الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

سنتان على الشغور الرئاسي... الطائف ونافورة بعبدا معطلان

المصدر: "النهار"
محمد نمر
سنتان على الشغور الرئاسي... الطائف ونافورة بعبدا معطلان
سنتان على الشغور الرئاسي... الطائف ونافورة بعبدا معطلان
A+ A-

اتّشحوا اليوم بالأسود وقدّموا العزاء في ذكرى مرور سنتين على الشغور الرئاسي، ففي 24 أيار من العام 2014 غادر رئيس الجمهورية ميشال سليمان قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته من دون خلف. إنه الرئيس الثاني عشر وتوقف عنده العد، ولم يعد أمام الحرس الجمهوري غير حراسة جدران القصر الفارغة والبائسة جراء التعنّت السياسي والتمترس خلف المواقف والتعطيل المستمر بناء على قاعدة "أنا أو لا أحد".


في هذا التاريخ حلّ شبح الفراغ علينا، ولا تزال نافورة المياه هناك متوقفة عن العمل لأن تشغيلها مرتبط تقليداً بوجود رئيس جمهورية. وباتت ذكرى عيد التحرير مرارة في قلوب اللبنانيين بتقييد وطنهم وسجن الكرسي الرئاسي بأقفال "صُنعت في لبنان"، وغاب عن العالم العربي الرئيس المسيحي الوحيد.
وقع الفراغ، تبدّل المشهد، تغيّرت الأجندات السياسية، ومنذ نحو أسبوعين أرجأ الرئيس نبيه بري الجلسة الـ 39 لانتخاب رئيس جمهورية. تسعة وثلاثون فشلاً سجلتها القوى السياسية في لبنان، وبالتأكيد الجلسة الـ40 في حزيران لن تختلف عن سابقاتها، إذ باتت بروتوكولاً ووثيقة فشل شهرية يوقعها السياسيون، خصوصاً من أعطى لنفسه الحق بتعطيل الجلسات وعدم تأمين النصاب قبل ضمان وصوله إلى الرئاسة بحجة أنه الأكثر تمثيلاً. وشهدت بداية الأزمة لقاء بين الأقطاب المسيحيين الأربعة، اتفقوا فيه على أن يكون أحدهم رئيس جمهورية والا يعارض أياً منهم وصول الآخر إلى سدة الرئاسة، لكن اللقاء أثبت فشله نتيجة صراع الاقطاب على الكرسي وعرقلة بعضهم بعضاً. ولم تفلح مبادرات عدة في تحريك مياه الرئاسة الراكدة كتبنّي الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية، وتلاها "اتفاق معراب" حينما أبعد رئيس "القوات" سمير جعجع نفسه عن المعركة وتبنى ترشيح النائب ميشال عون، وعلى الرغم من انحصار الأزمة بمرشحين هما من فريق "8 آذار"، لا يزال "حزب الله" حليف المرشحين معتكفاً عن المشاركة في الجلسات بحجة ارضاء عون فيما الأخير لن يشارك في جلسة لا يُتوّج فيها رئيساً. وأتت أخيراً مبادرة الرئيس نبيه بري وتنطلق من قانون انتخاب جديد تجري وفقه الانتخابات بعد تقصير ولاية المجلس، واذا تعذّر ذلك اجراء الانتخابات وفق قانون الستين، وبعدها جلسة لانتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتب المجلس، ثم جلسة لانتخابات رئاسيّة بعد تعهد من الجميع بالحضور واتفاق على الحكومة، لكنها لم تلق آذاناً صاغية لسببين، أولاً لتلميحه بإمكان اجراء الانتخابات وفق قانون الستين وثانياً لحديثه عن انتخابات نيابية تسبق الرئاسية.


 


خارج الشرعية
بالنسبة إلى أستاذة العلوم السياسية الدكتورة فاديا كيوان، فإن انتخابات البلدية يجب أن تدفعنا إلى التفكير باجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية، وتقول: "بعدما لاحظنا ان الانتخابات البلدية حصلت بكل هدوء فما الذي يمنع اقرار قانون انتخاب واجراء انتخابات نيابية؟"، مشددة على أن "قانون الانتخاب الجديد يجب أن يكون متفقاً مع نص الدستور واتفاق الطائف، إذ يجب أن لا نبحث بقوانين انتخاب خارج سياق النصين، فالطائف يذكر أن الانتخاب يجب أن يكون وفق قانون جديد بحسب تنظيم إداري جديد وتكون المحافظة هي الدائرة الانتخابية، ويجب أن يمثل نسبياً كل فئات المواطنين والمناطق، لهذا لا بد من انتخابات نيابية تسبق الرئاسية". وأضافت: "كانت حجتهم انه لا يمكنهم اجراء انتخابات، فها هم أجروا انتخابات بلدية ومرت بهدوء ولم تحصل ضربة كف، لهذا لا بد من انتخابات نيابية لأن مجلس النواب مدَّد لنفسه، ولا يمكنه هو نفسه أن ينتخب رئيس جمهورية لأن لا شرعية له".



هل تتأثر الانتخابات النيابية إذا جرت في غياب رئيس جمهورية؟ تجيب كيوان: "لن يؤثر ذلك لأنه موضوع تنظيمي واداري، وصحيح أن الحكومة ستكون بحكم المستقيلة مع المجلس الجديد لهذا يلي الانتخابات النيابية فوراً انتخاب رئيس جمهورية". وتضيف: "كل ما يجري في لبنان هو خارج الشرعية، وشهدنا فراغاً تشريعياً في الرئاسة، علماً أن نص الدستور يقول إن رئيس الجمهورية يجب أن لا يترك إلا بانتخاب غيره، ما يعني أنه يجب ان يصرف الاعمال مثل الحكومة وكما شهدنا مجلس نواب يمدّد لنفسه".


"الأمر الوحيد الذي يحق لمجلس النواب القيام به حالياً هو إقرار قانون انتخاب لأن القانون الذي صدر في 2008 كان لدورة واحدة، وكان ثمّة تعهد بإصدار قانون جديد، وبعد نحو 25 سنة على اتفاق الطائف، ألا يجب أن نتقيد به؟ وإذا اردنا ذلك فليكن قانوناً انتخابياً مبنياً على اتفاق الطائف".
المؤشرات في الشأن الرئاسي لا توحي بأي خرق قريب، لا تفاهم داخلياً والانقسام سيد الموقف. إقليمياً لا أحد يكترث بلبنان أو بالدفع حيال حصول تسوية، فضلاً عن أن الانقسام الاقليمي يتصاعد، أكان بمزيد من الدموية في سوريا أو حدة الخلاف بين ايران والسعودية، وتالياً لا مؤشرات تشجع على انتخاب رئيس. ويتفق مع هذه النظرية الدكتور طلال عتريسي الذي يعتبر أن "الحال الرئاسي لا يزال معقداً، وإقدام الرئيس بري على طرح المبادرة يعني أن لا ضوء لانتخاب رئيس أولاً، فيحاول أن يقدم سلة كاملة للحل".



ما الذي يضمن انتخاب رئيس في حال حصلت انتخابات نيابية أولاً؟ يجيب عتريسي: "سنلحظ أن ثمة مناخاً مختلفاً وسيكون هناك مجلس نواب شرعي ويصبح الثقل الأكبر حول انتخاب رئيس في الداخل اللبناني لا الخارج، ويحصل نوع من الضغط العام على الاطراف للدفع إلى تشكيل حكومة جديدة وتالياً انتخاب رئيس للجمهورية. وطالما أننا سنشهد على مجلس نواب شرعي سيكون هناك جو جديد للرئاسة". وفي حال اتفق الأطراف على ان تكون الانتخابات النيابية أولاً، ستبقى العقدة مرتبطة بقانون الانتخاب، ويقول: "إذا أُقرّ القانون الجديد فستكون الأمور أفضل، وإذا لم يُقرّ وسرنا بالستين فهذا يعني أننا لا نزال نراوح مكاننا ويكون التمديد لمجلس النواب السابق بلا فائدة".


 


[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم