الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الخروج البريطاني والفيتو الفرنسي

علي بردى
A+ A-

لن تتضح بسرعة كل عواقب خروج بريطانيا، أو "البريكزيت"، من الاتحاد الأوروبي. ظهرت على الفور بعض نتائج الاستفتاء. هذا الذي بدا كأنه ليس على مصير البريطانيين وحدهم، وعلاقتهم وحدهم بجيرانهم الأوروبيين. هزّ النظام الدولي القائم منذ الحرب العالمية الثانية. يتوقع أن تكون له تأثيرات عميقة على معادلة استمرت طويلاً في مجلس الأمن. سيقع الأثر الأكبر على استخدام حق النقض في مجلس الأمن. ستصير فرنسا الدولة الوحيدة التي تملك هذا الحق ضمن المجموعة الأوروبية. لهذا أهمية بالغة الاستثنائية في مستقبل صنع القرار الدولي.


ليت العرب يتنبهون الى ما قد يعنيهم مباشرة ومداورة من الاستفتاء البريطاني. يمنح مشروعية اضافية للساعين الى اصلاح الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية. يمس بعمق بتركيبة مجلس الأمن والفيتو الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية فيه: الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين. تعكس هذه المكاسب التي حظي بها المنتصرون الرئيسيون في الحرب العالمية الثانية. تلعب الدول العشر الأخرى غير الدائمة العضوية أدواراً ثانوية ومحدودة في صنع القرار الدولي. لم تنجح أي من المحاولات الكثيرة لاحداث أي تغيير جوهري في المعادلة.
يرعى مجلس الأمن العديد من القضايا العربية التي تشكل تهديداً للسلم والأمن الاقليميين والدوليين. بريطانيا التي كانت امبراطورية استعمارية لا تغيب عنها الشمس عندما منحت اليهود "وعد بلفور" وحين دعمت انشاء دولة اسرائيل في فلسطين وعندما انتصرت في حروبها الكبيرة والصغيرة على الأراضي العربية، قد لا تكون ذاتها بعد "البريكزيت". يمكن أن يكون لهذا الخروج أثر الدومينو داخلياً. عاد الزخم الى مطالبة اسكوتلندا بالخروج من المملكة المتحدة. انتعشت آمال الايرلنديين في وحدتهم على أساس قومي ووطني. ظهرت في ويلز دعوات انفصالية.
دعكم من الآثار الفورية التي تمثلت في الهبوط الحاد للجنيه الاسترليني والغموض في مستقبل لندن كمركز مالي واقتصادي عالمي والانقسام العميق بين الانكليز أنفسهم حيال علاقتهم بأوروبا والعالم. من مفارقات الاستفتاء هذا أن الذين صوتوا لـ"البريكزيت" لم يعرفوا أن الاتحاد الأوروبي صُمم لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة. الآن، لا أحد يدرك عواقب هذه الأزمة مع أنهم يستشعرون وعورة الطريق الطويل للخروج وكلفته الباهظة وخطورته.
مثلما ورثت روسيا الفيتو في مجلس الأمن عن الاتحاد السوفياتي بعد انهياره في نهاية القرن الماضي، لن يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الى خسرانها حق النقض، حتى لو حصل الاسكوتلنديون على استقلالهم. بيد أن الجدل سيتصاعد حول جدوى احتفاظ انكلترا، اذا صارت مجرد جزيرة صغيرة، بهذا الحق الاستثنائي والمصيري بالنسبة الى العالم. صحيح أن لندن لم تستخدمه الا بصورة متكاملة مع الولايات المتحدة. بيد أنها كانت أيضاً جزءاً من كونها أوروبية.
ينبغي أن يقدر العرب جيداً مضاعفات ازدياد أهمية الفيتو في يد فرنسا.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم