الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أرعبها ما وجدته فجأة على زجاج سيّارتها... أعجوبة أنقذت حياة ميرنا في الدورة

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
أرعبها ما وجدته  فجأة على زجاج سيّارتها... أعجوبة أنقذت حياة ميرنا في الدورة
أرعبها ما وجدته فجأة على زجاج سيّارتها... أعجوبة أنقذت حياة ميرنا في الدورة
A+ A-

20 سنتيمتراً كانت كفيلة في إنقاذ حياة ميرنا ابنة #الأشرفيّة يوم الجمعة الماضي 20 أيار 2016 عند الساعة الخامسة والنصف مساءً. كانت في تلك الأثناء تبحث عن منفذ لتستدير في السيارة من على طريق #الدورة وتعود الى منزلها. توقّف السير. اشتدّ الزحام. رجلٌ يقود سيّارةً أمامها. لا يتحرّك من مكانه. يقرّر فجأةً التقدم نحو السيارة التي تسبقه في حركةٍ لم تفهمها ميرنا للوهلة الأولى. لحقت به دون دراية. تقدّمت مسافة لا تتعدى 20 سنتيمتراً في السيارة. خطوة واحدة نحو الأمام. صوت حطام زجاج عمّ المكان. دوّى كقنبلة. للوهلة الأولى خالت ميرنا أن حجراً كبيراً استقرّ على زجاج سيّارتها. لكنها ما لبثت أن اكتشفت الحقيقة.


تقول في حديثٍ لـ"النهار" أنّه "تبيّن لي أنها رصاصة كلاشنيكوف استقرّت في السيارة بعدما اخترقت الزجاج نتيجة اطلاق الرصاص الحيّ في الهواء تزامناً مع اطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطبة تلفزيونية. كنت برفقة ابني الذي يجلس بقربي من اليمين، وأمي التي تجلس خلف ابني في المقعد الخلفي. وكنت أنا بمفردي من جهة الشمال، حيث اخترقت الرصاصة الزجاج". هي الخطوة الإضافيّة التي تقدّمتها السيارة التي تسبق سيّارتها مَن أنقذ ميرنا من الموت المحتّم أو الإصابة الخطرة أقلّه. ولو لم يحصل ذلك، لكانت الرصاصة اخترقت السقف وأصابت رأسها أو جسدها بدلاً من الزجاج.


لا تملك هذه المرأة التي لا تتقن اللغة العربية جيداً ما تقوله حول الواقعة سوى أن أحداً لم يلحظ ما حصل نظراً إلى شدّة الازدحام وعدم اهتمام السائقين بمصير ما جرى معها. مكثت السيارة بالقرب من مرأبٍ قريبٍ من الدورة، واستقصت بنفسها ما حصل. وعندما وصلت الى محطّة للوقود قال لها العامل هناك عبارة واحدة: "نجوتي بأعجوبة!". نسألها: "لماذا لم تبادري الى الاستعانة بمخفر لمعرفة ملابسات الحادث؟". تجيب: "لماذا الذهاب الى المخافر اذا الأمر لا يجدي نفعاً. هل سنستطيع اعتقال الجاني؟ أم أنني كنت سأموت ضحيّة رصاصة طائشة؟".


لا تخفي ميرنا مسألة أنها لن تتجرّأ على الخروج من المنزل مجدّداً في كلّ مرّةٍ يعتلي خلالها رجلٌ سياسيٌّ المنابر ليخطب أمام جماهيره. وهي تؤكّد أنها ستحظّر على أولادها وأصدقائها التجوّل أيضاً. وهي لا تستثني أحداً من جماهير الأحزاب التي تبادر الى اطلاق النار العشوائي: "ان تفكيرهم الخاطئ وعقليّتهم المتحجّرة لا تتغيّر. فليستمروا في إطلاق الرصاص في الهواء ونحن لن نخرج مجدداً من المنزل في هذه الحال. الأمل مفقودٌ معهم، ويا للأسف".


نحو اعتبار اطلاق النار في الهواء جناية
لم يتطرّق #القانون_اللبناني صراحةً الى اعتبار أن اطلاق النار في الهواء عبارة عن مخالفة قانونيّة أو جريمة مقترفة. "لا يوجد قانون واضح يلاحق مطلق النار في الهواء وهي لا تعتبر جريمة سوى في حال الإيذاء المتعمّد أو غير المتعمّد". بهذه العبارة يختصر عضو لجنة الإدارة والعدل النائب غسّان مخيبر في حديثٍ لـ"النهار" النظرة القانونية الى ما يعرف لبنانيّاً برصاص الابتهاج.


ويؤكّد مخيبر أنه في صدد التحضير لمشروع قانون لجعل اطلاق النار في الهواء بحدّ ذاته جريمة. يقول: "برأيي من الضروري أن تتحوّل هذه المخالفة الى جريمة بحدّ ذاتها وأنا أحضّر للبحث القانوني اللازم في هذا الإطار وأجهّز اقتراح قانون. علينا أن نجعلها جرماً لأن اطلاق الرصاص بذاته يشكّل جريمة قريبة لمحاولة القتل وبالتالي يجب أن تكون عقوبتها رادعة وان تكون جناية وليس مجرّد جنحة لأنها تؤدي في النهاية الى موت".


وهو لا يخفي أن المشكلة لا تتمثل في عدم وجود نصّ قانوني في هذا الإطار وحسب، بل بإنفاذ القانون. والمشكلة الأكبر أن ليس المدنيين وحدهم من يطلقون الرصاص في الهواء ولكن العسكريين أيضاً، وبالتالي لدينا مفارقة كبيرة جداً في هذا السياق. كما لا ينفي في أن المدّة الزمنيّة التي يستغرقها القانون ليبصر النور بعد تقديمه الى مجلس النواب قد تكون طويلة: "قرارات #مجلس_النواب تتسم بالبطء وعدم الفاعلية، وأتأمل أن يلاقي هذا الموضوع اهتمام ومتابعة جديّة".


ويعوّل على دور وسائل الاعلام للوصول الى مشروع قانون حاسم ويدعو الى تفعيل الملاحقات الجديّة لكل من يطلق النار عشوائيّاً ويحضّ اللبنانيين على أن يتيقظوا الى خطورة هذه الممارسات. ويضيف أنه "طالما أن القرار السياسي لا يغطي أحداً من البيانات المختلفة التي تصدر، التحدي يكمن بالتالي في انفاذ القانون".


ظاهرة مرتبطة بالتاريخ الاستعراضي
رغم اعتبار ظاهرة اطلاق النار في الهواء "عمل بربري" في اوروبا منذ مطلع القرن الثامن عشر، بيد أنها لا تزال في لبنان في القرن الواحد والعشرين رائجةً بقوّة ومنتشرة في غالبية المناطق الللبنانية وعلى اختلاف فئات وشرائح المجتمع. الدكتور في علم النفس الإجتماعي هاشم الحسيني يعتبر في حديثٍ لـ"النهار" أن "هذه الظاهرة مرتبطة بالتاريخ الاستعراضي الذي يعتبر جزءاً من ثقافة المنطقة العربيّة والإسلاميّة. الشخص الذي يطلق النار في الهواء هو شخص يستشعر قوّته الشخصية لأنه يفتعل صخباً ويتصوّر نفسه وكأنه يقوم بعمل شجاع. وبالتالي يعتبر ذلك نوعاً من ايهام النفس أنها مهمة وقادرة على أن تقهر الأعداء الوهميين".


ويضيف أن "المسألة مرتبطة بالوهم وخلق شعور بالقوّة للذات الضعيفة التي تريد أن تأنس بنفسها وان كانت قوّة وهميّة". لا يخفي الحسيني أن شعور المسؤولية معدوم من مطلقي النار لأنهم يعلمون أنهم لن يعاقبوا طالما أن هذه المسألة لن تصطدم بالسلطات العامّة مما يخدم عمليّة تعاظمه الوهمي. ويشير الى أن حملات التوعية وحدها لا تكفي وهي تأخذ حيّزأ بسيطاً من تنبيه الناس مفاده أن الرصاصة الطائشة ستعود الى الأرض وان ارتفعت في الهواء. ويؤكّد أن "الرادع الحقيقي لهؤلاء هو من يمكنه منع هذه الظاهرة وهو بالتالي كل من يوجّه هؤلاء الناس ويزوّدهم بالرصاص كي يطلقوها في الهواء. وفي النهاية يبقى القانون المتمثّلّ بالسلطات العامة هو الرادع الأبرز والنهائي".


خطوة اضافيّة من عجلة السيارة أنقذت حياة ميرنا. خطوة منقوصة كانت لترديها قتيلة أمام عيني ابنها ووالدتها المسنّة. هي لن تكرّر التجربة. ستستمع الى نشرة الأخبار في كلّ ليلة كي تعلم اذا ما كان أحد الزعماء سيخطب أمام جمهوره في الغد، كي تقفل الباب وتختبئ في غرفتها. لا يسعها ان تفعل شيئاً آخر حتى رمق الأمل الأخير. حين ستحمل في يدها جواز السفر وترحل الى اقرب موطئ قدم هادئٍ وآمن.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم