الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

خطأ في حسابات الحكومة سيدفع ثمنه المواطن اللبناني!

سلوى أبو شقرا
خطأ في حسابات الحكومة سيدفع ثمنه المواطن اللبناني!
خطأ في حسابات الحكومة سيدفع ثمنه المواطن اللبناني!
A+ A-

يُقال "إنْ لم تستحِ فافعل ما شئت"، فمن السرقة والفساد ونهب الأموال وتسخير القانون لخدمة مصالح الأقوى أطبقوا الخناق على رقاب الناس الذين يتحمَّلون في مكانٍ ما مسؤولية ما يجري لهم، لأنَّ الاستسلام والعجز كانا الخيار الوحيد الذي اتفق عليهما اللبنانيون لمواجهة حيتان المال والأعمال والسياسة. الفقير سيزداد فقراً والغني سيزداد غنًى في جمهورية العجائب بعدما قررت الحكومة اللبنانية في 30 حزيران المنصرم ومن خلال المرسوم رقم 3791 خفض الحد الأدنى للأجير اليومي بمقدار 4 آلاف ليرة لبنانية.


من 1967 إلى 2016 ماذا تغيّر؟


جاء في المادة الأولى من المرسوم ما يلي: "يعدَّل الحد الأدنى الرسمي للأجر اليومي المنصوص عليه في المادة الثانية من المرسوم رقم 7426 تاريخ 25/1/2012 بحيث يصبح 26 ألف ليرة لبنانية بدلاً من 30 ألف ليرة لبنانية، على أن يُعمل بهذا التعديل اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية" أي في 7 تموز 2016. هذه الخطوة نسفَت مرسوم تعيين الحد الأدنى الرسمي للأجور رقم 7426 الذي صدر في عام 2012 في عهد الوزير شربل نحاس. "هم ادّعوا أنَّ هناك خطأً مستندين إلى مادة في قانون 1967 الذي فوَّض صلاحية عائدة إلى مجلس النواب، لمجلس الوزراء"، وفقاً للوزير نحاس الذي يشرح في حديث لـ"النهار" أنَّه "منذ عام 1920 لغاية عام 1967 كانت تصدر قوانين تُعدِّل الرواتب والأجور والإيجارات، ولكن طرأ تغيير في عام 1966 جعل مسألة تصحيح الأجور دورية غير مرتبطة باجتماعات مجلس النواب، على ألّا تزيد الفترة بين كل تصحيح وآخر عن السنتين. وجاء في قانون عام 1967 أنه: "اعتباراً من كانون الثاني 1967 يُرفع الحد الأدنى للأجر الشهري إلى 160 ليرة على جميع الأراضي ويطبق على جميع الأجراء ذكوراً وإناثاً الذين لهم من العمر عشرون عاماً ويعملون في المؤسسة كامل مدة دوام العمل المحدد فيها لكل فئة منهم ولا يقومون بعمل آخر يتقاضون عنه أجراً ما". وجاء في المادة الثانية: "تطبيقاً لأحكام المادة السابقة يتألف الأجر الشهري من أجرة 26 يوماً في الشهر على الأكثر للأجراء المياومين، ومن أجرة 4 أسابيع وثلث الأسبوع للأسبوعيين، ومن 208 ساعات للأجراء الذين يتقاضون أجراً على أساس الساعة".


30 ألفاً بدلاً من 26 ألفاً


في 25 كانون الثاني من العام 2012 صدر المرسوم رقم 7426 بعد 4 استشارات لمجلس شورى الدولة الذي وافق على هذا النص حينها. وجاء فيه بحسب نحاس: "يعين الحد الأدنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 675 ألف ليرة لبنانية – الذي أصرَّ عليه رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن في حين طالبنا بمبلغٍ أعلى منه - ويعين الحد الأدنى الرسمي للأجر اليومي بمبلغ 30 ألف ليرة لبنانية وفقاً لأحكام المادتين الأولى والثانية من قانون العام 1967. إذا أردنا تشريح المبلغ بعملية حسابية فهو ينقسم كالتالي: يحدّد قانون العام 1967 ساعات العمل بـ 26 ساعة على الأكثر ما يعني أنه خلال الشهر لدى الموظف 4 آحاد ما مجموعه 52 أحداً في العام، يضاف إليهم ما يقرب من 20 يوماً للعطل الرسمية، و15 يوماً للإجازة سنوية، إضافةً إلى العدد الوسطي لأيام الإجازات المرضية، وإذا قسمناهم على 12 شهرًا، يصبح عدد أيام العمل الفعلي للأجير الدائم 20 يوماً لا 26. ما يفتح الباب على خطأين أولهم اعتبار أيام العمل 26 يوماً، في حين يعتبرهم القانون 26 يوم عمل على الأكثر، لأن الحساب يجب أن يتضمّن كل البنود السابقة وليس فقط أيام الآحاد. ثانياً، هناك خلط بين وضعية الموظف الدائم الذي يتقاضى راتبه شهرياً وبين العامل المياوم الذي يعمل في الحقول أو في ورش البناء أو في مطعمٍ خلال فترة الصيف، الذي لا تنطبق عليه أي من الشروط المذكورة في الحساب السابق. فإما أننا نتكلم عن العامل اليومي ما يعني أن القرار الجديد لا ينطبق عليه وتبقى حصته 30 ألفاً، أو نتكلم عن الأجير الدائم الذي يُقسِّط راتبه على 20 وليس 26، ما يعني أيضاً أنَّ القرار غير صائب".


ويلفت نحاس إلى أنَّ "المعاهدة الدولية المبرمة عام 1977 تمنع تخفيض الأجور ما يتناقض مع قرار الحكومة، كما أنَّ قانون 1967 يُلزمهم بإعادة النظر في الحدّ الأدنى للأجور سنوياً أو كلّ سنتين كحدٍ أقصى في حين أنَّه مضى أكثر من 4 سنوات على غياب أيّ تعديل مُحق".


إمكانية النقمة غير موجودة


"الغريق لا يخشى من البلل، والسياسة الاجتماعية في لبنان خاطئة منذ زمن، لا زلنا نعتمد نهجاً خاطئاً لا يمكن الدفاع عنه، لبنان توجَّه بعد الطائف بشكل معاكس للمنطق، إذ عزَّز الميسورين والأغنياء وضرب الفقراء" هذا ما يشرحه الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور لويس حبيقة في حديثه لـ"النهار". ويضيف حبيقه أنَّه "قبل عام 1975 كان الوضع مختلفاً حيث الطبقة المتوسطة شكَّلت نسبة 80%. هذه الفئة تكسرت وتدمرت بعد الحرب، فهاجر قسمٌ منها وفقرَ القسم الآخر، ومن ثمَّ برزت بعض السياسات التي ساعدت أصحاب رؤوس الأموال، مدمرةً الفقير ومتناسية الطبقة الوسطى. ولكن القرار الأخير بخفض الحد الأدنى اليومي للأجور سيجعل بعض الناس في طبقةٍ أقل من الحد الأدنى للفقر، ما هو غير منصف للعامل الذي لا يكفي راتبه لتأمين حاجاته الغذائية وإيجار غرفة واحدة ما سيجعل الفجوة أكبر في ظل غياب الحلول".


هل تولِّد كل هذه الضغوط انفجاراً اجتماعياً وثورة؟ يجيب: "قد يكمن الحل المبدأي بانتخاب رئيس للجمهورية ووزراء ونواب جدد بذهنية مختلفة. المعركة صعبة ويجب على اللبناني أن يكون واعياً، وأن ينتخب في الدورة القادمة من يستطيع أن يؤمن مصالحه كمواطن. ولكنَّ مجلس النواب الحالي لا زال يؤجل الانتخابات خوفاً من إمكانية النقمة إذ إنَّ النقمة الفعلية والجديَّة غير موجودة بَعد".


 


تعتمد الحكومة اللبنانية سياسة الاستقواء على الفقراء وتسعى لحرمانهم حتى من المبالغ القليلة التي يتقاضونها، بينما يتمُّ إعفاء المستثمرين الكبار من الضرائب أبرزها التصاعدية. فهل من منقذٍ يضع سياسات عادلة؟ وهل من الممكن أن يجتمع في الحكومة رجال مال وأعمال يشرِّعون ضد مصالحهم الخاصة؟


 


[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم