الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

من "دولة كترمايا" إلى "دولة طاريا"... ماذا يقول علم الاجتماع؟

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
من "دولة كترمايا" إلى "دولة طاريا"... ماذا يقول علم الاجتماع؟
من "دولة كترمايا" إلى "دولة طاريا"... ماذا يقول علم الاجتماع؟
A+ A-

إعترف اليوم معروف حمية والد الجندي الشهيد محمد حمية بقتل حسين الحجيري (ابن شقيق مصطفى الحجيري الملقب بـ"ابو طاقية") ووضع جثته على قبر ابنه في جبانة طاريا. لم ينته الثأر عند ما قام به حمية بل توعد في مقابلة مع تلفزيون "الجديد" بشيء ما داعياً الجميع "أن ينتظرونا."


يختلف اليوم ثأر عائلة حمية عما كانت عليه ظروف الثأر في جريمة كترمايا في نيسان 2010 حين قام أهالي البلدة بطعن العامل المصري محمد مسلم، وضربه ثم سحله وعلّقوه بالمقلوب ومثّلوا بجثته، في حضور عناصر القوى الامنية انتقاماً للجريمة المروعة التي ارتكبها في البلدة.
إنتقل اليوم الثأر من "دولة كترمايا" التي اقتص عدد من ابنائها بأيديهم من القاتل ورسى في دولة أخرى هي "دولة طاريا" مع فارق ان الاقتصاص جاء ليس القاتل المشتبه فيه بل من أحد افراد عائلته، على عادة الثأر القبلي المتجذرة. ما هو واقع مجتمعنا الضائع والبائس في نظر متخصصي السوسيولوجيا؟



طفح الكيل...


أستاذة علم الإجتماع في الجامعة اللبنانية الدكتورة فهمية شرف الدين تقول انها "لا تدين ما قام به معروف حمية اليوم وانها ليست مولجة محاسبة أي إنسان على ما قام به." لكنها تلفت إلى أن "بعض المواطنين شعروا بأن الكيل طفح  لديهم في غياب دولة تحميهم ." برأيها، وفي ظل " غياب القانون، لا يشعر المواطن بطمأنينة في محيطه وإمكانية وجود أي سلطة تردع سلوكيات مزعجة أو حتى محددة صادرة من فلان أو آخر." وإعتبرت أن "المواطنين إنتظروا كثيراً أن تبادر الدولة و القوى أمنية التابعة لها في توفير حمايتهم من خلال تطبيق قانون." لكن الواقع ، وفقاً لها، أثبت عكس ذلك ولاسيما أننا لم نشهد أي " خواتم واضحة وحاسمة في قضايا قتل عدة ." بالنسبة لها، "نعيش في ظل إنعدام أي قدرة على ضبط العلاقة بين الناس فيما بينهم وبين الناس والحكومة."


وإنتقدت واقع " المحاصصة في ضبط الأمن في لبنان والذي يعتمد على فرض ضبط سرعة للمخالفين أو القبض على أحد ما ومتابعة مسار التحقيق معه لأنه لا يمكن جهة ما تحميه والتغاضي عن آخر أكثر سوء منه لأنه "مدعوم".


القانون العُرفي...
بالنسبة للبروفسورة في علم الإجتماع والأنتروبولوجيا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة القديس يوسف آني تابت، "لا يختلف إثنان أن بعض المناطق البعيدة عن العاصمة بيروت ما زالت تعتمد في سلوكياتها على مبدأ الثأر وهو نمط متجذر في ثقافة أهلها المحلية."
برأيها،" ترتكز عملية "الأخذ بالثأر" على قاعدة أساسية وهي أن أولياء الضحية يعمدون على قتل أحد أفراد عائلة المجرم أو المقربين منه ليشفوا غليلهم وينتقوا للجريمة و الضحية." ورأت أن "هذا النمط التفكيري يسيطر على العقلية القبيلة وهي منتشرة في العالم العربي."
عندما سألناها عن دور الدولة في ردع هذا النمط السلوكي، أجابت:" لم تتمكن الدولة من ردع القانون العُرفي الذي تعتمده هذه العائلات في سلوكياتها. فهو ما زال قائماً بحد ذاته في ظل عجز الدولة عن تحجيمه." ورأت، في هذا السياق، أن "هذه العائلات تستند على الثأر كحق يرتكز على قيم عدة أبرزها صون الشرف." عن الثأر من شخص من عائلة المجرم وغير معني بالجريمة، قالت:" يمكن حدوث ذلك دون أي إنذار أو رقيب. المهم أن يكون أي شخص من عائلة المجرم حتى لو لم يكن له صلة بالقاتل."



ورداً على السؤال عن المخرج الممكن لنشر ثقافة مضادة للثأر، أجابت:" أستعيد بالذاكرة مبادرة الملك الراحل حسين ، الذي عمل مباشرة على محاربة ما كان يسمى في حينها المحاكم الذي سعى فعلياً لتغيير هذه العقلية العشائرية السائدة في الأردن." وتوقفت عند مسؤولية الدولة التي عجزت حتى اليوم "عن تعزيز القانون المدني في هذه المناطق البعيدة التي يسود فيها منطق القانون العُرفي بسبب النظم الإجتماعية السائدة بين أهلها." كما أنها لم " تستثن دور الطائفية في تغذية هذا النمط السلوكي لأن الطائفية هي إمتداد للعقلية القبلية وتترسخ وفقاً للمنطقة ونمط العيش في لبنان."
وخلصت إلى إعتبار أن "العنف متجذر في ثقافتنا"، وقالت: " نتعامل في المجتمع وفقاً لنمطين: الأول كون اللبناني مضيافاً ومنفتحاً على الآخر والنمط الثاني للشخص نفسه أنه قد يلجأ إلى العنف في الوقت نفسه."
وعن دور المدرسة في تغيير هذا السلوك، رأت تابت انه "لا يمكن تحميل المدرسة هذا الإستحقاق لأنها لن تتمكن من ذلك في حال بقيت ذات طابع عائلي أو طائفي. ثمة ورشة جذرية للتغيير وأجهل كلياً من سيقوم بها."


 


للعودة إلى الجيش والدولة
من جهتهـا، وضعت الأستاذة في علم النفس الإجتماعي في الجامعة اللبنانية الدكتورة منى فياض الواقع الحالي في إطار "الجو الإعتباطي الذي يسود في بلد هو على شفير الهاوية الإقتصادية، في دولة يأخذنا فيها "حزب الله رهائن في هذا البلد." بالنسبة لها، يتفاقم لدى "المواطن شعور بالإجحاف في ظل عجز الدولة".


ورأت فياض أن "ظاهرة الثأر العائلي كانت قد إختفت إلى حد كبير في لبنان". وفي رأيها، ان "هذا الواقع قد تغيّر في ظل وجود حدودٍ مشرعة بين لبنان وسوريا وقيام دولة داخل دولة في بلدنا." 
ويسيطر على المواطن شعور بأنه في وطن لا "عدالة فيه... فالقضاء شبه معطل والمحكمة العسكرية تصدر أحكاماً وتلجأ إلى إصدار أحكام أخرى". و
وخلصت إلى إعتبار الوضع "مقلقاً والخلاص الوحيد يكمن في عودة الدولة وبسط سيادتها على الأراضي اللبنانية."

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم