الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"حزب الله" في دائرة الاستهداف المالي والعقوبات لإخراجه من النظام العالمي

سابين عويس
سابين عويس
"حزب الله" في دائرة الاستهداف المالي والعقوبات لإخراجه من النظام العالمي
"حزب الله" في دائرة الاستهداف المالي والعقوبات لإخراجه من النظام العالمي
A+ A-

لا تحجب الانتخابات البلدية والاختيارية في جولتها الاخيرة شمالاً الاهتمام عن زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الارهاب دانيال غلايزر، لما حملته من رسائل وأجوبة تضع حداً للالتباسات التي سادت أخيراً، نتيجة بدء تطبيق قانون العقوبات الأميركي في حق "حزب الله"، وما رافقه من مواجهة بين الحزب والمصارف من جهة ومع المصرف المركزي من جهة أخرى، بعدما اتهم الحزب المصارف والمركزي بالانصياع للقرار الأميركي.


أكثر من رسالة حملها غلايزر الى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، ومثلها الى المصارف المعنية بتنفيذ القانون. وبدا لافتا حرص المسؤول الأميركي على التنويه بالحاكم رياض سلامة وبالأداء المصرفي الذي يسهم في "تطبيق سليم وعادل ومقبول للقانون" على ما قالت مصادر أميركية واكبت زيارة غلايزر لـ"النهار"، مضيفة أن هذا الموقف يهدف الى التعبير عن تمييز الادارة الأميركية بين السلطات النقدية والمصرفية، والحزب "المستهدف الوحيد بالقانون، هو وكل عناصره ومن يخضع لسيطرته".
لا تعتبر الادارة الأميركية نفسها معنية بأي خلاف لبناني داخلي ينتج من تطبيق القانون، فهذا الامر بالنسبة اليها شأن داخلي وعلى الحكومة اللبنانية ان تتعامل معه. كما تعتبر نفسها غير معنية بما سيؤدي اليه استهداف الحزب على المشهد الداخلي. كل ما يعنيها هو ضبط عمليات "حزب الله" المالية ومنع ولوجه الى النظام المالي العالمي عموما والاميركي تحديدا. وهذا يرتب في نظرها التزاما تاما بالقانون الأميركي اذا كان لبنان يرغب في الحفاظ على موقعه في هذا النظام. ذلك أن التطبيق العادل والمعقول للإجراءات المقترحة يمنع استعمال المصارف ممراً لعمليات الحزب.
وتشدد المصادر على التأكيد أن القانون لا يمس السيادة اللبنانية ولا ينتقص منها. والسلطات اللبنانية تدرك تماماً أن الانخراط في النظام العالمي يرتب التزاما واحتراما للقوانين الدولية، والقانون الأميركي ليس حصرا بلبنان وإنما ينطبق على كل دول العالم وعلى كل المنظمات المصنفة إرهابية، وأخصها "حزب الله" وتنظيم "داعش".
الرسائل الأميركية حيال الجدية المطلقة في تطبيق القانون، وفي اللجوء الى فرض العقوبات في حال عدم الامتثال، قابلتها رسائل متفهمة للوضع اللبناني ولضرورة حماية الاستقرار المالي، تماماً كما هناك حرص على حماية الاستقرار السياسي والامني. لكن الاولوية الأميركية تبقى في الدرجة الاولى لحماية النظام المالي الأميركي.
الرسائل بُلِّغت الى السلطات اللبنانية، وكان الاجتماع مع وزير المال علي حسن خليل جيدا جداً وعمليا جداً، كما تقول المصادر، لكن المسؤول الأميركي لم يحمل وزير المال أي رسالة للحزب. فالعلاقات المقطوعة مع الأخير منذ تصنيفه إرهابيا من الادارة الأميركية، تحول دون حصول أي لقاء علني أو حتى اتصال مباشر، كما أن لا رسائل لنقلها، باعتبار أن الأميركيين لا يحملون رسائل في هذا المجال، بل قراراً بتنفيذ القانون، على أن أي تخلف يتحمل مسؤوليته الحزب حصرا، لأن العقوبات محصورة بأصحاب الحسابات المشكوك في أمرها، وليس بالمصارف، إلا إذا كانت تقوم بتغطية هذه الحسابات.
لكن إذا كانت هذه هي الرسائل الأميركية التي تبلّغتها السلطات اللبنانية من غلايزر، فبمَ ردت الاخيرة عليها؟ وهل يمكن لبنان بحكومته ومصارفه تحمل أوزار التشدد الأميركي؟
إذا كان "حزب الله" مصنفا إرهابيا لدى الولايات المتحدة، فهو حتما ليس كذلك بالنسبة الى الحكومة التي يتمثل فيها بوزيرين، على ما تقول أوساط حكومية بارزة، مؤكدة أن لبنان لم يتخلف يوما عن احترام القوانين الدولية، لكن في المقابل، لا يمكنه تحمل استهداف مكون لبناني، من دون ان يشكل خطرا على الكيان وعلى البلاد. من هنا، تؤكد الاوساط التزام لبنان تطبيق القانون، ولكن مع التنبه والحذر لمنع تعريضه لأي هزة. وهذا يتطلب في رأيها متابعة دقيقة للإجراءات التي يفرضها القانون وللوائح التي يصدرها.
تعي الاوساط ان العالم كله يعيش تحت الحكم الأميركي وان هامش التحرك ضيق في ظل التضييق والضغط الأميركيين في هذا الشأن، لكن هذا لا يعني في رأيها ألا يتمكن لبنان من الالتزام وتطبيق القانون من دون ان يعرض بيئته ومجتمعه واقتصاده ومصارفه لأي خطر، مشيرة الى أن الامر متروك لعناية السلطات المالية والنقدية التي تدرك تماماً حجم الاخطار وتدرك كيفية تفاديها بتغطية كاملة من السلطة السياسية في الحكومة.
تبقى المشكلة في سبل التطبيق من دون استنسابية، بحيث تصيب الإجراءات العقابية الحزب وليس الطائفة الشيعية كما يريد القانون.
والواقع أنه لدى سؤال المصادر عن هذه المسألة وكيف يمكن الفصل بين الحزب وبيئته، تؤكد أن الاستهداف محصور به وليس بالطائفة، والإدارة الأميركية قادرة على التمييز بين الاثنين.
لكن يفوت هذه الادارة أن الفصل بين الحزب وبيئته شبه مستحيل، وهذا ما يفسر المخاوف التي بدأت تظهر في أوساط الحزب والطائفة على السواء، على مصادر تمويل المؤسسات والسلطات والموظفين بمن فيهم الوزراء والنواب وعائلاتهم. فهل هذا ما يهدف اليه القانون فعلا، ويرمي الى عزل الحزب عن بيئته؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم