الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يعزز موقع الولايات المتحدة

المصدر: "النهار"
غسان حاصباني- خبير وكاتب اقتصادي
خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يعزز موقع الولايات المتحدة
خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يعزز موقع الولايات المتحدة
A+ A-

ارتفاع أسعار الدولار الأميركي، توجه رؤوس الأموال نحو سندات الخزينة الأميركية في المدى المنظور، وخسارة الاتحاد الأوروبي موقعه في المدى المتوسط كأكبر اقتصاد في العالم لمصلحة الولايات المتحدة، مؤشرات تدل على أن الرابح الأكبر من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي هي الولايات المتحدة الأميركية. فهل هذه خطوة أخرى في المسار التحالفي الطويل للمملكة مع الولايات المتحدة الذي حال دون تطور الاتحاد الأوروبي ليرتقي الى مستوى توحيده كدولة سيادية؟


بات من المعروف أن المملكة المتحدة لن تخرج من السوق الأوروبية قبل ثلاث سنوات من اليوم على أقل تقدير بعد المرور بمرحلة تشريعية واقتصادية معقدة. كما أن خروجها من احدى أكبر مجموعات التبادل الحر في العالم لن يهز الاقتصاد العالمي بحد ذاته في المدى المنظور، اذ علينا ان نفصل بين الاثر الاقتصادي والتداعيات المالية لهذا الخروج. فالتداعيات المالية آنية، تحصل كردة فعل مبنية على التوقعات، حيث تتحرك رؤوس المال الى أماكن آمنة مثل سندات الخزينة والعملة الأميركية المدعومتين بأكبر اقتصاد في العالم، ويحتمي البعض بالذهب وغيرها من الاستثمارات ذات المخاطر القليلة الى أن تتضح الصورة. كما أن ارتفاع سعر صرف الدولار قد يشكل عامل ضغط على العملة الصينية التي ستتأثر بضعف الطلب على صادراتها الى الاتحاد الأوروبي. أما من الناحية الاقتصادية، فإن انفصال المملكة المتحدة سيؤثر سلباً في النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا معاً، حيث يقدر الخبراء نسبة التباطؤ في أوروبا بنصف النسبة التي سيتباطأ بها الاقتصاد البريطاني. ولكن ذلك لا يعني تدميراً لأي من أطراف هذه المعادلة، لأن اقتصاد المملكة المتحدة هو الخامس الأكبر عالمياً، مشكلاً 3.6% من الناتج العالمي مقارنة بنحو 1.5% لدولة مثل روسيا و2% للدول العربية مجتمعة. واذا نظرنا الى #الاتحاد_الأوروبي وكأنه اقتصاد واحد، فيقدّر ناتجه بنحو 16 الى 18.5 تريليون دولار ما يوازي الناتج المحلي للولايات المتحدة الأميركية. خطوة الخروج أتت في وقت أصبح هذا الاقتصاد يوازي الاقتصاد الأميركي، ولكن في السنوات القادمة، سيخسر 3 الى 4 تريليون دولار من قيمته نتيجة خروج المملكة المتحدة وتباطؤ النمو الاقتصادي، ليعود فيصبح أصغر من الولايات المتحدة ولكن يبقى أكبر من الصين.



ومن المعروف أن علاقة المملكة المتحة قوية جداً مع الولايات المتحدة الأميركية، كما أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما بعيد صدور نتائج الاستفتاء بالتزامن مع وصف المرشح الرئاسي دونالد ترامب الخروج من الاتحاد الأوروبي بالأمر الجيد. إضافة الى ذلك، يعتقد البعض أن المملكة اضطلعت بدور ضمني في ابطاء تطور الاتحاد الأوروبي نحو فكرة الولايات المتحدة الأوروبية. ولكن بالرغم من فوائد هذه الخطوة للولاليات المتحدة، من الممكن ان تتطور الأمور باتجاه آخر يدفع بالاتحاد الأوروبي الى تسريع خطواته نحو بناء كونفيديرالية كاملة والى اسكوتلندا للانفصال عن انكلترا والالتحاق بالاتحاد الأوروبي لتعود أوروبا فتشكل قوة اقتصادية كبرى تنافس الولايات المتحدة. وفي كل الحالات، يبقى مستقبل المملكة المتحدة ضبابياً يعتمد على قرار اسكوتلندا التي تشكل 10% من اقتصاد المملكة المتحدة و8% من سكانها، ما يجعل انفصالها مؤثرا لكنه ليس مدمرا لانكلترا اذ قد تتقلص ليصبح اقتصادها شبيها باوستراليا او البانيا في أسوأ الأحوال. ولكن من غير المتوقع ان يحصل أي من ذلك قبل عقد أو عقدين من الزمن، وقت ستحاول الولايات المتحدة كسبه لتعزيز موقعها الاقتصادي العالمي.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم