الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

المحكمة العسكرية بين كفَتَيْ أحكامها والأحكام عليها

هدى شديد
المحكمة العسكرية بين كفَتَيْ أحكامها والأحكام عليها
المحكمة العسكرية بين كفَتَيْ أحكامها والأحكام عليها
A+ A-

في وقت ارتفعت أصوات مطالبة بإلغاء المحكمة العسكرية وأبرزها من وزير العدل المستقيل اشرف ريفي، فإن مصادر قضائية تشرح تاريخ، ودور وهيكلية هذا القضاء الاستثنائي الذي يتألف من 19 قاضياً من القضاء العدلي يعيّنون بناء على اقتراح وزيري العدل والدفاع الوطني وبعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. وعلى عكس ما يشاع عن ان القضاء العسكري هو عبارة عن ضباط وعسكريين، تقول المصادر إن الضباط الأعضاء هم ثلاثة فقط اضافة الى رئيس المحكمة العسكرية الدائمة وأربعة ضباط في محكمة التمييز العسكرية. والمحكمة العسكرية هي مؤسسة مستقلة ليست مرتبطة بقيادة الجيش بل تابعة مباشرة لوزير الدفاع. وكما في الولايات المتحدة بعد الحادي عشر من أيلول (2001) وفي أوروبا، وتحديداً في فرنسا وبلجيكا بعد الهجمات الإرهابية التي تعرضتا لها، باتت هذه المحاكم ضرورة في مواجهة ظاهرة الارهاب المتنامية، وهكذا هي ايضاً في لبنان في ظل تنامي الظاهرة عينها.
صحيح ان المحاكم المدنية تقوم على درجات ثلاث ابتدائية واستئنافية وتمييز، والصحيح ايضاً ان المحكمة العسكرية هي ايضاً تقوم على درجتين ابتدائية وتمييز، حتى وان كان اسمها محكمة عسكرية، فإن مفوض الحكومة لدى المحكمة هو قاضٍ مدني (القاضي صقر صقر) ويخضع ومعاونيه لسلطة مدعي عام التمييز ومراقبته، وقضاة التحقيق هم قضاة مدنيون وهم الذين يحددون الجرم والعقوبة.
وتشير المصادر الى ان محكمة التمييز العسكرية يرأسها قاضٍ مدني وتخضع لأصول المحاكمات
الجزائية وتكرّس مبدأ علنية المحاكمة وحق الدفاع وليس من متهم حوكم من دون محامٍ، بحيث تؤمن المحكمة للمدعى عليهم محامين من نقابة المحامين. وعندما يمثل المتهم امام هيئة المحكمة تكون الجلسة علنية بحضور ممثل النيابة العامة العسكرية وبوجود الصحافيين والأهالي ومن يرغب في الحضور في قاعة المحكمة. وعندما يتقرر ختم التحقيق، ينتقل القضاة الى غرفة المذاكرة ولا يغادرونها قبل إصدار الحكم.
ومن وجهة نظر المصادر العسكرية والقضائية المعنية ان القضاء العسكري يتميز بسرعة المحاكمة وإصدار الأحكام: ففي العام 2015 على سبيل المثال، ورد الى المحكمة العسكرية 6141 ملفاً وتمّ حسم 5398 ملفاً منها 4855 جناية و543 جنحة. صلاحيات المحكمة العسكرية هي ثلاث: إقليمية وتشمل جميع الاراضي اللبنانية، ونوعية وتشمل الاٍرهاب والخيانة والتجسس والتعامل والصلات غير المشروعة بالعدو والجرائم المرتكبة في المعسكرات والمؤسسات والثكنات العسكرية وجرائم الأسلحة والذخائر والمتفجرات، اضافة الى الصلاحية الشخصية التي تشمل العسكريين والمماثلين للعسكريين. وفي موضوع الاٍرهاب، تعتبر المصادر انه لا يمكن هزيمة الارهاب بالأسلحة فقط بل ايضاً بتطبيق القانون حيث تؤدي المحكمة العسكرية دوراً رادعاً والحل الانسب في القضاء او التخفيف من انتشار الاٍرهاب. وتذكّر المصادر بأبرز المحطات التي واجه فيها لبنان الاٍرهاب خلال السنوات الخمس عشرة الاخيرة ومنذ احداث الضنية حيث تم إلقاء القبض على نحو أربعين مسلحاً من الإرهابيين، ثم معركة مخيم نهر البارد التي تمّ فيها إلقاء القبض على 275 متهماً، فضلاً عن تمدّد خطر المجموعات الإرهابية منذ بدء الحرب السورية، حيث تمّ تفكيك الكثير من الشبكات الإرهابية ومكافحة عمل خلايا وتوقيف العديد من قادتها وأفرادها. وتشير المصادر الى ارتفاع نسبة جرائم الاٍرهاب خلال السنتين الاخيرتين بشكل كبير جداً، بعدما كانت انخفضت أعداد الدعاوى بين عامي 2006 و2012 لترتفع سنة 2013 وتبلغ أرقاماً قياسية في 2014 و2015.
وتشير المصادر الى ان الملفات الواردة بين الـ 2006 و2013 عولجت بشكل نهائي ولم يبق منها الا القليل جداً فيما يُنظر ودونما تأخير في دعاوى السنتين الاخيرتين. وتوزَّع حالات الموقوفين امام المحكمة العسكرية بتهمة الاٍرهاب على:
■ فئة جاهلة غير متعلّمة تتقيد بكل ما يتم تعليمها دون فهم او ادراك.
■ فئة مغرّر بها من خلال الترغيب بإغراءات مالية او دينية قابلة للإصلاح ومعظمهم تراوح أعمارهم ما بين 16 و23 سنة.
■ فئة متعلمة ومثقفة عقائدياً تؤمن بما تقوم به ومن الصعب إصلاحها.
■ فئة تتقن الاجرام وتتباهى به ولا يمكن إصلاحها على الإطلاق.
ومن نماذج لادلاءات بعض الإرهابيين في قاعة المحكمة:
■ اعتراف بالذبح عن قناعة بتطبيق الشريعة او تنفيذاً لأمر من أميره.
■ اعتراف بتفخيخ وبتفجير سيارات في مناطق سكنية.
■ الحزام الناسف هو لباس رسمي للترهيب.
■ نقل انتحاريين وتوجيههم وفقاً لرقم متسلسل.
■ كره اعمى لطائفة معيّنة.
■ العمل على إعدام ثلاثة شبان صلباً او حرقاً وتصويرهم بتهمة التواصل مع اجهزة أمنية وتعميم الشريط المصور على أبناء البلدة لترهيبهم.
■ تكفير سلطات الدولة حتى في حالة زواج امرأة من عسكري إذ يعتبر باطلا وعمل كفر.
في اي حال، تشدّد المصادر القضائية والعسكرية على "خصوصية القضايا التي تتناولها المحكمة العسكرية التي هي ليست محكمة مغلقة ولا أحكامها عرفية بل هي على تواصل مع قنوات المحاكم الاخرى المدنية، ويمكن المتظلم في الحكم ان يميزه. فهذه المحكمة ليست كالمجلس العدلي ولا أحكامها مبرمة كأحكامه انما هي احكام قابلة للتمييز. وعندما تتوافر معطيات جديدة تدحض الحكم الصادر تعاد المحاكمة وفق الأدلة الجديدة. وهنا يجدر التذكير بأن عملاء لإسرائيل ميزوا احكامهم وتم خفضها، وبتمييز الحكم على المتهم ميشال سماحة تمّ تشديد العقوبة. وأي خطأ او لغط او سوء تقدير يمكن تمييزه وهذا ما يحصل ان سلباً او إيجاباً".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم