الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

غلطة كركلا بالف والمطلوب اعتذار والغاء

مي عبود أبي عقل
غلطة كركلا بالف والمطلوب اعتذار والغاء
غلطة كركلا بالف والمطلوب اعتذار والغاء
A+ A-

تلألأ معبد باخوس في قلب الموقع الأثري في بعلبك باستعراض فرقة كركلا الموسيقي، الغنائي، التمثيلي والراقص، وأبهر الحضور بالأزياء الزاهية بألوان الفرح وبصمة الذوق، وأدهشته الأجساد الراقصة المتمايلة بمرونة وطواعية على مسرح المعبد الروماني وأدراجه بكوريغرافيا رائعة من تصميم إليسار كركلا.


انطلق الاستعراض على وقع موسيقى ضخمة للكبار، أمثال توفيق الباشا ومارسيل خليفة وشربل روحانا وايلي شويري وزكي ناصيف صدحت بألحانهم اصوات هدى وجوزف عازار وايلي شويري الذين تعرفهم القلعة من أيام العز، وبما اضفاه الديكور والإضاءة والتكنولوجيا الحديثة من ضخامة على العمل والمشهدية الاستعراضية. وجاءت الأشرطة والصور الجميلة التي كانت تمر على شاشة عملاقة لتبعث الذكريات والحنين الى فنانين اشخاص وأحباء غابوا بعدما صنعوا مجد مهرجانات بعلبك الدولية على مدى ستين عاماً.
"إبحار في الزمن على طريق الحرير" قصة المغامرة التي صاغها عبد الحليم كركلا بمشاركة كتَاب وشعراء وفنانين، ليروي محطات لمغامرين انطلقوا من بعلبك الى الصين مروراً بالبلدان التي كانت تجتازها القوافل التجارية على طريق الحرير، بدءاً بسلطنة عمان وصحراء العرب، ومروراً بالهند وصولاً الى الصين، ثم إيران وبلاد الفرس وإيطاليا، وعودة الى مدينة الشمس بعلبك، المدينة حيث كانت تستريح القوافل.
عمل رائع أدهش الجميع بمشهديته وشعره ورقصه وفنه وموسيقاه وتمثيله وغنائه واخراجه، يكمله الإطار الاثري الرائع لمعبد باخوس وأعمدته الضخمة، جاء يحتفل بالذكرى الستين لتأسيس مهرجانات بعلبك الدولية في عهد الرئيس الراحل كميل شمعون. لكن ثغرة أساسية اعترت هذا الاستعراض، وتسببت بالإهانة شعرت بها كل سيدة كانت حاضرة، في المشهد الذي يروي كيف أهدى كبير البحارة المغامرين الآتين من بلاد الشرق لنسج علاقات التواصل والانفتاح على الحضارات الأخرى، الى امبراطور الصين تسع "حوريات" من "بلاد الحرف" وخرجن من وراء الستارة ليرقصن له، عربون شكر عن الافراج عنهم بعد محاصرتهم، فيما قدم لهم امبراطور الصين "قلادة الحضارة لتفتح لهم ابواب الزمان".
لم نسمع مرة ولم يرد في تاريخ شعبنا، في بلاد الشام على الأقل، انه كان يقدم نساءه هدايا لأباطرة البلدان الأخرى وملوكها، ولم نسمع بالحوريات سوى في الاساطير، حيث ترمى بحبال الحب على الشواطئ. قد يكون اختلط الأمر على عبد الحليم كركلا، أو من وقَع هذا المشهد بالذات، بين المرأة في بلاد الهلال الخصيب والمرأة في الصحراء العربية حيث كانت تؤخذ النساء سبايا، او تباع في سوق النخاسة، أو تعامل كسلعة، او تقدم هدية لأعيان وملوك البلاد الأخرى، من دون احترام لكرامتها وإنسانيتها، تماما كما يحصل اليوم في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" الذي يعيد الزمان والبلاد والعباد الى زمن الجاهلية، بينما تاريخنا وحضارتنا براء منه.
وقعت هذه الجملة كالصاعقة على رؤوس النساء الحاضرات في قلعة بعلبك التاريخية، وأصاب سهمها قلوبهن في الصميم عندما نطق الممثل بهذه العبارة. ليس مسموحاً ابدا لفرقة لبنانية تحمل ثقافة هذا البلد وشعبه الى كل انحاء العالم، أن ترد فيها عبارات كهذه، ولو سهواً. والمطلوب من "فرقة كركلا" الاعتذار وإزالة هذا المشهد، احتراما للمرأة اللبنانية الأم والزوجة والأخت والصديقة والرفيقة، ولكل نساء الأرض في القرن الحادي والعشرين اللواتي يناضلن من أجل حرية المرأة وكرامتها الانسانية، خصوصاً وأن هذا الاستعراض سيشارك في مهرجانات ومناطق وبلدان أخرى، باسم لبنان، فالمرأة عندنا ليست سلعة ولا حورية تهدى...


[email protected]
Twitter: @mayabiakl

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم