الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الآن فقط اعترف المقاتلون!

المصدر: "النهار"
طرابلس-رولا حميد
الآن فقط اعترف المقاتلون!
الآن فقط اعترف المقاتلون!
A+ A-

في ذكرى الحرب الأهلية، تتجه الأنظار الى آخر بقعة لبنانية شهدت صراعاً أهلياً مكثفاً. فبعد ثلاث سنوات على توقف الأحداث الطرابلسية، وتحديداً المعارك بين #جبل_محسن و#باب_التبانة، يستشف زائر المكان وكأن الناس استفاقوا فجأة على حجم النتيجة وتلمسوا الكارثة على المستويات البشرية والعمرانية والانمائية والاجتماعية. حاول كثيرون استعادة الحياة التي سادت قبل الأحداث، والبعض أبدى ندمه على ما جرى، فيما البعض الآخر حاول تبرير انخراطه في القتال تحت مسمى الدفاع عن النفس.


ومن يجول في مناطق النزاع السابق، يسمع من السكان عبارات الودّ تجاه سكان الحي الآخر في لغة تكاد تكون متطابقة بأبعادها ومعانيها. الجميع يردد أن "لا فرق بين حي وآخر، ولا بين مذهب ومذهب"، وزيادة على ذلك "كانت مناطقنا متعايشة، ومتداخلة، من دون تفرقة، والمصاهرات بين أبنائها المختلفي الانتماءات والمشارب كانت جارية على قدم وساق".


ابرهيم حبيب صاحب مكتب لتعليم قيادة السيارات من جبل محسن، عايش الأحداث التي يقول إنها "بدأت في خضم الصراع بين سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية سنة ١٩٧٦، ثم انعكست لاحقا توترات بين أحياء المنطقة الواحدة، ثم تطورت إلى صراعات متكررة بين حين وآخر، مسببة الكثير من المآسي على أبناء أكثر الأحياء فقرا في لبنان".


ينحو كل من أبناء الأحياء باللوم على السياسة التي استغلت ظروف الفقر والحرمان، وهي ظروف متطابقة يفترض أن تجمع لا أن تفرق، واليوم، يتردد لدى كثيرين أن "كلاً منا يذهب إلى حي الآخر كما كان آباؤنا قبل اندلاع الأحداث بدءا من العام ١٩٧٥". لغة مسموعة من الجميع، يصرون عليها، ويتمنون نسيانها إلى غير رجعة، مطالبين بالانماء من أجل مستقبل أفضل لأبنائهم.


التبانة


سعد المصري، أحد وجوه التبانة وفاعلياتها الشعبية والمعروف بانه كان احد قادة المحاور البارزين، يقول لـ"النهار": "لم نكن نريد الحرب التي فُرضت علينا لندافع عن أنفسنا وعن منطقتنا، ففي الـ1986 خسرنا650 قتيلاً و1500 جريح، وفي 7 ايار لم يكن هناك قرار سياسي ليتدخّل الجيش فاضطررنا ان نحمل السلاح وندافع عن انفسنا".


وبالنسبة للعلاقة مع جبل محسن، يقول المصري: "المشكلة لم تكن معهم بل مع آل عيد الذين تسبّبوا بأحداث عام 1986 الخطيرة، وكرّروها في 7 أيار وغيره. اليوم بعد خروجهم، عاد الوضع الى طبيعته".


ويقول: "كانت حربًا عبثية خسرنا فيها شهداء وحصل دمار ووقعت خسائر على الصعد كافة، وأتمنى الا تتكرر، فلا احد يتمنى ان يعيش اولاده ما عشناه، نريد لأولادنا حياة افضل".


عربي


عربي، موظف في أوجيرو، وهو نجل خليل عكاوي الذي كان على رأس مجموعات باب التبانة في الثمانينات، ويقول: "الاجواء افضل من قبل بكثير على المستوى الامني، والناس مرتاحون. الوضع جيّد بين باب التبانة وجبل محسن نتيجة الوعي عند الناس الذين يعتبرون ان تلك المرحلة كانت مجانية. دفعنا كلنا ثمنها دمارًا وجرحى وشهداء، عدا عن التداعيات الاقتصادية على المدينة كلها. واليوم عاد التفاعل بين المنطقتين إلى شيء مما كان عليه سابقا".


ويضيف: "في التبانة نرى علويين يشترون، ونحن نصعد الى جبل محسن، فالوضع جيّد وطبيعي. والناس بفطرتهم "اوادم"، واذا لم يتوافر من يحرّض، لن تكون هناك أحداث، الجميع هنا يبحث عن رزقه ولا أحد يريد السلاح".


رئيس مجلس شباب التبانة خالد الشخاشير وصف الأجواء بالجيدة بوجود الجيش. ويقول: "الغلط لم يعد مسموحًا، وأصبح هناك تواصل بين الاهالي في التبانة وجبل محسن، والمطلوب الا يستغل الناس سياسياً، وسنكون جميعاً بألف خير. نحن ابناء المناطق الشعبية نؤيد الجيش ومعه. ومشكلتنا الاساسية هي الفقر وعدم وجود فرص عمل".


جبل محسن


لا يختلف المزاج العام في جبل محسن عن باب التبانة، فالجميع يريد السلام والحياة الطبيعية. فخضر احمد خضر صاحب مطعم في منطقة الريفا، يقول: "يأتي الى مطعمي من كل المناطق في طرابلس. لقد طوينا صفحة الموت والكراهية، كنت منذ قليل في التبانة اشتري اللحمة والخضر، وهم يأتون الى الجبل ايضا. هناك صلة قرابة بين المنطقتين. لا مصلحة لأحد بهذه الاحداث، ونحن نريد ازدهار منطقتنا ومدينتنا".


مختار جبل محسن عبد اللطيف صالح (المسؤول الاعلامي للحزب العربي الديموقراطي سابقا) وصف الجو بالـ"جيد جدا بسبب المناخ السياسي العام في البلد، والغطاء السياسي الذي أُعطي للجيش، وهذا ما افتقدناه من 2008 الى 2013 والى حين تنفيذ الخطة الامنية، فلو كان القرار السياسي جديا، وأُعطي للجيش منذ البدء، لما كان حصل ما حصل".


ويرى ان "الحرب خسّرتنا كثيراً وما زلنا نعيش تداعياتها، فالمنطقة بحاجة الى اهتمام من البلدية ووزارة الاشغال والناس يعيشون في فقر والشباب يعانون البطالة، هذا عدا عمّا خلفته الحرب من حالات اعاقة وامراض".


من جهته، يلمس ابرهيم حبيب ان "المنطقة تعيش حياة عادية، مشدداً على ضرورة ان "يوضع برنامج تنمية متكامل، فمعظم مسببات الاحداث مرتبط بالبؤس والفقر، وجرى استثمار الشباب لمصلحة السياسة والسياسيين... هي مرحلة بشعة يجب ان نرميها وراءنا ونلتفت الى الحاضر".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم