الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

وعي المواطنين للهمّ البيئيّ سراب أم حقيقة!

روزيت فاضل @rosettefadel
وعي المواطنين للهمّ البيئيّ سراب أم حقيقة!
وعي المواطنين للهمّ البيئيّ سراب أم حقيقة!
A+ A-

يعتبر البحث في دور المواطنية البيئية حاجة ماسة في المدارس لأنها الضمانة الوحيدة لإبعاد "شبح" واقعنا الحالي عن الجيل الناشئ. لا يمكن أن يترسخ في أذهان تلامذة اليوم واقع وجود "خط تماس" بين المواطنة والبيئة لأن كل منها مكون أساسي لبلوغ مجتمع واع على مسؤولياته تجاه نفسه والمواطن والوطن.
رأى أستاذ التربية على المواطنية في كلية التربية في الجامعة اللبنانية الدكتور علي خليفة في حديث لـ"النهار" أن "التقاطع بين المواطنية والأطروحة الاجتماعية يتضمّن حيزًا واسعًا للاهتمام بقضايا البيئة، ليس من زاوية الترف الفكري بل لأن العلاقة بين السياسة والاقتصاد علاقة عضوية، حيث تعكس أرقام الاقتصاد ومؤشراته خيارات سياسية دون سواها.
وتقوم فكرة المواطنية البيئية على مفهوم التنمية المستدامة وأبعاده كافة، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية."
ليست بترف...
وقال "نحن، في الدول العربية ولبنان، استوردنا على صهوة الاستعمار والانتداب نموذج الدول الوطنية في الغرب، حيث لم تتطوّر أطر العلاقات السائدة في مجتمعاتنا بشكل كافٍ للخروج من النمط العضوي المتضمّن للنزعات القبلية والعشائرية والطائفية والتبعية الأولية".
وضع إطاراً واضحاً للعلاقة بين المواطنة والبيئة معتبراً أننا "لا نملك من نموذج الدول الوطنية سوى النشيد والعلم الذي يتبدل كل ما سقط النظام السياسي أو تبدل والحدود المرسومة بالمسطرة. وداخل هذه الحدود المصطنعة، لا تزال الدول العربية في أسفل الدرك لناحية مؤشرات التنمية ومجالاتها كافةً".
إزاء هذه الحال، رأى "خليفة أن المواطنية البيئية تصلح لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه المشاريع السياسية في ظروف مختلفة واعتبارات شتى".
وتوقف عند تجربة لبنان في الآونة الأخيرة محللاً "أزمة النفايات المنزلية وكيفية إدارتها". برأيه "للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية، كانت مختلف القوى السياسية، على تباين مشاريعها ورؤاها، في مقلب، والمواطنون الواعون لخطر هذه الأزمة ولضرورة الالتزام المدني بالتعبير عن احتجاجهم عليها، جميعهم كانوا موحدين في المقلب المواجه."
بالنسبة إليه، "كان تحالف السياسة والفساد في المقلب الأول وهو التحالف المسؤول عن فشل بناء الدولة منذ الإستقلال وإلى اليوم؛ ووعي المواطنين للهم البيئي وتضامنهم بوجهه وتوحدهم لمواجهته بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية التي لطالما فرقتهم وخلفياتهم الدينية والمناطقية".
واعتبر أن "المواطنية البيئية يمكن أن تشكل في لبنان قاعدة مشتركة لبناء وتعزيز الوعي الوطني لدى الأفراد، ويمكن لهذه المقاربة أن تنجح حيث فشلت المشاريع السياسية المتباينة أو تصادمت الأطروحات الاجتماعية المختلفة." ثمّ قال: "على جميع هذه المستويات، ولجميع الأسباب المذكورة، لم تعد المواطنية البيئية تفصيلاً طفيفًا ولا حديثًا ينم عن ترف فكري، بل مسؤولية كبيرة ومشروع يمكن التأسيس عليه للبناء الوطني".
... في المدارس
توقف عند أهمية المقاربة الجديدة لتطوير العملية التعليمية في المواطنية البيئة في المدارس . في هذا الإطار، لفت خليفة، وهو عضو لجنة تطوير مناهج التربية الوطنية في المركز التربوي للبحوث والإنماء، إلى أن "المناهج الجديدة غير بعيدة من هذا النفس، حيث تبلور وعي جدير بالاهتمام لدى لدى التطرق إلى مجالات التربية على المواطنية المدرسة وتحفيزها ليس فقط على صعيد بناء المعارف واكتسابها، بل أيضاً من خلال توظيفها بغية التأسيس لسلوك مواطني فاعل وتبني مواقف وقيم مؤثّرة على الحياة الوطنية والمدنية والاجتماعية للمتعلمين والذي نعتبرهم مواطني اليوم والغد، في الحياة المدرسية كما في الحياة الوطنية".
خلص إلى اعتبار أن "الشأن البيئي يقع في صلب هذه المقاربة ويساهم في تفعيل منظومة المواطنية لدى المتعلمين في خدمة الوطن والمواطن، لا سيما على صعيد المشاركة العامة وقضايا الشأن العام وثقافة المحاسبة العمومية ومهارات التفكير الذاتي والحس النقدي".
الجامعة في شؤون المجتمع وشجونه
وأثنى خليفة "على مبادرة مؤسسة ديان فاضل بالتعاون مع كلية العلوم التربوية في الجامعة اليسوعية لإنشاء كرسي التربية على المواطنية البيئية والتنمية المستدامة". قال خليفة، وهو عضو في اللجنة المتابعة لأعمال الكرسي، "إن التنسيق بين الجامعات اللبنانية لتفعيل البحوث في هذا المجال من شأنه أن يعزّز الوعي المواطني بالبيئة ويؤسس عليه لبناء وعي وطني عجزت مشاريع السياسة قاطبة عن تحقيق الإجماع حوله". قال: "يدخل على إثر ذلك التعليم العالي ومراكز البحث في دينامية المجتمع ومقاربة مشاكله واجتراح الحلول المناسبة لها، وحتى المساهمة في بلورة وعي وطني وتحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي".
ختم خليفة: "المواطنية البيئية تشكل مشروعًا وطنيًا بامتياز، وهي الحاضنة للتطوير التربوي على مستوى التعليم العام وللبحث العالي ولتعزيز حضور الجامعة وأطر الجمعيات العاملة في المجتمع المدني لإحداث التغيير المنشود على مستوى المجتمع والوطن. يمكن أن تشكل المواطنية البيئية وعيًا وطنياً، يكون بذلك المشروع النهضوي للبنان على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية مشروعًا أخضر بامتياز على امتداد مساحات الطيف".


[email protected] 
Twitter:@rosettefadel


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم