الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الكتائب العائد من أبواب الانتخاب" أكبر الفائزين"؟

المصدر: "النهار"
إيلي الحاج
الكتائب العائد من أبواب الانتخاب" أكبر الفائزين"؟
الكتائب العائد من أبواب الانتخاب" أكبر الفائزين"؟
A+ A-

يخوض حزب الكتائب للمرة الأولى عملياً بعد الحرب معارك انتخابية على مساحة الخريطة اللبنانية من حدود الشمال إلى حدود الجنوب. في الانتخابات البلدية والاختيارية السابقة سنة 2010 كان لا يزال يتلمس طريقه للعودة إلى فاعليته السياسية في ظل مرحلة انتقالية تلت اغتيال الوزير الشهيد بيار الجميّل واستمرت سنوات، فترك للمحازبين والأصدقاء حرية التصويت والتحرك والقرار، كيفما شاءوا.


يختلف الوضع اليوم . صحيح أن الكتائب يعتمد لامركزية في القرار الانتخابي البلدي والاختياري تتيح للمسؤولون المحليين التعامل مع المعطيات في كل بلدة وقرية بحسب القوى السياسية والعائلية المؤثرة فيها، إلا أن حضور الحزب في الانتخابات المحلية لهذه السنة يرتدي بعداً مختلفاً نظراً إلى تحديات كبيرة يخوضها في أكثر من مجال، ولا سيما في المستوى الوطني. وسهر القيادة الجديدة في الصيفي على متابعة تفاصيل ما يجري من نسج لوائح وتحالفات وقرارات، من دبل إلى عندقت، ومن راشيا الفخار إلى راس بعلبك مروراً بزحلة، وصولاً إلى توزيعة مخاتير الصيفي والمدوّر والرميل في بيروت.


المعركة الأهم: الشباب
وهي مصادفة فرضت على الكتائب الذهاب إلى انتخابات تبيّن حضوره وتأثيره المتجددين في بيئته، حين أنه في عز ورشة إعادة هيكلة شاملة وتجديد في قياداته، قطع منها شوطاً كبيراً ولا تزال تنتظره أشواط. بالطبع لا يمكن هذا الحزب إلا أن يبقى يشبه نفسه في المبادئ الوطنية الأساسية، لكن قدرته على العودة إلى الشباب ومحاكاتهم واستعادة الشباب إليه تبقى الامتحان الأصعب والحاسم. فمن جهة هناك عامل فقدان الأحزاب- كل الأحزاب- جاذبيتها بالنسبة إلى الجيل الطالع في عصر تسوده تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي وقلة الثقافة السياسية. ومن جهة هناك شعور الكتائب بأنه يقاتل وحده سياسياً ووطنياً في ساحات كان يُفترض أن تكون قوى "انتفاضة الاستقلال" مجتمعة وموحدة فيها، ومن ضمنها "التيار الوطني الحر" الذي كان في طليعة المنشقين عن الحركة الاستقلالية في 2005 والالتحاق بالفريق الآخر الذي يمثل "الضد".


صار وحده "14 آذار"
يشعر حزب الكتائب كأنه وحده صار قوى 14 آذار بعد تفرق "الرفاق" وراء مرشحَي الخصوم.
في جلسة خاصة قبل أيام كان رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل يقول لجلّاسه" تخيّلوا لو لم تكن الكتائب موجودة في هذا الظرف، أو لو أنها انضمت إلى "التحالف الثنائي" . ولم يكمل لكن الفكرة كانت واضحة. لولا الموقف الذي اتخذه هذا الحزب لكان لبنان أمام انقسام عمودي مسيحي – إسلامي حيال أي موضوع كبير أو صغير من جهة. ولكان أيضاً أمام واقع التسليم المسيحي الكامل لـ "حزب الله" بحكم لبنان. وإلا ماذا تعني تغطية من يغطي من المسيحيين لأسباب شخصية قرار "حزب الله" الشديد الخطورة بتعطيل الحياة الدستورية و"خطف رئاسة الجمهورية" وأتخاذها رهينة ولا تنفع معه حتى اليوم لا مناشدات ولا دعوات إلى التعقل ولا جلسات حوار يقيمها معه على تقطع كل الأفرقاء، ولا نتيجة؟
يخوض حزب الكتائب الانتخابات إذاً، وجزء من اهتمامه مركز على موضوع آخر ملحّ: كيف السبيل إلى دفع الشباب للعمل السياسي المنظم، والذي يمكن أن ينتج تغييراً في واقع لبنان المأسوي والذي يكاد يبلغ حد الانهيار وقعر الانحطاط معاً، سواء في ممارسة السياسة أو في الفنون على أنواعها والاعلام وحتى في التعامل بين الناس؟ أيّد الكتائب هيئات المجتمع المدني وشجعها وتفاعل معها ولا يزال، لكنها لم تتمكن من الاستمرار في حركتها وبدّدتها إلى حد كبير الأهواء السياسية، ولا سيما اللاعقلانية منها.
لكن الحزب يتقدم نحو الشباب وهم يتقدمون إليه وفق مصادره، رغم أنه الأقدم الباقي فاعلاً وحاضراً في البيئة المسيحية اللبنانية ، ( تأسس عام 1936 ، ويسبقه الحزب الشيوعي وكان اسمه "حزب الشعب" عام 1924 ، والحزب السوري القومي الاجتماعي 1932، ويليه حزب الكتلة الوطنية 1943 والحزب التقدمي الاشتراكي 1949). في تاريخه الطويل دافع عن "الفكرة اللبنانية" وعن دولة لبنان التي حققها المسيحيون حلاً لوضعهم في بيئة واسعة لم تكن لترضى إلا بدولة دينها الإسلام كما هو الحال في كل الدول العربية الأخرى حتى اليوم.
دفع حزب الكتائب الثمن غالياً جداً لقاء تمسكه بـ"الفكرة اللبنانية" ودفاعه عنها، وأنجز مراجعته الذاتية وأخذ العِبر ، وإن كان لم يعتذرعلناً عما تخلل الحروب اللبنانية من أوجه بغيضة فلاقتناعه بلاجدوى خطوة كهذه إن لم تكن جماعية وخصوصاً لأن المسيحيين في الأساس كانوا في موقع الدفاع عن النفس كل مرة تعرض لبنان لهجمة من الخارج.


لا يؤخذ بالتهويل
وبالعودة إلى الهموم البلدية. سيُسجل للكتائب أنه لم يؤخذ بموجة التهويل المستمرة بالأحجام وسعة التمثيل ويبتعد تالياً عما يؤمن به، وإن فضّل مطلقو حملات التهويل خفض الصوت أخيراً عند التحدث عن نسبة تمثيلهم للمسيحيين في لبنان. كانوا بدأوا باستطلاعات للرأي عن نسبة مؤيدي "المصالحة" بين الجسمين السياسيين اللذين كان لاشتباكهما الحربي نتائجه المدمرة المعروفة على لبنان وحضور المسيحيين فيه. والمفارقة أن حزب الكتائب هو من ضمن مؤيدي المصالحة (الـ 86 % المزعومة) وأن الطرفين المعنيين انتقلا فوراً إلى إشهار تحالف سياسي مقفل بينهما واعتقدا لوهلة أنهما قادران على اختصار مسيحيي لبنان والتحكم في قرارهم السياسي والوطني . ولكن سرعان ما بينت لهما تباشير الانتخابات البلدية والاختيارية واقعاً مختلفاً تماماً "على الأرض". وجدا نفسيهما يقاتلان في كل قضاء من أجل الفوز بنسبة 50 في المئة ثم 25 في المئة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم