الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

إلى الوراء

حياة ابو فاضل
A+ A-

قاطعوا... قال أهل الفكر والفن والصحافة من مسرح المدينة بالأمس القريب. قاطعوا أشياء الليل والنهار وكل ما يدعم العدو الاسرائيلي. وقد قاطعنا اسرائيل صغاراً يوم كنّا في مدارسنا نمتنع عن أكل ألواح شوكولا قيل إنها من صنع الكيان العبري، أو يشاركنا في التهامها أهل هذا الكيان... وغير الشوكولا هناك الصابون ومساحيق التنظيف والغسيل، وألف صنف وصنف، وكان أهلنا يقاطعونها. ولمّا كبرنا قرأنا ما خطّ زعماء "صهيون" من بروتوكولات غرور وكبرياء فارغة دلّت على فكر مدنّس يخبّئ إجراماً بلا حدود واحتقاراً لجنس بشري إنّما وجد لخدمتهم. قاطعنا وقاومنا كل على طريقته، ومرّت الأيام فإذا بفلسطين تُسحب شبراً شبراً من أيدي أهلها الذين ما بقي منهم إلا القليل، ومن هاجر، هاجر ونفض يديه.


وما زال أهل الفكر والفنون عندنا يتكلّمون عن المقاطعة في أوقات ضجرهم، وكأنّنا نعرف ما هو "إسرائيلي" في حوانيتنا، وكأنّ تركيبتنا الاقتصاديّة سليمة، لا غش فيها ولا فساد، وكأنّ العلاقة ما بيننا غير فاسدة وغير قائمة على المصالح الملتبسة. ولو قدّر لنا أن نقاطع البضائع الإسرائيلية، ما الضرر الذي سنُلحقه بعدوّ طبّع علاقته مع معظم الدول العربية المجاورة، وكاتم أسرار اقتصاد العالم كلّه بالسرّ وبالعلن، بعدما تسلّل إلى وسائل الإعلام العالمي، وسيطر على سياسة المصارف العالميّة، والقرار الأخير دائماً له؟ وأي ضرر يمكننا أن نلحقه به لو حرمناه ملايين الدولارات، وبلايين دولارات العالم بين يديه؟ حتى تطبيع العلاقات معنا لا يهمّه.
متى نفهم بذكاء ظاهرة اسرائيل اليهوديّة التي تسجد لها دول الغرب والدول العربية التي صالحتها وتبادلت السفارات معها، وشاركتها في تخطيط المؤامرات لتدمير بلدان عربيّة أخرى، وعزفت معها ألحان "المذهبيّة" المختلفة، فتقاتل الأخوة وسالت دماؤهم كرمى لعينيها النهمتين؟
نقاطع ماذا وما أدركنا بعد أفراداً وجماعات لماذا هناك منذ بدء زمن نشوء الأمم جماعة ادّعت أن الخالق فتح معها خطّ تواصل سريع وأهدى إليها أرض فلسطين مًرفقة بلقب "شعب الله المختار". والعرب بنوا فكرهم الديني على ما ورد في كتبها، فماذا نقاطع، الفكر الديني أم الشوكولا؟
أمّا عن المقاومة التي بدأت وطنيّة وانتهت إسلاميّة، فصار لها سلاح فتّاك مُعاصر، وهي تجاهد في سبيل الله... ونتساءل: هل هو الخالق ذاته الذي اختار شعب اسرائيل وأهدى إليه الأرض؟ متى يقفز الإنسان العربي إلى مساحة فكر لا صراع فيها على خيرات الأرض باسم السماء، فتزول لعبة أمم قذرة، طال زمانها وبلاد الشام ضحيتها الدائمة؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم