الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

على من تقرأ مزاميرك يا سلمان؟

راشد فايد
على من تقرأ مزاميرك يا سلمان؟
على من تقرأ مزاميرك يا سلمان؟
A+ A-

لو كانت الجنسية اللبنانية تمنح على أساس الحس بالمسؤولية الوطنية، لاستحقها سفير المملكة العربية السعودية، علي عواض عسيري، بامتياز. ولو اجتهد واحد من المدعوين اللبنانيين، في التعبير عن حبه (المفترض) لبلده وما يريده له، أو ما يجب أن يريده، لما خرج عن النص الذي سمعه.


والحال، أن هذا النص حالة سعودية، شعباً وحكماً، ويكاد السامع أن ينسبه الى الملك سلمان، وآل سعود، منذ كانت المملكة. وما مضمونه إلا توكيد للمؤكد، وقطع للطريق على تأويلات لموقف الرياض: فوحدة لبنان، عندها، خارج التشكيك، وهو "وطن واحد، عائلة واحدة، هوية واحدة، وهدف واحد".
يذكّر الخطاب، ضمنا، سامعيه بجوهر "اتفاق الطائف": "الوحدة والحوار والمصالحة والحفاظ على العيش المشترك"، ويذكّر بأن "التعالي على التناقضات السياسية والمصالح الضيقة" يؤدي "الى مرحلة تشهد ازدهاراً اقتصادياً بدل المخاوف والارتباك، واستقراراً أمنياً وثقة بلبنان".
كان "اتفاق الطائف" في مضمونه، اعادة صياغة لنقاط الاختلاف، وبلورة لنقاط الاتفاق، بريادة سعودية، فيما يبدو الخطاب تجديداً للاتفاق نفسه، وتبياناً لبنود تنظم الخلافات السياسية اللبنانية الراهنة، وترسيم الخط الأمان الى "مرحلة تشهد حلولاً سياسية بدل العقد".
أما خريطة الطريق الى ذلك، فقد حددها الخطاب بأن "وحدة لبنان وتنوعه أمران ليسا محل نقاش"، وأن الحوار والمصالحة والعيش المشترك أساس استمراره، داعيا القيادات "إلى حوار يختلف عن كل الحوارات السابقة عنوانه انقاذ لبنان"، لأن "لبنان لم يعد قادراً على احتمال الضرر السياسي والاقتصادي"، محرضا على "توحيد الإرادة السياسية والحلول التوافقية ليكون للبنان رئيس يحقق آمال اللبنانيين"، وعلى "تنشيط الدورة الاقتصادية بخطوات تتخذها الحكومة اللبنانية تطمئن السياح العرب والاجانب وتشجعهم على المجيء اليه".
ما قد يعطل خريطة الطريق هذه أوضحته الكلمة السعودية، وهو سعي "جهات" الى "بتر" لبنان عن "دائرة التواصل الطبيعي مع أشقائه العرب" و"تغيير وجهه وهويته"، باستعمال "التجييش وارتفاع النبرة"، بما لا يخدم مصلحة لبنان.
ما "الثمن" الذي تريده السعودية مقابل نصائحها اللبنانية؟
"الثمن"، هو "إبعاد لبنان عن الملفات والتجاذبات الاقليمية كافة، وعدم ربط مصيره بمصير أي طرف"، "بمعزل عما سيؤول اليه وضع نظام هنا وهناك"، فيما "ستبقى المملكة الداعم الأساسي للوفاق الوطني والاستقرار ولصيغة العيش المشترك"، وهي "لن تتخلى عن لبنان، لكنها تطالبه بأن يبقى "أميناً لتاريخه ومنسجماً مع ذاته ومع محيطه".
كلام الملك سلمان بصوت سفيره تصوير صادق للأزمة، والواقع والحل، لكأنه النداء الأخير، وكاد عسيري أن يختمه بـ"اللهم فاشهد أني قد بلّغت". لكن على من يقرأ الملك سلمان مزاميره اللبنانية؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم