الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل يتسلّل توطين اللاجئين من أبواب المدارس؟ التعليم يستقطب مئات ألوف الأولاد والسوق اللبنانية تستوعبهم

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

يكفي أن لبنان يستضيف في مدارسه 215 ألف تلميذ لاجئ، ويطمح الى استيعاب أكثر من 500 ألف، للتساؤل عن إجراءات تحصين مقابلة، تمنع تسلل التوطين من باب التعليم.


لا يبدو أن أحداً يتنبه لما يجري في مجتمع اللجوء، إلا إذا ذكرنا حركة وزير التربية الياس بو صعب مع الجهات المانحة، وتركيزه على ضرورة تعليم كل أولاد اللاجئين، والحديث عن إنجازات استيعابهم، علماً أن لبنان لا يحصل على التمويل الكافي لمتطلباتهم. ففي إطلالة على مشهد اللجوء أو النزوح كما يحلو لبعض الوزراء تسميته، بات واضحاً أن غالبية اللاجئين بدأوا يندمجون في المجتمع اللبناني، أو تلبننوا على ما يروى عن حياتهم في التعليم والعمل والسكن، وإن كانت مأساتهم قد غيرت وجه وطنيتهم.
يحكى عن عشرات ألوف اللاجئين المنتشرين في مختلف المناطق اللبنانية، وإن كان الجزء الأكبر منهم يتركز في المناطق القريبة من سوريا، يعملون في مجالات مختلفة وقطاعات عدة في لبنان من دون ترخيص، وبعضهم اندمج مع الناس في قرى وبلدان عدة. ولا تتوانى مؤسسات كثيرة صغيرة ومتوسطة وأرباب عمل عن تشغيل اللاجئين برواتب ضئيلة، فقط من أجل التوفير والربح، بدلاً من توظيف لبنانيين يضطر أصحاب العمل لدفع رواتب أعلى لهم وتسجيلهم في الضمان الاجتماعي. ولا تتوانى مصانع صغيرة ومشاغل وأصحاب أراض زراعية عن تشغيل اللاجئين، خصوصاً الفتيان والحرفيين المهرة في بعض الاعمال، فيما مؤسسات كبرى توظف عمالاً سوريين من غير اللاجئين.
وإذا كان عمل اللاجئين موقتاً وبلا ضمانات، إلا أنه يجب الاعتراف بأن مشكلة اللجوء في لبنان باتت جزءاً من أزمة لبنان، مع تقاعس المجتمع الدولي واستقالته عن دعم لبنان في التخفيف من تحمله أعباء اللاجئين وكلفة الخدمات التي تقدم لهم، إذ لم يتلق لبنان دعماً يذكر باستثناءات قليلة، رغم الوعود التي أغدقت عليه لدعمه. فلم يحصل على حصته من الدعم البالغ ملياراً وبضع مئات الملايين من الدولارات، على الرغم من أنه كان طالب بمبالغ تغطي فترة اللجوء وتتجاوز الـ 7 مليارات دولار، في الوقت الذي تستمر مدارسه باستيعاب أولاد اللاجئين ليتجاوزوا الـ 200 ألف تلميذ من 500 ألف في عمر المدرسة، على الرغم من أن الإحصاءات تتحدث عن عدد أكبر.
ولعل ما يجب أن يقال للمجتمع الدولي عن قضية اللاجئين، لا تعبر عنه الحكومة اللبنانية بوضوح، ولا تتخذ اجراءات لضبط الفوضى التي تعم مجتمع اللاجئين وانخراطهم في العمل، وحتى التحاقهم بالمدارس كي لا نقول التعليم بوصفه حقاً إنسانياً، إنما يجب تذكير المجتمع الدولي بأن أعداد اللاجئين هي أكثر مما تتحدث عنه مفوضية اللاجئين والجهات المانحة. هذه الأخيرة، توقفت عند عدد المليون و200 ألف، فيما الأرقام تتحدث، وفقاً لمؤسسات محلية عن وجود مليون و500 ألف لاجئ سوري، من غير العاملين السوريين على الأراضي اللبنانية. أما السؤال، فماذا عن المواليد الجدد؟ يجري الحديث عن ولادات فاقت الـ 150 الفاً بين اللاجئين، وقد قامت السلطات اللبنانية بتغطية نفقات جزء كبير من الولادات السورية، بالإضافة الى تغطية الحالات الطبية لأعداد كبيرة من السوريين على حساب الخزينة. تعترف الجهات المانحة بهذا الأمر، لكنها لا تتحدث عن ارقام دقيقة، ما يجعل مجتمع اللجوء مقفلاً ويستمر بالضغط على البنية اللبنانية بلا حلول ولا اقتراحات لها.
في المقابل، بات عدد التلامذة اللبنانيين في المدارس الرسمية أقل من عدد أولاد اللاجئين، إذا ما قارنا بين الدوامين وفتح المدارس الجديدة. وما زالت هناك جمعيات مدعومة من جهات مختلفة محلية وعربية ودولية، وأخرى وهمية تدخل على خط اللاجئين وتنال مساعدات من الجهات المانحة، وجمعيات دينية أيضاً تستقطب أهالي اللاجئين، تحت عنوان الدعم الاجتماعي لتخفيف المعاناة، وتتابع بعضهم عبر نشاطات وجلسات، من دون أن تساعدهم في دخول المدارس، فيتحول الجيل السوري الجديد في لبنان الى جيل لا ينتمي الى دولة ولا هوية له، فيما يستمر لبنان في دفع الكلفة مع شح التمويل الدولي!
يبقى أن وزارة التربية تتولى الصرف على تعليم اللاجئين بالعلاقة مع الجهات المانحة، إذ لا أحد يعرف تماماً كيف تصرف الأموال، ولا أحد يسأل عن وضع المدارس الجديدة التي فتحتها الوزارة والدوامين، في ما يتعلق بالصيانة والصرف، وما هو واقع الأساتذة المتعاقدين لتعليم أولاد اللاجئين؟ هذا يدل على أن المسألة قد تطول، لتصبح أكثرية المدارس الرسمية مكاناً لاستضافة اللاجئين!


[email protected]
Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم