الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

زلزال طرابلس يفتح ملف الهزائم والمكاسب أي تداعيات لصعود ريفي واستقالة فاضل؟

زلزال طرابلس يفتح ملف الهزائم والمكاسب أي تداعيات لصعود ريفي واستقالة فاضل؟
زلزال طرابلس يفتح ملف الهزائم والمكاسب أي تداعيات لصعود ريفي واستقالة فاضل؟
A+ A-

لم تكن المفاجأة المدوية التي حملتها صناديق "الفجر الطرابلسي" مقدمة وزير العدل العالقة استقالته اللواء أشرف ريفي "جنرالاً" سياسياً أو زعيماً "تغييرياً" في الساحة الطرابلسية والشارع السني عموماً سوى بداية انطلاق لتداعيات سياسية واسعة النطاق لعلها الأولى من نوعها منذ الانتخابات النيابية الاخيرة التي أجريت عام 2009 ولو اختلف الكثير من الظروف والملابسات بين التجربتين. اذ أنه يكفي لتبين حجم "الزلزال" الانتخابي في طرابلس الذي "استولد" صعود زعامة جديدة تمكنت من الفوز المباغت على تحالف سياسي وقيادي عريض أن تدرج معركة طرابلس تحديداً في اطار المعركة التي فتحت بذاتها ملف واقع سائر القوى السياسية والأحزاب والتيارات في كل الاتجاهات مع انها لم تكن وحدها الحافز الوحيد لفتح هذا الملف عقب انتهاء الجولات الأربع من الانتخابات البلدية والاختيارية. لكن حجم التغيير الكبير الذي طرأ على المشهد الطرابلسي عقب اكتساح لائحة "قرار طرابلس الريفية" الغالبية الساحقة من مقاعد المجلس البلدي المنتخب أطلقت رياح التداعيات الى الأبعد من الشارع الطرابلسي وفي اتجاهات باتت تضع فوراً على الطاولة آفاق الحسابات المثقلة بالهواجس لدى مختلف الافرقاء التقليديين.
ولكن الى جانب الشحنة التغييرية التي حملها استحقاق ديموقراطي ناجح سجل في خانة وزير الداخلية نهاد المشنوق والجيش والقوى الامنية خصوصاً وحكومة الرئيس تمام سلام عموماً، فان محاذير هذه الشحنة سرعان ما انتصبت مع أمر كان يخشاه كثيرون حتى قبل التحول الانتخابي الذي حمل فوز لائحة اللواء ريفي وهو أن تؤدي المواجهة الانتخابية الحادة الى فقدان التوازن الطائفي وسقوط تمثيل الأقليات المسيحية والعلوية في المجلس البلدي المنتخب. وقد وقع المحظور فعلاً حتى قبل اعلان نتائج الفرز الرسمية التي تواصلت حتى منتصف الليل الماضي بما يعني أن المجلس البلدي الجديد سيكون مشوباً بافتقاده التعددية الطائفية في ثانية كبرى مدن لبنان. ولم تقف تداعيات هذا التطور عند حدود الصدمة بل تعدتها الى مفاجأة ثانية فجّرها النائب روبير فاضل الذي استبق صدور النتائج الرسمية للانتخابات في طرابلس بإعلانه استقالته من النيابة اعتراضاً على "تغييب أكثر من مكوّن أساسي من المجلس البلدي الجديد والاخلال بالأعراف والجوهر". ومع التخوذف الذي أثاره هذا التطوّر من كونه مؤشراً لحالة متشددة تسود المدينة ساهم الاستحقاق الانتخابي في انعاشها، سارع الوزير ريفي الى اعادة رسم مواقفه ضمن اطار سياسي صرف، مشدداً على أن طرابلس كانت وستبقى مدينة العيش المشترك. وفي خطاب غلبت عليه أدبيات "ثورة الارز" وانتفاضة 14 آذار أدرج ريفي فوز لائحته في اطار "اسقاط تهريبة محاصصة وتحالف هجين وقلنا لهم بالصوت العالي لن نقبل بأن يسيطر على المجلس البلدي شركاء حزب الله والنظام السوري وعملاؤه وأن أبناء مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا يزالون على عهدهم وقسمهم ووفائهم للمبادئ التي استشهد من أجلها الرئيس الحريري وشهداء ثورة الأرز الابطال".


صوت الاعتراض
ولكن ماذا عن ملابسات الانقلاب الانتخابي الذي شهدته طرابلس؟
أوساط طرابلسية واكبت عن كثب الاستحقاق البلدي شرحت لـ"النهار" المعطيات التي رافقت نتائج الانتخابات، فقالت إن الرئيس نجيب ميقاتي الذي حمل لواء اللائحة التوافقية أصر على اختيار رئاستها ممن ينتمي اليه رافضاً اقتراحات عدة أن يكون رئيس اللائحة من "تيار المستقبل"، معتبرة أن انه أراد أن يكون خياره خياراً سياسياً يكرّس من خلاله زعامته على طرابلس، ولكنه خيار أدى الى نتائج عكسية. وأضافت "أن ما شهدناه أول من أمس هو صوت اعتراضي بامتياز" على المستويات الآتية:
أولاً: اعتراض حقيقي على قرار "تيار المستقبل" التوافق مع الرئيس ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي ولم يقتنع الجمهور الطرابلسي الأوسع بمنطق صرف النظر عن الجانب السياسي والتركيز فقط على الجانب الانمائي في انتظار بلورة الخيارات السياسية في الانتخابات النيابية ورئاسة الحكومة.
ثانياً: يقول الرئيس سعد الحريري إنه يتخذ مواقفه إنطلاقاً من المصلحة الوطنية. فهو دخل حكومة واحدة مع "حزب الله" مع ربط نزاع. كما دخل حواراً مع الحزب من أجل وقف ممارسات الأخير في لبنان وخصوصاً من خلال ما يسمى "سرايا المقاومة" التي اخترقت الطائفة السنيّة في مناطق عدة. ثم كان خيار الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية كي يخترق الجمود الذي فرضه "حزب الله" على الاستحقاق الرئاسي. لكن كل هذه المواقف لم تصل الى أي مكان، إذ بقيت الحكومة مشلولة مما أدى الى انهيار إقتصادي شمل كل لبنان بما فيهطرابلس. واستمرت ممارسات "حزب الله" من دون اي تغيير ولم يلاق "المستقبل" في الحوار بحل "سرايا المقاومة". كما أن ترشيح الحريري النائبفرنجية لم يخرج لبنان من الحلقة المفرغة رئاسياً بعدما أصرّ الحزب على العماد ميشال عون خياراً وحيداً.
ثالثاً: لم يؤد المستويان الأول والثاني مضافا اليه المستوى الذي جرى الحديث عنه سابقاً عن اختيار ميقاتي رئيساً للائحة يمثله، الى ما ذهب اليه الحريري من توافق مما انتهى الى النتيجة المعروفة التي لا تعكس ما يريده جمهور "المستقبل" المعترض على مسار لا يمثل تطلعاته.
وفيما أكد الرئيس الحريري "احترام الارادة الديموقراطية لأبناء طرابلس"، قال الرئيس ميقاتي من جانبه: "لا بد لنا جميعا من أن ننحني أمام ارادة أبناء مدينتي طرابلس".


المقلب المسيحي
واذا كان الانقلاب الطرابلسي خطف الأضواء والاهتمامات الداخلية، فإنه لم يحجب تماماً تداعيات الجوانب الأخرى من نتائج الانتخابات في الشمال وخصوصاً في المقلب المسيحي. خرج "الشمال المسيحي" من معاركه بخليط من الهزائم والانتصارات يحتم اجراء ما نصح به وزير الداخلية نهاد المشنوق القوى السياسية من دون استثناء "بأن تعيد النظر في أدائها وعناوينها ومفرداتها تجاوباً مع عنصر الشباب الذي أثبت قدرته على التغيير". واذ اثبتت معركتا تنورين والقبيات اللتان فاز فيهما الوزير بطرس حرب والنائب هادي حبيش متحالفاً مع النائب السابق مخايل ضاهر والكتائب صعوبة اختراق ثنائي تفاهم معراب الحصون السياسية والعائلية التقليدية، فإنه لا يمكن تجاهل المكاسب التي حققها طرفا التفاهم "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في الكثير من البلدات والقرى في البترون والكورة وعكار بالاضافة الى بشري اذ الثقل "القواتي". ومع ذلك ثمة الكثير من الوقائع الانتخابية السلبية التي واجهها طرفا التفاهم حيث سجلت اختراقات مستقلة ونسب انتخابية مرموقة في مواجهتهما من شأنها أن تشكل انذارات مبكرة لواقع هذا التحالف حيال الانتخابات النيابية المقبلة. وأوردت الماكينة الإنتخابية لنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أنه حقق نجاحاً كبيراً في كل بلدات الكورة، حيث فاز 28 مجلساً بلدياً محسوباً عليه، أو قريباً منه سياسياً أو شخصياً في مستوى علاقات تربطه بعائلات بلداتها. كما فازت اللائحة التوافقية التي دعمها في بلدته انفه.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم