الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

أردوغان ينحني

سميح صعب
سميح صعب
أردوغان ينحني
أردوغان ينحني
A+ A-

لم تعد تركيا دولة تعيش فقط انعكاسات الحرب السورية. انها باتت في صلبها. هي في حرب متجددة مع الاكراد على جانبي الحدود وفي حرب مفروضة عليها مع "داعش". وهذا ما لم يكن يتوقعه رجب طيب اردوغان قبل خمسة اعوام عندما انخرط أو باﻷحرى قاد جهوداً لإسقاط النظام في سوريا، وكان الاكثر تأثيراً على باراك أوباما لمطالبة الرئيس السوري بشار اﻻسد بالرحيل.
وعندما استعصى على أردوغان وحلفائه الاقليميين إحداث التغيير الجيوسياسي في سوريا بسرعة، لجأوا الى عسكرة جماعات المعارضة مستلهمين النموذج الليبي. وعندما فشلت هذه الجماعات في تحقيق الغاية المنشودة، انخرطت تركيا في لعبة زج الجهاديين في المعركة من غير ان تأخذ في الاعتبار ان هؤلاء سيرتدون يوماً على من درّبهم وسلّحهم ومولهم.
تركيا كانت آخر دولة تدخل الحرب ضد الارهاب. كان اردوغان يراهن على ان مسايرة الجهاديين كافية لابعاد خطرهم عن الداخل التركي. سقط هذا الرهان، عندما اضطر اردوغان الى الاذعان للضغوط الاميركية كي يفتح قاعدة انجيرليك امام مقاتلات الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وليس بالهيّن على اردوغان ان يتنازل وان يعترف بالخطأ لذلك وجد في رفيق دربه ومهندس سياساته أحمد داود أوغلو كبش فداء. كان لا بد من التضحية بداود أوغلو كي ينقذ نفسه ويبدأ بالاستدارة، فصالح روسيا واسرائيل في يوم واحد، ووافق على زيادة دوريات حلف شمال الاطلسي على الحدود السورية - التركية، واعتدل في خطابه حيال ايران، وعهد الى رئيس وزرائه الجديد بن علي يلديريم في التفتيش عن حلول يعيد بها ما انقطع مع مصر. وبدا انه دخل في مرحلة البحث عن التفاوض مع الاكراد اذا صحت التقارير عن استعداده لنقل أوج الان من السجن الى الاقامة الجبرية مقابل عودة "حزب العمال الكردستاني" الى وقف النار.
وفي سوريا لم يعد اردوغان مهتماً باسقاط الاسد بقدر اهتمامه بعدم رؤية كيان كردي في "روج أوفا". كبيرة هي اﻷخطاء التي ارتكبها أردوغان في الاعوام الخمسة الاخيرة، ولن يكون سهلا "تصحيح هذه الاخطاء ولكن مما لا شك فيه ان "السلطان" بدأ يشعر بوطأة التطورات والأحداث التي كان مساهماً رئيسياً فيها.
هل هي بداية الندم أم بداية الانعطاف؟ لا يزال الوقت مبكراً للجزم في أي اتجاه سيمضي أردوغان! لكن اﻻكيد ان الخيارات ضاقت من حوله الى درجة بات معها مضطراً الى الانحناء أو الانكسار. انه اﻵن في مرحلة الانحناء والاستدارة كي يخفف حدة الخسائر التي ستلحق بتركيا نتيجة أخطاء كان الدافع إليها شعور بالغرور.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم