الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

سنتان فراغاً : المستنقع [2]

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

لم تكن "الشراهة" التي طبعت إقبال القوى السياسية والحزبية على اقتناص الاستحقاق البلدي الا احدى النتائج الحتمية للانهيار الذي وجدت نفسها فيه جميعا عقب سنتين من تعطيل الانتخابات الرئاسية . بطبيعة الحال لا تتوازى مسؤولية القوى المعطلة للاستحقاق مع القوى التي دأبت على محاولات كسر التعطيل عبثا . ولكن واقع القوى السياسية في السنة الثانية من الفراغ لا يبقي مجالا للشك حول نشوء أسوأ لعنة حلت بطبقة سياسية من قبل وباتت معها صورة هذه القوى مشيطنة بالجملة بلا تمييز . والحال ان الفراغ القياسي انهك القوى المعطلة كما القوى المناهضة للتعطيل وأدى الى تعميم العمى السياسي خصوصا ان النصف الاخير من السنة الثانية أدى بتداعياته الى ما يوازي انهيار معادلة معسكري 8 آذار و14 آذار . بعد ستة اشهر من قيام معادلة حصرية الترشيحات بالعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية على يد الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع بدت النتيجة دراماتيكية. لم يتزحزح " حزب الله" وحليفه العماد عون بإزاء الانقلاب الذي قدمه خصومهما بترشيح المرشحين الاكثر وثوقا وقربا من الحزب، ولم ينفع ايضا انهيار الدومينو في صفوف 14 آذار، ولا نفع كذلك تفاهم معراب في احداث اي نقلة واختراق في الحائط السميك للتعطيل . فاز التعطيل دوما ولكنه لم ينجح قط في حجب الحقيقة الكبرى التي تتخفى وراء تعطيل داخلي مدفوع بتعطيل ايراني سافر للاستحقاق اللبناني . ومع أن الصراع الايراني السعودي ليس عاملا يمكن التستر عليه، فان دعم السعودية للنائب فرنجية لم يبدد قوة العصف المتصاعد عبر الازمة الرئاسية فاذا بنا مع بداية السنة الثالثة من الفراغ امام استنفاد كل قدرات الطبقة السياسية على لبننة خالصة للاستحقاق وسقوط الجميع في المستنقع. وحدهم هواة التبصير السياسي وبيع الإثارة الجوفاء راحوا الى لغة التكهنات المفلسة بضرب المواعيد الوهمية لانتخاب الرئيس فيما الخوف الاكبر يتصاعد حيال فائض من الفراغ قد يكون محمولا بانصراف العالم اكثر فاكثر عن لبنان كلما اقترب موعد احتدام الانتخابات الرئاسية الاميركية وما ستتسبب به من ترحيل لكل حسم في ملفات الشرق الاوسط المشتعل بما فيها الازمة الرئاسية وتركها لقمة سائغة للنافذين الاقليميين. لا ندري حقيقة كم سيتراءى للطبقة السياسية انها استعادت جرعة إنعاش بعدما عممت الانتخابات البلدية عليها الكوتات وَالأَنصَاب ومنحتها بعضا من اوكسيجين مفتقد بشدة في هذا الاختناق الهائل الذي بلغته . ولكن حزيران على الباب ، وما كان يجري إلهاء الناس به في جولات أيار الانتخابية لن يكون مؤهلا ابدا لحجب حقائق صادمة بالكامل ، ولن يكون اليوم تحديدا الا بداية لنفض غبارها مجددا عن طبقة سقطت بالكامل في الفراغ القياسي الذي صنعته اما بتبعية واما بقصور .


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم