السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

لبنان على خط ثلاثي لمحيط الارتدادات الداعشية \r\nنماذج سيئة لإدارة سياسية تتخبط في الهوامش

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

لا تخفف الهجمات الانتحارية المخيفة التي ضربت مطار اسطنبول مساء الثلثاء الماضي وأوقعت حصيلة دامية ضخمة من الضحايا وقع المناخ والتداعيات المتواصلة لهجمات الانتحاريين في بلدة القاع التي حصلت هجمات اسطنبول غداة المِحنة الجديدة التي حلت بها وبلبنان كله. ذلك ان الاوساط المعنية بمتابعة المشهد الطارئ في لبنان تسارع الى التذكير بان تسلسل الارتدادات الارهابية في موجاتها الجديدة رسمت في الاسابيع الثلاثة الاخيرة خطا بيانيا دمويا اقليميا بدت معه الدول المحيطة بسوريا خصوصا وذات الحدود المشتركة معها الهدف المباشر الاول لهذه الموجات المتطورة بأنماط جديدة شديدة الشراسة بما يؤكد توقعات الكثير من الاجهزة الدولية والاقليمية ومن بينها اللبنانية تحديدا بان إحكام الحصار العسكري المتعدد الجانب والدول على مناطق سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية داعش في العراق وسوريا وتهديده بهزائم محققة سيرتب توقع ارتداد التنظيم نحو اشعال حرب ارهابية واسعة في كل الاتجاهات المتاحة. وقد بدأ ذلك واقعيا بدول المحيط السوري الاقرب عبر عمليات تفجير على الحدود الاردنية السورية ثم تمددت الى الحدود اللبنانية - السورية في بلدة القاع وحطت رحالها الاخير في مطار اسطنبول. ولعل المفارقة اللافتة في دائرة الارهاب الدامي الجديدة انها استهدفت الدول الثلاث الاكثر استيعابا لملايين اللاجئين السوريين الذين يتوزعون بنِسَب متقاربة جدا بين تركيا والأردن ولبنان الامر الذي لا يبقي المشهد القلق الطالع في لبنان منفردا او متميزا عن مشهد التداعيات الخطرة للتطورات الميدانية والديبلوماسية الدولية والاقليمية المتصلة بواقع الحرب السورية خصوصا.


تنطلق الاوساط نفسها من هذا الرسم البياني العريض لتشير الى خطورة عدم امتلاك لبنان رؤية موحدة موضوعية في تعامله مع المعطيات التي اعلنها مجلس الوزراء نفسه في جلسته الاخيرة والتي بدت في الواقع توصيفا دقيقا للاخطار التي تقتحم الواقع اللبناني من خلال استهداف القاع وما بعد الأحداث التي شهدتها. فاذا كانت الحكومة تفوقت على تناقضات مكوناتها وتعالت عن الحسابات الضيقة في لحظة أملت الظهور بوقفة المسؤولية الوطنية امام خطورة الاجواء التي تحوط بالواقع الداخلي من خلال إظهار الحقيقة كما هي من دون مواربة، فان ذلك لا يحجب التساؤلات القلقة عما تمتلكه الحكومة لمواجهة ما حذرت منه بنفسها فيما برزت للتو ملامح البلبلة بين وزراء بل واجهزة حول وقائع الاستهداف الذي اصاب القاع وتشتت الرؤية والمواقف بين مشرق ومغرب بما يثبت تكرارا ان الحسابات السياسية وحتى الشخصية تلعب أسوأ أدوارها في التشويش على ادارة المواجهة الحكومية لسائر الملفات. وتلفت الاوساط في هذا السياق الى انه لم يكن مفهوما ولا مبررا ان تطغى مثلا نغمات تتصل بالتحذير من الامن الذاتي على خلفية حمل ابناء القاع السلاح للدفاع عن انفسهم في يوم ذعر تهدد حياتهم ومصيرهم ووجودهم والتصويب على النائب القواتي أنطوان زهرا لظهوره في صورة يحمل فيها بندقية رشاشة كأن الحدث صار هنا ولم يعد في الإطار الاخطر الذي تسبب بحمل السلاح. لا يعني ذلك بطبيعة الحال التصفيق لمشاهد الناس المسلحين بصور مبالغ فيها، كما تقول الاوساط نفسها، ولكن هذا الامر عالجه الجيش بدراية تامة من دون اي حساسيات وبواقعية واضحة علما ان الجميع يدرك ان الحراسات الاهلية في القاع وسواها من بلدات مسيحية وشيعية بدأت منذ معركة عرسال الاولى ولم تثر مرة انتقادات علنية على الاقل. كما ان الاوساط السياسية المعنية تشير بشيء من السخرية الى ما جرى تداوله على نطاق واسع من مقارنات لمواقف لم تر من احداث القاع سوى هذا الجانب فيما يعرف الجميع انه من غير الوارد مقاربة تصرف اهلي بديهي املاه الخوف على المصير ولم يكن خارجا عن نطاق التنسيق مع الجيش من باب التضخيم واثارة ما سمي الامن الذاتي.
ولا تتوقف الاوساط طويلا عند هذه النقطة لكنها تنطلق منها الى الأبعد المتصل باليوم التالي، اي التصورات لمرحلة المواجهة مع مرحلة جديدة من الاستهدافات الارهابية تبارت الحكومة والاجهزة في تعميم معطيات ومعلومات عن خطورتها ووافاها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى منتصف الطريق كاشفا بدوره عن معطيات يمتلكها عن مخطط ارهابي يستهدف شخصيات سياسية ومناطق معينة وكذلك القوة الدولية العاملة في الجنوب اليونيفيل. وتقول الاوساط ان هذا النوع من الانكشاف الأمني الواسع الذي يقدمه مسؤولون ووزراء واجهزة الى الرأي العام الداخلي والخارجي اذا كانت تمليه مقتضيات الشفافية فانه يرتب في المقابل مسؤولية الإجابة عما ستقوم به الادارة السياسية والامنية لمرحلة بهذه الخطورة وتاليا تبديل كل انماط الحسابات التي تعرقل سبل المواجهة بدءا بتوحيد الرؤية والتزام أقصى حدود تحمل المسؤوليات. فمن الطبيعي من الآن فصاعدا ان تطرح التساؤلات عن سبل صمود الاقتصاد اللبناني المنهك أصلا امام مزيد من المخاوف الذي سيرتبها هذا المناخ الطالع على بقايا موسم سياحي قد يكون اول ضحاياه. كما من الطبيعي ان تبدأ الشكوك تتعالى حول المظلة الدولية الحامية للاستقرار اللبناني وماذا تراها فاعلة الحكومة اذا تمادت الاختراقات الارهابية بما يزيد الشكوك في استمرار هذه المظلة وما هي بدائلها؟ تقول الاوساط هنا انه على رغم كل المخاوف السائدة والمبررة فان المظلة الدولية للاستقرار اللبناني لا تزال كما هي ولن تسمح بتقويض الاستقرار ولكن ذلك لا ينفي الخشية من القصور الداخلي عن تطوير وسائل الحماية السياسية لهذا الاستقرار.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم