الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الانتخابات: استمرار الستاتيكو وترميم القواعد إلى متى يمكن السياسيين تمديد هذه المرحلة؟

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

الصورة الكبيرة للانتخابات البلدية والاختيارية التي تمكن لبنان من إجرائها بعد شكوك في رغبة أفرقاء سياسيين في إجرائها ومخاوف رسمية من محاولة تعطيلها، هي استمرار الستاتيكو نفسه للقوى السياسية الموجودة بالتوزيع نفسه والقدرة نفسها من ضمن هوامش معينة. والصورة الاصغر هي قدرة الافرقاء السياسيين على إعادة ترميم قواعدهم، وقد اصابها الكثير على رغم ان قاعدة رئيس "تيار المستقبل" وحده يتم استهدافها بهذه التهمة استنادا الى الغياب الطويل للرئيس سعد الحريري عن لبنان، في حين ان هذا الترميم يشمل قواعد كل الافرقاء السياسيين من دون تمييز، وقد خسر العدد الاكبر منهم او ربما ايضا جميعهم امتحان الصدقية على مدى الاعوام القليلة الماضية. هذا الترميم الذي كان له دلالاته في بداية معارك الانتخابات البلدية لجهة الاستخلاص او الترويج ان فوز التحالف العوني -"القواتي" واكتساحه مناطق الثقل المسيحي سيثبت أرجحية قوة عون على انه الممثل الاقوى لدى المسيحيين، خصوصا انه بات مدعوما من "القوات"، في حين أن الاستخلاصات المماثلة للمنطق نفسه يمكن أن تنطبق على الحريري ايضا لجهة تثبيته الرقم الاول لدى السنة في العاصمة، حيث تركه حلفاؤه المسيحيون، لكنه استطاع ان يقوم بحملته بنفسه خلال أيام قليلة، وكان هو الماكينة الحزبية، ليس لتياره فحسب، بل رغبته كما قال في ان تكون العاصمة على صورة لبنان. ولا يزال أيضا الرقم الاول في عاصمة الجنوب، وثبت قاعدته في البقاع، وهو متجه الى الشمال، ولا يحتاج وفق المنطق نفسه لترويج صفة الاقوى وتاليا الاحق، لأي منة أو شرط، في سياق أي سلة تتناول رئاسة الحكومة المقبلة. وهذا العامل الاخير، أي المتصل بالحريري لعله أكثر أهمية من كل العوامل الاخرى، استنادا الى نغمة أو محاولة استضعافه نتيجة اعتبارات متعددة بعضها يتصل بالازمة المالية التي واجهها، وبعضها الآخر ينسب الى علاقات صعبة مع المملكة العربية السعودية. ولذلك لا يجوز الانتقاص من دلالات ترميم العلاقة مع الناس في القواعد والتي لا تقل أهمية بالنسبة الى "حزب الله" مثلا الذي لم ينم على حرير التسليم بأن مناطق سيطرته مضمونة له من دون منازع، واضطر بدوره الى النزول بقوة تجييشا وحضا للجنوبيين بعد البقاعيين من أجل التصويت بكثافة لـ"المقاومة"، في بعد اكتسب دلالة في شكل خاص بإرفاق الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله تأبينه مصطفى بدر الدين بالدعوة الى المشاركة بكثافة في الانتخابات والتعبير عن دعم المؤيدين للحزب. ويمكن العودة لاحقا الى دلالات تفصيلية لهذه الانتخابات بعد انتهائها، الا ان المهم وفقا لمصادر سياسية معينة ان هذه الانتخابات ليست حاملة للانتخابات الرئاسية، ولا هي ايضا حاملة للانتخابات النيابية قبل الرئاسية. وقد كان لافتا حرص وزير الداخلية نهاد المشنوق في نهاية جولات الانتخابات الثلاث التي حصلت حتى الآن على نفي إمكان الذهاب الى انتخابات نيابية قبل الرئاسية، انطلاقا من ان انتخاب رئيس الجمهورية يشكل المفتاح للابواب الاخرى، وليس العكس على غير ما ذهبت اليه بعض الاقتراحات والتأويلات أخيرا. وأهمية كلام المشنوق، ولو ان قرار اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية هو قرار سياسي نابع من اتفاق الافرقاء السياسيين، يعكس واقعيا صعوبة هذا الخيار او استحالته، بمعزل عن تمنيات البعض، وهو من موقعه كوزير للداخلية يعبر عن صعوبة تبديل الاولويات.


والامر الثالث الذي اسفرت عنه الانتخابات البلدية هو قدرة السياسيين او الداخل اللبناني على شراء الوقت تمديدا للمرحلة القائمة، بغض النظر عن المهلة التي يشتريها هذا التمديد لصلاحية الاوراق السياسية المتداولة.
وما تخشاه المصادر نفسها هو ألا يكون ممكنا كسر الحلقة المتمثلة في العجز عن الاتفاق على الانتخابات الرئاسية، إلا بحصول أمر كبير يلزم الجميع، على أمل ألا يكون حادثا أمنيا خطيرا او انهيارا اقتصاديا في ضوء وضع غير سليم، وإن يكن لا يحتل الواجهة او يغيب عنها. وخلاف ذلك، فإن احتمال وصول العماد ميشال عون هو مدخل لازمة اذا لم يحصل تنازل كبير للسنة، ولن يكون حلا، حتى اذا كان هناك إقرار او موافقة دولية بذلك. اذ لن يكون هناك توازن مستقر، وكل الدول المتضررة ستساهم في ذلك. والسعي الى ايصال عون من دون توافق غير متوافر سيكون حلا خطيرا من دون تعويض كبير، او اذا حصل من دون مقابل.
في المقابل، فإن النائب سليمان فرنجية قد يكون اوفر حظا. انما بالنسبة الى الحزب فإن الربح اقل بكثير من الكلفة التي سيدفعها، ولذلك هو ليس مستعدا بعد للتخلي عن حليفه. فاذا كان هناك من يمكن ان يأتي بفرنجية من دون كلفة فسيكون ذلك امرا جيدا، لكن الان الكلفة كبيرة مقابل التخلي عن دعم عون، اذ ان الحماية المؤمنة للحزب من خلال التحالف مع الاخير هو ما يسمح له بتعطيل الدولة من دون انقسام طائفي، بل عمودي. ولذلك ليس الحزب مستعجلا، خصوصا انه لم يعرض عليه اي شيء في المقابل على الارجح. ويناقض المسؤولون السياسيون انفسهم حين يظهرون قدرتهم على انجاز الانتخابات، ولا يفعلون، فيعلنون انتظار تفاهم الخارج. وحين يعجزون يقولون ان ظروف التسوية غير موجودة بعد. والسؤال: الى متى يستطيع الداخل اللبناني تمديد هذه المرحلة؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم