الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أين الكبار في زمن الصغار؟!

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

في هذا الزمن العربي الرديء، كل المؤتمرات العربيَّة وعلى كل المستويات لا تستطيع حلَّ حرف واحد، ولا عقدة واحدة من عقد الأزمة الرئاسيَّة اللبنانيّة.
حتى بالنسبة إلى "وضعيَّة" المليوني سوري الذين نزحوا إلى لبنان هرباً من الجحيم السوري الذي أكلت نيرانه وأحقاد مُشعليها الأخضر قبل اليابس. والتاريخ قبل الجغرافيا. والحجر قبل الخشب. والمتاحف والآثار قبل الأكواخ وبيوت التنك.
وكذلك المدن الأعتق من الزمن، والتي بُني على أعمدتها معظم التاريخ المشرقي.
مأساة لبنان الراهنة ليست كلَّها من الخارج، أو من النزوح السوري الكثيف، أو من إصرار إيران على استخدام الاستحقاق الرئاسي ورقة مساومة، تحاول، عَبْرها، الحصول على بعض ما تعتبره من حقوقها وما اتّفقت عليه مع واشنطن مقابل "الاتفاق النووي" الذي ستُظهر الأيّام أنه لن يكون مفعوله إلّا على الورق.
مشكلة لبنان داخليّة في أساسها. ولو لم يكن أفرقاء من اللبنانيِّين مرتبطين بهذا الخارج أو ذاك، لَمَا كان الكثير من الحروب قد حصل. ولا عرفت بيروت هذه العزلة الموحشة التي تعيشها اليوم. ولا كان كل هذا الفساد، وكل هذا التسيُّب. ولما كانت كل هذه الفضائح بأنواعها وألوانها. ولما صاح الرئيس تمّام سلام قرفاً واشمئزازاً ممّا يحصل حوله وحواليه، وما لا تمكِّنه الأوضاع الراهنة من التعبير عن موقفه منه كما ينبغي، وكما يحلو له.
من ذا الذي ينتظره اللبنانيِّون ليقتحم الهيكل شاهراً سوطه وصوته ضد العشَّارين، والفاسدين، والفاسقين، واللاهثين خلف المكاسب والمناصب، وكشاشي الحمام وباعة كل شيء. وكل ما تيسَّر من الفضَّة، أو من الكراسي والمنافع و"المكافآت"؟
من هو؟ أَيْنه في زمن القحط، والزحف طلباً للمصالح بكل أسمائها و"البدل" الذي تتطلَّبه؟ لقد أُعطيتم وطناً جذب اهتمام العالم بكل دوله العظمى، فجعلتموه دكّاناً لبيع حتى الأوطان، ومغارة لكل أنواع الغش، والرشوة، والفساد، والنهب حتى تحويل مياه الينابيع ومياه البحار "أمراضاً" قاتلة.
فتحوَّل لبنان الرسالة، ولبنان قِبلة أنظار العالم دكّاناً للغش والفساد والفضائح...
أين أولئك الزعماء؟ أين أولئك القادة الذين يُلقي لبنان ظهره على وفائهم ووطنيّتهم في أوقات محنه وأزماته... فينصهرون في وقفة واحدة، ورأي واحد، وصوت واحد، مُتناسين الخصومات، ومُتعالين عن الجروح حين تدقّ لبنان شوكة؟
أين أولئك من هؤلاء الذين يبيحون كل شيء في سبيل كرسي مخلَّع أو حفنة إضافيّة؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم