الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الزلزال الفاضح...

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

ماذا يمكن أن نحكي عن هذه الانتخابات المفاجأة، التي قفزت بنجاح فوق مهمّة ملء المقاعد في المجالس البلدية والإختيارية... لتوقظ الشعوب اللبنانيّة من رقدة العدم التي باتت تنافس نومة أهل الكهف؟


هل هي انتفاضة تلقائيَّة، تعبّر بغضبتها ونتائجها عن حقيقة مشاعر الناس وآرائهم في الأحزاب، والتيارات، والتكتّلات، والتحالفات، واضرب واطرح؟
انها أكثر من إنذار. وأكثر من هزِّ عصا. وأكثر من رسالة عتب. المهم أن الناس قالوا "لا" على نطاق واسع جداً، وخلال المراحل الأربع. وبمفاجآت ضاجَّة ومدهشة، مع رسائل من طرابلس والقبيات وتنورين توَّجت النهاية. نهاية ما كان وبداية ما سيكون.
الأحزاب، أو بعضها، أو معظمها، أو كلّها، انكشفت. بل انفضحت إزاء حقائق ووقائع شعبيَّة سياسيّة انتخابيّة، لم يكن تجار السياسة والوطنيَّة يتوقّعونها، أو يحسبون لها أي حساب.
الانتخابات التي خاضها الوزير نهاد المشنوق بكل جدارة واتقان وشجاعة، أعطت ثمارها على أكثر من صعيد. ولأبعد من هذه الانتخابات التي كانت تُعتبر عادية، بلوغاً الانتخابات النيابية المقبلة، والأحجام المنتفخة التي تملأ مجلس النواب، ومجلس الوزراء، و"مجالس" المحاصصة.
لقد شجَّعت الناس على الخروج من العزلة، ومن "بيت الطاعة"، ومن حصار الخوف. وحضَّتهم على بقِّ البحصة، وبقِّ المتاجرين بلبنان، كما المتاجرين بحياة اللبنانيّين وأرزاقهم وأبنائهم.
تحيَّةٌ من القلب لهذه الانتخابات التي جعلت مختلف الفئات والانتماءات اللبنانيّة تقرِّر الخروج على الطاعة لهذا الحزب أو ذاك. ورفض الامتثال لقرارات ومواقف هذا التيار أو ذاك التكتل: لا، نحن من يقرِّر، نحن من يختار الأنسب والأفضل. نحن من يعرف أهداف الأحزاب التجاريّة، ونحن مَنْ يعلن التمرُّد عليها.
وتحية إلى الوزير المشنوق الذي أعاد الدور الفعّال والمؤثِّر إلى وزارة الداخلية، وأبى إلا أن يكون حاضراً في كل مكان، وفي كل المراحل، وملبّياً لكل طلب، ومحقّقاً في كل شكوى، وساهراً بحق وحقيق على كل الاجراءات والتدابير، من كبيرة وصغيرة.
سمعت سياسيّين وصحافيّين ورجال أعمال يقولون مدهوشين إنهم نسوا هذه المفاجآت، وهذه التمرُّدات، وهذه الارادات الثائرة: لقد اكتشفنا شعباً لبنانيّاً جديداً، مثلما اكتشفت الناس وطناً يدعى لبنان يتبادل بعض الأحزاب خطفه واحتكاره... وتجييره أيضاً.
ما حصل خلال هذه الأسابيع القليلة يشبه الزلزال. وما فعله الناس تفسيره رفضهم لبعض الأحزاب والتحزّبات.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم