الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نص اسرائيلي: حسن نصرالله مُختزَلاً

شيمريت مئير
نص اسرائيلي: حسن نصرالله مُختزَلاً
نص اسرائيلي: حسن نصرالله مُختزَلاً
A+ A-

استغرق خطاب حسن نصرالله الأخير ساعة و12 دقيقة. الحدث: مرور 40 يوماً على اغتيال قيادي "حزب الله" مصطفى بدر الدين.


استمعتُ إلى خطابه، كعادتي، ذلك أنني قمت بواجبي تجاه المجتمع في كل ما يتعلق بالاستماع المضني لخطابات نصرالله. في حرب لبنان الثانية، قضيت أسابيع داخل ما سميته بيني وبين نفسي "حرباً نفسية لا نهائية". كنت حينذاك مراسلة الشؤون العربية في إذاعة الجيش، وكان يفترض أن أنقل إلى الجمهور الإسرائيلي، وقت الحرب، ماذا يحدث في "حزب الله". نصرالله، شخص يهتم بتفعيل الحرب النفسية جداً، وقام بما لا يحصى من التلاعبات بالرأي العام الإسرائيلي.
وبعد مرور عشر سنين، بقي نصرالله كما عهدناه. من يسمع خطاباً واحداً من خطاباته يعرف كل شيء. استخدام الوتيرة، الموسيقى، الوقفات، اللغة الشعبية، التلاعبات الصارخة، دمج خطاب الضحية بالبلطجة، كل ذلك كان أمراً اعتيادياً. لكن نصرالله "خرج من الخزانة" كما يُقال.
سنقول صراحة وعلنا: "إنّ موازنة "حزب الله"، وجوده، المال، الطعام، الشراب، الصواريخ، توفرها جميعها الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
إذاً ما هي الدراما؟ لقد قال نصرالله ما يعرفه كل من يعيش في المنطقة، إيران تقف خلف "حزب الله" وهي راعيته. ولكن قبل عشر سنين، عندما زَعَمَ اللبنانيون أنهم يدفعون ثمناً مبالغاً فيه في مقابل التصرفات غير المسؤولة لميليشيا إيرانية، أصرّ نصرالله على أنّ "حزب الله" هو أولاً وقبل كل شيء تنظيم لبناني يدافع عن أرض لبنان. "الخروج من الخزانة" لدى نصرالله، إذا كان الأمر كذلك، يلخّص ما تغيّر في المنطقة في العقد الماضي. والمقصود انكشاف الحقيقة.
إنّ الذين يدعون أنّ حرب لبنان الثانية كانت ناجحة بالنسبة إلى اسرائيل، يتجاهلون الحدث الأكثر دراماتيكية في الشرق الأوسط في العقود الأخيرة، وهو الحرب الأهلية السورية، والتي يقع النصر فيها على سلم الأولويات الإقليمي لإيران والذي من المفترض أن ينفّذه "حزب الله".
تشغل سوريا "حزب الله"، وتضعف قوته، تدمر صورته وتبدّد أمواله ولكن تتمتع بميزة أيضاً تشكل حقل تجارب ومختبراً للمعركة. يشارك "حزب الله" في عمليات هجومية بمشاركة آلاف الأشخاص، وأحيانا يقودها. لقد تعرض لمواجهة وسائل قتاليّة روسية متقدمة، وكذلك مع قوات خاصة، واستخبارات. على رغم أن غوص "حزب الله" في المستنقع السوري يبدو من دون نهاية، وعلى رغم أن الإيرانيين يشغلونه بشكل أو بآخر في اليمن وفي العراق أيضاً، يستمر في بناء القوة قُبَيل المعركة القادمة معّ إسرائيل انطلاقا من الافتراض أنّه لا مفرّ منها.
مرت عشر سنوات، وأصبح نصرالله أحد القادة المستقرّين في الشرق الأوسط. لا أحد في "حزب الله" يشكّل خطراً جدّياً على مكانته، وهو على علاقة جيّدة جدّاً مع الإيرانيين. كما هو معلوم، فقد خرج من المخبأ عشر مرات على الأكثر، وهو يدير الأمور كما يدير عينيه، من دون التعرض إلى الخطر. إنه على اطلاع بكل قرار استراتيجي في التنظيم (هو مطلع أقل نسبياً على الوضع الحالي التكتيكي، مع أنّه الآن يتدخل أكثر بقليل عقب الفراغ الذي خلّفه مغنيّة وبدر الدين).
في نظري أصبح عتيقاً إلى حد ما، وذلك نتيجة حتمية، مثل وزنه الزائد، للحياة في المخبأ. نظرته الإعلامية ملائمة أكثر لتسعينيات القرن الماضي. فهو لا يستخدم "الإنستاغرام"، و"تويتر" (مع أن ابنه جواد مغرّد نشط ويدافع بحماسة عن والده)، ولا يلتقط صور "السلفي" (على سبيل المثال بخلاف قائد قوة "فيلق القدس" التابعة للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني الذي يوثّق نفسه يوماً.
ولكن نصرالله فَقَدَ شيئاً واحداً ولن يُحققه ثانية، الدعم العربي. إذا كانت جميع القنوات الفضائية قبل عشر سنين توقف بثّها لنقل أحاديثه، وإذا كان الفلسطينيون اعتبروه بطلاً، وإذا كان، رغم شيعيّته، رمزا لـ"المقاومة" العربية، فإنّ "حزب الله" اليوم، بالإضافة إلى الأسد وإيران، وبعد قتل مئات آلاف السوريين، مكروهون من الغالبية السُنية في المنطقة مثلما كان النازيون مكروهين، كما قيل، من قِبل يهود العالم في فترة الحرب العالمية الثانية. ليست هناك علاقة مباشرة لإسرائيل بهذا التغيير الدراماتيكي، ولكن توجد له أهمية كبيرة جداً بالنسبة إليها.


المحررة المسؤولة لموقع "المصدر"

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم