الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بالصور - القاع ودّعت شهداءها الخمسة وقلوبهم كادت تستعيد خفقاتها

القاع- وسام اسماعيل
بالصور - القاع ودّعت شهداءها الخمسة وقلوبهم كادت تستعيد خفقاتها
بالصور - القاع ودّعت شهداءها الخمسة وقلوبهم كادت تستعيد خفقاتها
A+ A-

خططوا لتبكي القاع يوم الاثنين الفائت بثمانية تفجيرات انتحارية إرهابية، ولم يعرفوا أن القاع الجريحة اليوم، بكت شهداءها من سنين طويلة وضمدت جرحها بالعلم اللبناني وتشبث أهلها بأرضهم أكثر فأكثر. أمس قالت القاع "إن كان قدر استشهاد ابنائي ماجد وهبي وفيصل عاد وجوزف ليوس وبولس الاحمر وجورج فارس من أجل بقاء لبنان، فليأخذ الله كل أبنائي شهداء".


سكبت القاع بقلب جريح الدمع ليعود الى ينابيع الأرض طهرها ونقاوتها، فهذا الوطن للبنانيين لا لسواهم الذين أضاعوا الله وكفروا به، وكانت بالأمس كما خلال الحرب حامية للبنان وأرواح شهدائها الخمسة اليوم والسابقين ترفرف فوق سماء الوطن لتقول لا تخافوا ممن يقتلون الجسد، وتعلمنا أن الشهيد ينكر ذاته من أجل الحرية والحقيقة وهو فوق الانانيات والاهواء والمصالح.


الجميع بكوا ورقّصوا النعوش، زغردوا لها، ضموها، وودعوها على عجل من دون اطلاق نار أو مفرقعات. والشهداء كعادتهم، لم يمشوا المسافة القصيرة التي تفصل بين بلدتهم والطريق العام وصالون كنيسة مار الياس، إذ تسابق الأحبة إلى رفع نعوشهم والسير بها رقصاً الى كنيسة البلدة، مار الياس، في مشهد استثنائي، فوداعهم شارك فيه الجميع وجمع كل أبناء المنطقة من مسلمين ومسيحييين، وسياسيين من كل الأحزاب وشخصيات دينية من مختلف الطوائف على رغم بعد المسافة، كنوع من العرفان وحفظ الجميل للشهداء من دون استغلال الموقف سياسيا بتصريحات جانبية، إذ إن كلام الدموع كان أبلغ وفداحة الخسارة قاسية، وسقط خمسة شهداء و30 جريحاً من أهالي البلدة.


الأطفال بالبكاء يودّعون الآباء لترتعش النعوش، وتكاد قلوب الشهداء تستعيد خفقاتها لقبل أمهات ثكالى وزوجات منهارات يسألن كيف يقتل أزواجهن؟ واشقاء وشقيقات ينادون كلمات وداعية وجدانية. هذا المشهد كان عنوان القاع الحدودية فى يوم وداع جثامين شهدائها الخمسة الذين راحوا غدرا على يد بشر لا يخافون الله، وسط تدابير امنية مشددة استثنائية للجيش والقوى الامنية من مختلف الاجهزة.
وترأس مطران بعلبك والبقاع الشمالي للروم الكاثوليك الياس رحال القدّاس والجنّاز لراحة أنفس الشهداء، وعاونَه راعي أبرشية بعلبك ودير الاحمر المارونية المطران حنا رحمة ولفيف من الكهنة. وبعد الإنجيل، دعا رحال الى إعلان القاع منطقة عسكرية تامة، إذ "نحن نعيش في صعوبة وطلبنا الى الحكومة أن تنظم من هم حولنا. 30 ألف نازح يتنزهون كيفما يشاؤون. يجب أن تغلق الثغر المفتوحة عند الحدود، ونطلب أن تكون القاع منطقة عسكرية تامة، لئلا يتكرر هذا العمل الارهابي". وأضاف: "نحن أهل القاع صامدون هنا، وسنبقى نزرع أرضنا، وعلى المعنيين إعادة مياه البلدة كاملة اليها، وأهلها لا يميزون بين صديق وغريب، فنحن يد واحدة في هذه المنطقة وقلب واحد وسنبقى كذلك".


وشدد على أن "القاع اليوم هي الصخرة في ظل عيد القديسين بولس وبطرس، وعلى هذه الصخرة تكسر الارهابيون وتفجر المفجرون، والى أقصى الجحيم نزلوا وفتحت لهم أبواب الجحيم. أما الشهداء الخمسة ففتحت لهم أبواب السماء، وسيدفنون في أرض القاع، أرض الشهادة والعزة والمحبة والرجاء". وأضاف: "إيماننا قوي بأبناء هذه الارض، ولن ننتزحزح من هنا. قدمنا شهداء في أرضنا، أرض العطاء، ونعيش في محبة تامة وانفتاح تام مع اهالي منطقتنا في محافظة بعلبك -الهرمل، في قلوب منفتحة وأيدٍ ممدودة للتعاون على العيش بكرامة، وجميعنا مسيحيين ومسلمين، عيشنا واحد وحياتنا واحدة ولا نفرق بين دين ودين وطائفة وطائفة وانسان وانسان، وكلنا واحد وسنبقى واحداً ويدنا واحدة لكي ننتصر على الارهاب والتكفير".


تعزية البابا


وحمل السفير البابوي المونسنيور غبريالي كاتشا تعازي البابا فرنسيس وتعاطفه ومحبته للقاع وعائلات الشهداء، مشدداً على بقاء الأهالي في أرضهم والتمسك بصليب يسوع المسيح القائم من القبر والتقيد بتعاليمه وتشكيل علامة فارقة تنير العالم. وقال: "المسيح اليوم يقول لنا احبوا اعداءكم وصلّوا لفاعلي الشر. كلام صعب ان يفهمه الواحد، والأصعب ان يعيشه، لكنه كلام يعطينا السلام الداخلي وحاجز امام الشر ومع الشهادة لا تنسوا انكم اخترتم اللون الابيض لون الشهادة الطاهرة وعلى اجسادهم وضعتم الازهار رمز الانبعاث والرجاء".
ونقل مطران طرابلس للروم الكاثوليك إدوار جاورجيوس ضاهر تعازي البطريرك غريغوريوس لحام.
وأكد الشيخ عباس شريف باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى "أن مسلمي المنطقة يد واحدة لحماية بلدة القاع الساهرة منذ الحرب الاهلية بشيبها وشبابها على أمن المنطقة". وقال: "الشكر لشهداء اليوم الذين حموا المنطقة ولبنان بدمائهم، كما استشهد مسيحيون مع الامام الحسين في معركة كربلاء".
وسأل: "ما ذنب اهل القاع وشهدائها؟ هل لأنهم اقتدوا بتعاليم السيد المسيح من ضربك على خدك الايمن أدر له الايسر؟ هل ذنبهم ان تعاليم المسيح تقول "انك اذا كنت ذاهبا الى قربانك وعليك دين فعد وأوفي دينك لاخيك؟ فدماء الشهداء لن تثنينا عن عزمنا، وسنبقى ندافع عن تراب ارضنا بكل غالٍ ونفيس. والشهداء الخمسة ليسوا شهداء القاع فقط، بل هم شهداء اللبوة وعرسال والعين والنبي عثمان والضاحية، وهؤلاء الارهابيون لا يمتون إلى ديننا الاسلامي بصلة، فديننا لا يميز بين الابيض والاسمر".


وفي ختام النهار وضع الشهداء ماجد وفيصل وجوزف وبولس وجورج في مدافنهم، ليكمل أهل القاع الرسالة. الإرهاب استهدف القاع كشقيقاتها الهرمل واللبوة وعرسال ورأس بعلبك، وستبقى القاع تحارب في سبيل لبنان الرسالة، ولن تنكسر أو تهتز لأن الأوفياء وأصحاب المبادىء والأحرار مازالوا أحياء... وصبرا جميلا يا أرض القاع! واكتبي بصمودك وصمود اهلك وبدماء شهدائك وجرحاك تاريخاً مجيداً آخر من تاريخك النضالي.


 


 


 (الصور لوسام اسماعيل)












 







 












حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم