانون الثاني 2015 وصولاً الى نيس، أظهر الفرنسيون رباطة جأش ونجحوا في الصمود أمام استراتيجية شيطانية ل"داعش". ويبدو أن استهداف الجريمة الوحشية الجديدة كاهناً ثمانينياً، يرمي إلى دفع الفرنسيين في رأي "الموند" خطوة إضافية نحو المواجهة.


حرب على الاسلام


مدير الصحيفة العريقة جيروم فينوغليو لفت في افتتاحية عنوانها "مقاومة استراتيجية الحقد" إلى حقائق يجب إدراكها لكي تكون مرشداً للفرنسيين، وفي مقدمها مصدر هذه الموجة الارهابي. فأياً كان شكل الارهابي أو أولئك الذين يقتلون بالمتفجرات أو القنبلة أو بشاحنة أو بسكين، فان الآمر هو نفسه "داعش". وسواء أكان منفذ الهجوم "ذئباً منفرداً" أم عميلاً لشبكة منظمة لها امتدادات في الشرق الاوسط أم لا، فان النتيجة هي نفسها: منفذ الهجوم ينتمي الى الاسلام المتطرف، النسخة الطائفية والمنحرفة من الاسلام.


وخلافاً للاعتقاد السائد، يقول فينوغليو إن فرنسا ليست مستهدفة عشوائياً، ولا لأنها تنتمي الى التحالف الدولي التي يحارب التنظيم في #سوريا والعراق "إذ إن فرنسا لم تنضم اليه الا بعد أن هوجمت". من هذا المنطلق، يورد حقيقة ثانية مفادها أن السبب الأول لاستهداف فرنسا يكمن في الدعاية الجهادية ، قائلاً "إن بلادنا صارت هدفاً لأنها تعد إحدى كبرى الجاليات المسلمة في #أوروبا. وهدف الجهاديين إثارة أعمال انتقامية وحشية تؤدي الى حرب أهلية لنشر الاعتقاد أن الغرب يشن حرباً على #الاسلام، محذراً من أن هدفهم الاول هو تدمير  هذه "المنطقة الرمادية"، هذا البلد الذي تتعايش فيه الأديان سليماً في إطار علماني. وعنده أن مقاومة المجتمع الفرنسي لهذه الاهداف يشكل ضربة أولى لهذا العدو.


حتى الان، بدا الفرنسيون قادرين على مقاومة استراتيجية داعش، فهل يصمدون أمام مزيد من الاختبارات المحتملة؟


[email protected]
Twitter: @monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم