الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ليس في الميدان سواه

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر. وتُفتقد تلك القامات الوطنية. وتُفتقد المرجعيات الحكيمة. ويفتقد الذين يلبّون نداء لبنان، كمثل تلبيتهم لنداءات الآخرين، ليفتدوه بالغالي قبل الرخيص على مثال ما يفتدون الآخرين.
لن يستقيم وضع لبنان، ولن يعرف الأمان والاستقرار والحياة الهادئة، ما دام الانشقاق السياسي موجوداً على الأرض، ومتوافراً في النفوس. ومن دون نبش الماضي، ونبش الدفاتر القديمة والحديثة، ومن دون نبش القبور وتصرّفات بعض الفئات "المتعسكرة" تجاه لبنانها سواءً في السرّاء أو الضرّاء.
لا بد من "انتفاضة" سياسية. من حركة سياسيَّة تشرِّع الأبواب والنوافذ والطاقات في وجه الاستحقاق الرئاسي الذي يعرف الجميع، هنا وفي العواصم الكبرى، أنه موجود وراء قضبان أحد "السجون" في طهران...
الحوارات التي يقودها الرئيس نبيه بري منذ فترة، وضمن حدود الحفاظ على الحد الأدنى من التواصل بين المختلفين على ما ليس "محدّداً" بدقّة، هذه الحوارات التي تشمل أحياناً بعض مواد "السلّة" قد أثمرت هنا، أو أخفقت هناك. غير أنها، وبصورة عامة، أعطت بعض الثمار، وخفّفت بعض التوترات.
وهذه الخطوة بكونها بذاتها جيدة. ويجب أن تستمر. إنما بعد هجمة الارهابيين والانتحاريين لم يعد من الجائز تجاهل الواقع الذي يتحدّث عن نفسه بنفسه. والذي لن يجد من يوليه الاهتمام الكامل سوى حكيم عين التينة، الى حيث يحجّ جميع الباحثين عن حلول لما يعانيه لبنان، ولما بدأ يثير الذعر ويكثّف الشكوك.
استناداً الى هذه الحقيقة، يمكننا التوجه الى رئيس مجلس النواب لنناشده في هذه الظروف العصيبة والخطيرة الانتقال بالحوارات والمساعي الحميدة الى مرحلة جديدة: مواجهة التحدي الكبير والشرذمة التي ابتلي بها لبنان.
فمن هذه الطاقة، بل من هذه الثقوب يتسلل الإرهاب مع مختلف أسماء العصابات التي رجعت الى عاداتها القديمة عودة حليمة مزوَّدة فائضاً من الانتحاريين، وفائضاً من الاحقاد.
لقد سبق أن ناشدنا الرئيس بري، رجل الأيّام الصعبة والشدائد، واستجاب. وفعل. وحقّق ما يشبه الأعاجيب.
لذا يلتفت إليه اليوم من تبقى من عقلاء وذوي حكمة ورؤية، مناشدينه أن يعجّل في ملاقاة الوضع الواقف على شوار.
لا بدّ من خطوة مختلفة، من مسعى جدي، من اقتحام الموضوع الرئاسي برمته، وفي ينابيعه، وعند مصباته، بحثاً عن حل ناجع وعاجل من شأنه إعادة الدولة الى مسؤولياتها، وواجباتها ودورها.
انها الفترة الحرجة بعينها يا دولة الرئيس. ومَنْ لمثل هذه المهمات المعقدة والمشرذمة غير نبيه بري، الذي ليس في الميدان وفي الساعات المصيرية سواه؟
يسمع الناس أخباراً وتحليلات وتنبيهات غير مطمئنة. وفي يقينهم أنك ستلبّي النداء كعادتك.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم