الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بين القاع وبيروت !

راجح الخوري
A+ A-

قدمت بلدة القاع درساً مجيداً في الوطنية والوحدة والوعي والتمسك بالأرض والإصرار على مواجهة الإرهابيين التكفيريين، بينما إنهمك المستوى السياسي عموماً في تقديم عراضة جديدة من تصريحات المسخرة، التي لا تخلو من محاولات توظيف الهجوم في سوق الأوقية السياسية، وهو ما يصبّ في سياق الانقسام الجذري الذي يعطّل الدولة، ويسحب ضباباً كثيفاً من الشكوك على أجهزتها ومؤسساتها.
أكدت القاع أنها قلعة في وجه الارهاب، الذي كان يريد ان يدفع أهلها الى النزوح خوفاً بعد الغزوتين الانتحاريتين، ليجعلها قاعدة متقدمة لعملياته الإجرامية في المنطقة ونزولاً الى بيروت والشاطىء. لكن القاع وقفت قبضة واحدة مخرزاً في عين الوحش، بينما أعطى المستوى السياسي دليلاً جديداً على غرقه في القتال على جنس الملائكة والنار في أسوار الوطن.
بعض النقاشات التي جرت في مجلس الوزراء معيب ومخجل، كان المطلوب ان يكونوا قبضة واحدة وقلباً واحداً ولكن من أين يا حسرة لبنان، لهذا لم يكن كثيراً ان يشيد الرئيس تمام سلام بصمود أهل القاع وصلابتهم وثباتهم، في حين ان المستوى السياسي في البلد لم يكن عند الحدود الدنيا للمسؤولية الوطنية والأخلاقية.
لم يكن الاعتداء المتتابع على القاع وحده الذي يثير القلق والذهول، فقد تبعته بيانات رسمية ومعلومات وضعت في التداول العام، عن إرتفاع مخاطر الاستهداف التي تتعرض لها مناطق عدة من لبنان، وجاء الحديث عن عشرة أهداف معرضة لعمليات اجرامية، والبحث عن انتحاريين كانا مع الثمانية الذين تفجروا في القاع، وعن اعتقال سبع شبكات ارهابية في الأشهر الأخيرة، ليرفع منسوب القلق العام الى مداه الأقصى، لكن ذلك لم يغيّر شيئاً في السلوك السياسي الكيدي الأحمق.
كان يفترض ان ينعقد مجلس النواب فوراً وان ينتخب رئيساً للجمهورية لتبدأ عملية طوارىء للملمة حطام الدولة ومؤسساتها، بما يؤمّن غطاء حقيقياً للأجهزة الأمنية التي تقوم بواجباتها بكفاية ومهنية على رغم العبث الذي ينهال عليها من الأصابع السياسية، وكان يفترض ان تتجاوز القبائل المتناكفة كل خلافاتها أمام الخطر الذي يتهدد الجميع، لكن الغثاثة مستمرة والخيبة عند اللبنانيين من الوريد الى الوريد.
في ٢٢ حزيران حصل الهجوم الإرهابي على الحدود الأردنية، بعد ساعات قال الملك عبدالله الثاني إن الأردن سيضرب بيد من حديد، نحن نملك التنك لا الحديد، واعلنت الحكومة الأردنية انها ستقفل الحدود هناك وتمنع إنشاء مخيمات جديدة للاجئين او توسيعها، ونحن في لبنان قرأنا بحمد الله سبحانه وتعالى بياناً صدر عن الإجتماع الأمني يدعو جميع اللبنانيين الى التنبّه للمخاطر المحتملة وان عليهم تأكيد إيمانهم بوطنهم... لكأن أهل السياسة ليسوا من اللبنانيين؟


[email protected] - Twitter:@khouryrajeh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم