الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"جوهر في مهب الريح" وزينا دكّاش في مهبّ القوانين

المصدر: "دليل النهار"
يوليوس هاشم
"جوهر في مهب الريح" وزينا دكّاش في مهبّ القوانين
"جوهر في مهب الريح" وزينا دكّاش في مهبّ القوانين
A+ A-

لا تزال أعمال زينا دكّاش تدهشنا رغم أنها لم تعد تُفاجئنا، فجهودها من أجل "المنسيين" صارت واقعاً ملموساً لا يخفى على أحد. الواجهة هذه المرّة هي مسرحيّة "جوهر في مهبّ الريح" التي ستُعرض داخل سجن رومية في 11، 12، 18، 19، 25 أيار 2016، الثالثة بعد الظهر.
لكن خلف تلك الواجهة مشروعٌ كبير هو "قصّة منسيين خلف القضبان" الذي نفذته جمعية "كثارسيس" بدعم من الإتحاد الأوروبي، وبالتعاون مع وزارة الداخلية والبلديات ووزارة العدل، وهو مشروع يهدف إلى تحسين الوضع النفسي والقانوني للسجناء ذوي الأمراض النفسية والسجناء المحكومين بالمؤبّد.


■ كيف بدأت فكرة هذا المشروع؟
- عام 2012، حين كنت أعمل مع السجينات في سجن بعبدا، لاحظتُ فتاةً تحادث نفسها طوال الوقت. حشريتي كشفت لي أنّها مريضة نفسياً ومحكومة "إلى حين الشفاء". لم يترك أهلها طبيباً إلّا وطلبوا منه أن يكتب تقريراً يعلن فيه شفاءها، لكنّ الأطباء النفسيين لا يستطيعون استعمال كلمة "شفاء"، فالمريض النفسي لا يشفى، بل يستقر!


■ وأين المشكلة بالضبط؟
- المشكلة هي أنّ القاضي، بحسب ما يفرضه القانون، في حاجة إلى أن يقرأ تقريراً فيه كلمة "شُفي"، والطبيب النفسي، بحسب العلم، لا يمكنه إلّا أن يقول "وضعه مستقر"! إذاً نحن عالقون في دائرة مفرغة!
القانون الذي وضع عام 1943 يتحدّث عن "الجنون" و"العُته"، ولا يصف حالة عدم التوازن بعبارة "المرض النفسي". قانون العقوبات هذا يفرض أن يوضع "المجنون" في مأوى إحترازي إلى حين الشفاء، وهنا نحن أمام مشكلتين: ما مِن مأوى إحترازي حقيقي في لبنان، وما من شفاء تام من المرض النفسي!


■ ألم يلاحظ أحد ذلك؟
- حين جمعتُ عدداً كبيراً من الملفّات عن محكومين "إلى حين الشفاء" والتقيتُ عددا من القضاة، جميعهم أبدوا رغبة في التعاون من أجل مصلحة المساجين، لكن أولاً يجب تعديل القانون. لجأتُ إلى وزارة العدل التي عيّنت القاضي حمزة شرف الدين كي يضع مشروع قانون.


■ منذ متى بدأ هذا العمل؟
- منذ سنةٍ ونصف السنة. القاضي حمزة شرف الدين تولّى الجانب القانوني مع كلّ ما فيه من "قوانين مُقارَنة"، وأنا تولّيت الجانب النفسي، العلاج بالدراما، والمسرحية. في الأيام القليلة المقبلة يصدر مشروع القانون بالتزامن مع مسرحية "جوهر في مهب الريح".


■ أخبرينا عن المسرحية
- سألتُ مرّةً عن أحد المباني في سجن رومية، فقيل لي إنّه مخصّص "للمجانين". طلبتُ إذناً وصرت أدخل إليه لأعمل مع المساجين هناك، وكنت أفكّر في تقديم عمل أمزج فيه بين هؤلاء المساجين وبين المساجين في المباني الأخرى. لكنّ المشكلة أنّ المرضى النفسيين يعانون من هذيان حاد لأنّهم لا يُتابَعون نفسياً، وبعضهم موجود في السجن منذ 37 عاماً وما من أحدٍ يزوره. لم يكن ممكناً أن يشاركوا في المسرحية. عندها طلبتُ من المساجين الطبيعيين أن يتبنُّوا قصص هؤلاء المرضى كي نستطيع معاً أن نوصل صوتهم.


■ فكرة موفقة، لقد حوّلتِ المساجين إلى "حاملي قضية"!
- تماماً! ما عادوا مجرّد محكومين يدفعون ثمن خطأ ارتكبوه، بل صاروا أشخاصاً فاعلين يعملون من أجل مصلحة الآخرين، ومن أجل مصلحتهم بطريقةٍ أو بأخرى.


■ دائماً تكون مسرحياتك "مُضحكة مُبكية"، هل ينطبق هذا الأمر هنا أيضاً؟
- نعم. قصص هؤلاء "المجانين" موجعة حقّاً، لذلك كان علينا كسر الثقل النفسي بأخبارٍ طريفة. لكن هذه المسرحية تتميّز عن سابقاتها بأنّها مليئة بتفاصيل قانونية تسلّط الضوء على الثغر التي يجب العمل عليها، وتدعم بشكلٍ مباشر مشروع القانون الذي عمل عليه القاضي شرف الدين. ميزة أخرى جديدة في هذه المسرحية، هي مشاركة أشخاص يعانون اضطرابات نفسية غير حادّة، هؤلاء ليس عندهم سيناريو واضح لأنّهم لا يستطيعون الحفظ، ولا أعرف بالضبط ماذا سيقولون أثناء كلّ عرض!


■ ماذا تغيّر في القوانين من بعد مسرحياتك؟
- بعد مسرحية وفيلم "12 لبناني غاضب" تمّ تطبيق قانون تنفيذ العقوبات الذي ينصّ على خفض عقوبة المحكوم عليه حسن السيرة. مسرحية "شهرزاد في بعبدا" دعمت كلّ الجمعيات المُطالبة بحماية المرأة والعائلة.


■ حين بدأتِ العمل مع المساجين ربّما كان الأساس هو المسرح والعلاج بالدراما، اليوم صرتِ تعملين على مستوى "تعديل قانون" و"تحسين أوضاع السجون"، إلى أيّ درجة تغيّرت رؤيتك للأمور؟
- أنتَ قلتَها. اليوم صار المسرح سَنداً لمشروعٍ على مستوى المجتمع ككلّ.


■ هذا الأمر متعب. ما الذي يدفعك إلى الإستمرار؟
- أنا شخص لا يستطيع أن يغمض عينيه عن الواقع. لا يمكنني أن أترك المشكلات على حالها لمجرّد أنّ حلّها يحتاج إلى جهد. لكن لا أخفي أنّني سآخذ عطلةً طويلة أهتمّ خلالها بنفسي وبزوجي وبحياتنا كعائلة. أنا بحاجةٍ إلى عطلة!


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم