الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مسلسل المخلوقات الفضائية: تيم ونادين في خطر!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
مسلسل المخلوقات الفضائية: تيم ونادين في خطر!
مسلسل المخلوقات الفضائية: تيم ونادين في خطر!
A+ A-

أعجبنا "نصّ يوم" وفضّلناه على سواه منذ بداية #رمضان. همسنا في سرّنا: إنّه مسلسل جيّد! ثم خشينا الأحكام المتسرّعة فانتظرنا التطوّرات، من دون أن نفقد الحماسة كحالنا أمام بعض المسلسلات. شيئاً فشيئاً، تبيّن أن في المسلسل حشواً لا يُطاق. كشفت الحلقات حجم الخديعة، وبأننا كمشاهدين أمام لحظة إبهار مغشوشة.


المسلسل (كتابة بسام سلكا عن "قصص أجنبية"، إخراج سامر البرقاوي، تعرضه "أم بي سي دراما" و"الجديد") من دون مبالغة، وجوه تمثيلية حاضرة، اهتزازاتها قليلة، تُمسك الدور وغالباً تجيد فلشه على مساحات. لا أكثر. المسألة في ارتباك تنفيذ النصّ والسماح للضعف بأن يغلب تفاصيله. سار كلّ شيء على ما يرام حدّ المواجهة بين ميار (تيم حسن) وميسا (نادين نسيب نجيم). مواجهة لم تأتِ بتوقّعات تصنع اللحظة المُنتَظرة. هنا تخلّى المسلسل عن عصبه المشدود، وراح يسمح بالتراخي التدريجي، ليصبح الهَمّ ملء فراغات ظهرت فجأة، وبأيّ ثمن. حلقاتٌ من دون زخم وأخرى مركّبة على طريقة النسخ واللصق. "كوبي بايست" بروح باردة.



(تيم حسن في دور بوليوودي).


تيم حسن وجع المسلسل وجراحاته المقتولة. هو ضحية حبّ مفخّخ، انفجر في روحه، ففتّتها وتركها أشلاء. كلّ شيء هنا تطرَّف وبلغ أقصاه: الشعور والسلوك والهيئة. بدا حسن وفياً للشخصية، جسَّدها بشريانه، وقدّمها بطاقة الممثل على الذوبان. المؤسف أنّ النصّ جرَّه إلى المبالغة وإكثار الشطحات، وورّطه بالتناقض وفقدان المنطق، حدّ القول أنّه أخطأ في قبوله. يارا حداد، أو ميسا، احتالت عليه، سرقته، وألحقت بأعماقه أوجاع الخديعة، لكنّه بعد اللقاء الأول (تطلّب الأمر أكثر من سنة للوصول إليها!)، غمرها بالغفران وطيّ الصفحة. تُسذَّج الشخصية وتصبح تركيبة ملتوية بعيدة من المُشاهد، خالية من إمكان الاقتناع بها. عند هذا الحدّ، يتحوّل حسن مجرّد منفّذ جيد لدور سيئ، تزيده سوءاً سهولة الإقدام على ارتكاب جريمة. الدور بوليوودي، انقلب على حسن وأظهره متباهياً بسلّة فارغة. ذلك من أجل القول أنّ الحبّ قادر على تدمير المرء إن أراد، وأننا جميعاً مرضى، تقتلنا العقد. هوس ميّار بحبّ مسموم، مبرّراته جاهزة حيال أكثر البشاعات الإنسانية، أيّ القتل، استعادة درامية مُضخَّمة للميكيافيللية القائلة إنّ "الغاية تبرر الوسيلة"، لكنّ يا للمصادفة هنا، فالنصّ فارغ من ملامحه الفلسفية، لا بُعد فيه ولا غاية.


تضمّن المسلسل أحد أكثر المَشاهد الدرامية سخافة، أمام كاميرا سامر البرقاوي الشاهد على هزليات عجز عن ضبطها رغم الاقتباس، وعلمه أنّ الجمهور يهوى المقارنات، ولن تفوته السخرية إن بدا التقليد باهتاً سطحياً. ما عادت لطيفة تلك الدوّامة ذاتها من الأحداث الأساسية: نادين نجيم بمهمّات احتيال عدّة ركيزتها واحدة: جمالها. الجميع يُغرم بها من النظرة الأولى، يتراخى كمكعّب ثلج تحت الشمس، وينسى من أجلها الماضي والمستقبل. من جهاد سعد إلى شربل اسكندر. مُنح الأخير دور الموظّف النظيف، لكنّه المستعدّ لتوضيب أغراضه والتخلّي عن عائلته من أجل حب خرافيّ نَبَت فجأة. أتت المسماة زوجته لتقدّم أمام المُشاهد أسوأ عرض تلفزيوني على الإطلاق. مسرحية سخيفة لا توصَف، شوّهت بقايا المسلسل. إعادة السيناريو ذاته، مع فارق أنّ نجيم تارة بشعر أسود، وأخرى بشعر أحمر وأشقر، تحتاج "نفضة" فورية لا نشاء أن ينتهي المسلسل من دونها. نجيم بدور الضريرة خرقت تكراراً بائساً انتهى غالباً بنتيجة واحدة، لولا فشل المحاولة الأخيرة، كبداية ربما لسياق جديد يحدّد مصير المسلسل.



(أحد أسوأ المَشاهد في رمضان).


المسلسل موجّه إلى المخلوقات الفضائية، أقلّه منذ اختفت ميسا وبدأ ميّار رحلة البحث. ومنذ راح يطارد البصّارة العالمة بالغيب وتفاصيل العلاقات الزوجية(!)، وتحديداً منذ أن حوّله الحبّ إلى مجرم. كان الرهان على مسلسل دخل القلب ثم خرج منه حين تمادى بسخريته، في انتظار قيمة النهاية و"قوّتها". ثمة مسلسلات تستحق نسفها من دون الشعور بالذنب تجاه النبرة القاسية، ومسلسلات نلومها من فرط الخيبة، ونشاء لو تستقيم وضعيتها. غرق "نص يوم" بعنصري النفور والإضحاك، ضيَّع اتجاه البوصلة وقَلَب مزاج المُشاهد. حُسن التمثيل أنقذ المسلسل من كارثة حتمية. تيم حسن صادق، مُقنع رغم شيء من المبالغة في صناعة تراجيديا الشخصية، لا بدّ من التعاطف معه، ومع أناقته وتهذيبه وانجراره إلى الهزيمة في إطار كاراكتير محطّم، ضائع، ومذنب منذ اللحظة الأولى. ونادين نجيم أتقنت التلوّن بأدائها شخصية يارا، ثم كرَّر الدور ذاته بموديلات شَعر مختلفة، إلى أن استعادت البريق بشخصية الضريرة، في انتظار نهايتها. الصادم في المسلسل، أويس مخللاتي بشخصية جابر. أحياناً، لا يحتاج المرء تجربة طويلاً ليُثبت تفوّقاً عفوياً. لفتنا سلطان ديب هذه المرة، والحضور الأنيق لفادي أبي سمرا. لكنّ مخللاتي لم ينزلق لحظة. حقيقي كضحايا أبناء الشارع، زقاقيته مدهشة.


[email protected]


Twitter: @abdallah_fatima


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم