الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

رأس الطفل الفلسطيني

احمد عياش
رأس الطفل الفلسطيني
رأس الطفل الفلسطيني
A+ A-

جريمة قتل الطفل الفلسطيني عبد الله عيسى (12 سنة) روعت العالم ولا تزال. أما مرتكبو الجريمة الذين ينتمون الى معارضي النظام السوري فقدموا خدمة جليلة إليه في مسار المعارك التي يخوضها النظام الإيراني بضراوة دعما للرئيس بشار الأسد. ففيما يشنّ العالم حربا ضد تنظيم "داعش" الذي احتكر شهرة قطع الرؤوس، إذا بتنظيم يُقال إنه يتلقى دعما من أميركا عبر تركيا يتفوق على "داعش" في ممارسة قطع الرؤوس حتى لو كانت رؤوس أطفال. ما زالت سوريا تدفع ثمن الخطيئة الأصلية التي ارتكبتها إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما عندما ابتلعت إنذار "الخط الأحمر" المتصل باستخدام الأسد السلاح الكيماوي. فكان أن نجا بفعلته التي جعلت مئات الأطفال في غوطة دمشق يلفظون أنفاسهم على مرأى من العالم مما وفّر حماية لقاتلهم وأدى الى نهر الدماء، وآخرها دماء الطفل الفلسطيني.


ما يجري في تركيا من تطورات شغلت العالم ولا تزال، يثير تساؤلات عما إذا كان مخطط إسقاط الرؤوس قد وصل الى هذا البلد المهم في الشرق الاوسط. وليلة الانقلاب التركي، وفي المرحلة الأولى من الأنباء حوله، تلقى مسؤول لبناني كبير رسالة نصية تفيد بأن متاجر بيع الحلوى في الضاحية الجنوبية لبيروت قد فرغت من محتوياتها بعدما تهافت أنصار "حزب الله" في المنطقة على شرائها تمهيدا لتوزيعها احتفاء بسقوط الرئيس التركي. كما جاء في الرسالة ان متاجر الحلوى هذه سارعت الى رفع لافتات فوق أبوابها كتب عليها: "البضاعة التي تباع لا ترد" وذلك تحسبا لما ورد في الأنباء ان محاولة الانقلاب في تركيا لم تنجح بعد. ولا تشبه التحضيرات لتوزيع الحلوى في الضاحية سوى مواكب الابتهاج التي سارت تلك الليلة في شوارع دمشق احتفاء بسقوط غريم النظام السوري.
بصرف النظر عن نسبة الجدّ في الرسالة، لم يتنبه الذين تسرّعوا في الاحتفاء بسقوط الرئيس أردوغان إلى الزلزال الذي هزّ خريطة العلاقات بين أطراف النزاع في المنطقة. ففيما كانت العلاقات تمضي نحو الأفضل بين أنقرة وموسكو، وبين أنقرة وتل أبيب، كانت طهران سريعة في إبداء تعاطف مع أردوغان عبّر عنه الرئيس الإيراني حسن روحاني بقوله: "إننا مرتاحون بأن نشهد اليوم عودة الاستقرار والأمن إلى تركيا".
إحدى الفرضيات الرائجة ان الشرق الاوسط يتجه الى مرحلة تجري فيها إعادة تعيين الخطوط في خرائط سايكس - بيكو التي ولدت على أنقاض السلطنة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى. وفي هذه المرحلة سيجري تطويع رؤوس وإسقاط غيرها إذا لم تنفع محاولات تطويعها. فهل كان أردوغان نموذجا لها؟
المثل القائل: "عند تغيير الدول إحفظ رأسك" ما زال نافعا، بشرط أن تكون هناك رؤوس تستوعبه. ولعل من تسرّع في توزيع الحلوى في ضاحية بيروت أو ابتهج في دمشق سيدرك أن رأس الطفل الفلسطيني لن يكون الأخير الآيل الى السقوط.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم