الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الأزمة السورية تكلّف لبنان أقلّه 6.9 ملايين دولار يوميًّا!

المصدر: "النهار"
الأزمة السورية تكلّف لبنان أقلّه 6.9 ملايين دولار يوميًّا!
الأزمة السورية تكلّف لبنان أقلّه 6.9 ملايين دولار يوميًّا!
A+ A-

ايام قليلة مرة على تعهّد المجتمع الدولي خلال مؤتمر المانحين في #لندن توفير أكثر من 10 مليارات دولار لمساعدة #سوريا، لتبدء التقارير والتحاليل الخاصة بالوضع الانساني والاجتماعي والاقتصادي للداخل السوري ودول الجوار تنهال، وتكشف يومًا بعد يوم فظاعة المشهد وحجم الكارثة الفعلية التي حلّت على سوريا والدول المحيطة بها، بعد أكثر من 4 سنوات على اندلاع الحرب.


الخسائر بالأرقام...


في تقريره الفصلي حول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قدّر البنك الدولي تكلفة الحرب السورية وانعكاساتها على دول المنطقة بنحو 35 مليار دولار، أي ما يعادل إجمالي الناتج المحلي لسوريا عام 2007، وهي تشمل خسائر الاقتصاد السوري وخمس دول مجاورة هي العراق ومصر ولبنان والأردن وتركيا، التي تأثرت بدرجات متفاوتة وبشكل مباشر بالأزمة السورية، التي خلفت أكثر من 260 ألف قتيل منذ انطلاقها في آذار 2011 وحتى اليوم. كما يؤكد التقرير ان هذه الكلفة لا تشمل الموارد التي خصصتها دول الجوار السوري لتقديم الخدمات الأساسية للاجئين الذين تدفقوا خصوصا على لبنان والأردن.


واستنادا الى الدراسة التي قامت بها هذه المؤسسة الدولي، فإن كلفة الأضرار المادية في 6 مدن سورية هي حمص وحلب وحماة وإدلب واللاذقية ودرعا، تراوحت ما بين 3.5 ملايين و4.5 ملايين دولار، 40% منها في حلب، والتي تعتبر ثاني كبرى المدن السورية. وبحسب التقييم، يبقى قطاع الطاقة من أكثر القطاعات تضررا جراء الحرب والمعارك، إذ تتراوح الكلفة التي تحمّلها هذا القطاع وحده ما بين 648 و791 مليون دولار، يليه قطاع الصحة مع خسائر تراوحت بين 203 و248 مليونا، ثم قطاع التعليم ما بين 101 و123 مليون، فيما أشار البنك الى ان ما لا يقل عن ثلثي سكان سوريا يحصلون حاليا على المياه من مصادر تحيط بها مخاطر عالية أو متوسطة، وأكثر من نصف الأطفال الذين في سن الالتحاق بالمدرسة في سوريا حرموا من الانتظام في الدراسة في 2014-2015.


كما توقع تقرير البنك الدولي أن يكون الاقتصاد السوري قد سجل انكماشًا في العام الماضي بنسبة 15.8% مقارنة بالعام 2014 الذي بلغت نسبته 18%، مع تسجيل عجز في الموازنة السورية خلال العام 2015 حوالي 21.8% مقارنة بعجز نسبته 22.3% في العام 2014. كما يُقدر البنك الدولي أن الأضرار التي لحقت برأس المال في سوريا بلغت حتى منتصف 2014 ما بين 70 و80 مليار دولار.


دول الجوار...


مرة جديدة أكد تقرير البنك الدولي أن دول الجوار السوري تواجه ضغطا هائلا في موازناتها في الوقت الذي تواجه فيه اقتصاداتها صعوبات كبيرة، والذي قدّر فيه البنك كلفة اللاجئين السوريين سنويا على لبنان وحده بنحو 2.5 مليار دولار، وهو المبلغ نفسه الذي يتحمله الأردن لاستضافة 630 ألف لاجئ. وبحسب التقرير، في لبنان تضررت بشدة القطاعات الرئيسية التي تُعزِّز النمو مثل السياحة والعقارات والإنشاءات. ومن المتوقع أن يبقى معدل النمو الاقتصادي في لبنان والاردن ما بين 2,5 % و3,5 % خلال عامي 2016 و2017، كما لاحظ التقرير إمكانية تأثر تحويلات المغتربين في كل من مصر ولبنان والأردن بالازمة التي ساهمت الى حدّ كبير في انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل 1,1 % في لبنان و1,5 % في تركيا ومصر والأردن مقارنة بالمستويات التي كان من الممكن تحقيقها لو أمكن تفادي الحرب.
ويشير التقرير الصادر حديثا، الى ان البنك الدولي يُقدَّر أن نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان وحده، انخفض 2,9 % سنويا خلال الفترة بين عامي 2012 و2014، ما دفع بحوالي 170 ألف لبناني الى براثن الفقر، وضاعف مُعدَّل البطالة إلى أكثر من 20% ، معظمهم من الشباب من غير ذوي المهارات.


مواجهة التشظّي!


تقرير آخر بعنوان "مواجهة التشظي!" صدر أخيرا عن المركز السوري لبحوث السياسات وهو منظمة غير ربحية مستقلة، وبالتعاون مع معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية (غرين اوفل) في الجامعة الاميركية في بيروت، وبدعم من المكتب القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا عن العام 2015، هذا التقرير يرصد بشكل دقيق آثار الأزمة السورية خلال العام 2015 على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. ومما جاء في التقرير: "ازداد تشظي الاقتصاد السوري، في عام 2015 جراء هيمنة قوى التسلّط وقيامها ببناء كيانات اقتصادية مستقلة خاصة بكل منها، وتحويل الموارد لخدمة مصالحها وأهدافها، وتقديم الحوافز لأتباعها لضمان ولائهم، على حساب احتياجات الناس وتطلعاتهم. وبات مستقبل النمو الاقتصادي السوري قاتما، في ظل الانهيار المتمادي والتدمير الممنهج لمقوماته البشرية والمادية ومؤسساته، إضافة الى تبديد معظم الثروة الوطنية بشكل متفاوت بين المناطق". ويقدر التقرير "حجم الخسائر الاقتصادية، منذ بداية النزاع حتى نهاية العام 2015، بنحو 254.7 مليار دولار أميركي اي ما يعادل 468% من الناتج المحلي الاجمالي السوري لعام 2010. ويقدّر معدل الانكماش الاقتصادي السوري بحوالي 4.7% في عام 2015، وعلى الرغم من استمرار النزاع المسلح، أشارت التقديرات الى ان الناتج المحلي الاجمالي للقطاع الزراعي عام 2015 حقق نموا سنويا إيجابيا للمرة الاولى منذ عام 2011، كنتيجة للظروف المناخية المؤاتية. وانعكس ذلك إيجابا على بعض القطاعات مثل قطاع التجارة الداخلية. بالمقابل، استمر التدهور في قطاعات الخدمات الحكومية والصناعة التحويلية والاستخراجية والمرافق والنقل والاتصالات.


وبحسب التقرير، شهد العام 2015 تراجعًا كبيرًا في الاستهلاك العام بلغ 33.1% مقارنة مع العام 2014، الامر الذي يعكس سياسات الحكومة في خفض الدعم، ما ساهم في زيادة أسعار المواد الغذائية والخدمات الاساسية. وانكمش الاستثمار العام بشكل حاد بمعدل سنوي بلغ 31.8%، إذ أعطت الحكومة الاولوية لتغطية الانفاق العسكري ودفع الاجور العامة. كما تراجع الاستثمار الخاص بمعدل سنوي بلغ 5% ليشكل مع الاستثمار العام ما نسبته 9.2% فقط من الناتج المحلي الاجمالي. ويشير التقرير الى انخفاض الصادرات في عام 2015 بنسبة 20% كما انكمشت الواردات بنسبة 295 مقارنة بالعام 2014، وذلك بسبب التراجع في الطلب الفعال، إضافة الى الانخفاض الكبير في قيمة العملة المحلية. ومع ذلك بقي العجز التجاري ضخمًا عام 2015 وبلغ 27.6% من الناتج المحلي. وتتضمن هذه الخسائر خسارة الناتج المحلي الإجمالي (64.1 في المئة)، وتضرّر مخزون رأس المال (26.4 في المئة)، والإنفاق العسكري الإضافي للحكومة (5.7 في المئة)، والإنفاق العسكري للمجموعات المسلحة (2.3 في المئة)، والإنتاج غير الرسمي للنفط والغاز (1.5 في المئة). ويقدر مجموع الخسائر الاقتصادية بما يعادل 468 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 بالأسعار الثابتة. 


كما يُقدَّر حجم خسارة الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية الأزمة بمبلغ 163.3 مليار دولار، علماً أن 49.7 مليار دولار منها قد تكبدها الاقتصاد عام 2015 وحده. كما يُقدر حجم الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.7% عام 2015 مقارنة بالعام 2014 حيث بلغ الانكماش نسبة 7.9 % في الربع الأول، و1.8 % في الربع الثاني و6.2 % في الربع الثالث، ونسبة 4.4 % في الربع الرابع مقارنة بالأرباع المقابلة لها في 2014. وأشار التقرير الى انكماش الاستهلاك الخاص خلال عام 2015 بنسبة 0.7% في الربع الأول، و0.9% في الربع الثاني، و3.3 % في الربع الثالث، و5.9 % في الربع الرابع، مقارنة بالأرباع المقابلة لها عام 2014، وتوافق هذا مع تراجع عجز الموازنة من 41.2 % في العام 2014 إلى 28.1 % في 2015، ما يعكس استراتيجية الحكومة في زيادة الإيرادات العامة من خلال تطبيق سياسة ترشيد الدعم التي خَفَّضت الدعم بشكل كبير، ما ساهم في تعميق الركود، لأنها رفعت من تكلفة الإنتاج المحلي وزادت الضغوط التضخمية، فأدت إلى تراجع قيمة العملة المحلية، كما انخفضت الصادرات في 2015 بنسبة 20.9% ، و27.3 % و33% و35.7 في الربع الأول والثاني والثالث والرابع على التوالي، مقارنة بالأرباع المقابلة من العام 2014. كما انكمشت الواردات بنسبة 29 في المئة مقارنة بما كانت عليه عام 2014، وذلك بسبب التراجع في الطلب الفعال، إضافة إلى الانخفاض الكبير في قيمة العملة المحلية. ومع ذلك بقي العجز التجاري ضخماً في 2015، إذ بلغ 27.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي وضع الاقتصاد السوري في حالة من الانكشاف واستهلاك الاحتياطيات الأجنبية، وبالتالي تراكم عبء الديون الملقاة على كاهل الأجيال المقبلة، وهي أجيال تواجه بالأساس تحديات كبيرة.
ويشير المركز إلى ارتفاع معدل البطالة من 14.9% في 2011 إلى 52.9 % نهاية العام 2015، فبلغ عدد العاطلين عن العمل 2.91 مليوني شخص، منهم 2.7 مليونان فقدوا عملهم خلال الأزمة، ما يعني فقدان مصدر رئيسي للدخل والتأثير في معيشة 13.8 مليون شخص. ومن المؤسف أن بعض فرص العمل نتجت من التوسّع في اقتصاديات العنف، التي يُقدّر أنها وظّفت حوالى 17 % من السكان الناشطين اقتصادياً.


وتشير الدراسة ايضا الى تراجع عدد السكان في سوريا من 21.80 مليون شخص داخل البلاد في 2010 إلى 20.44 مليون شخص بحلول نهاية 2015، واضطر نحو 45 % من السكان إلى مغادرة أماكن سكنهم، فبلغ عدد الأشخاص النازحين داخلياً حوالي 6.36 مليون نسمة، علماً أن العديد منهم اضطر إلى النزوح مرات عديدة. ويقدر عدد اللاجئين الذين غادروا البلاد بحوالى 3.11 ملايين شخص، كما هاجر منها نحو 1.17 مليون. أما معدل الفقر العام فيقدّر بنحو 85.2 % في العام 2015 مقارنة بنحو 83.5% عام 2014. وبلغت نسبة من يعيشون في فقر شديد 69.3% من السكان، وهم غير قادرين على تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية. كما بات نحو 35 في المئة من السكان يعيشون في فقر مدقع. ويواجه قطاع التعليم ايضا صعوبات هائلة، مع وصول نسبة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم الأساسي إلى 45.2% من إجمالي عدد الأطفال في هذه الفئة العمرية خلال العام الدراسي 2015-2016، الأمر الذي سيترك أثراً سلبياً على مستقبل البلاد. وقُدّرت الخسارة في سنوات المدرسة بحوالى 24.5 %، وتقدر تكلفتها بحوالي 16.5 مليار دولار، التي تشكل خسارة في رأس المال البشري المرتبط بالتعليم. وأصبحت سوريا نتيجة الأزمة ضمن قائمة مجموعة الدول ذات "التنمية البشرية المنخفضة"، وتراجع ترتيبها العالمي على الدليل من المركز 121 إلى المركز 173 من بين 187 بلداً.


وترى الدراسة أن سوريا باتت في ظل حالة التشظي، الذي يعتبر حالة من التمزّق الحاد في البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي تتسبب به مختلف قوى التسلط الداخلية والخارجية، وباتت بحاجة إلى نموذج تنموي جديد يقوم على حق جميع السوريين في العيش الكريم، وهذا يستلزم مشاركة حقيقية وفعالة لجميع قوى المجتمع، من أجل تحقيق التحول التنموي المطلوب والقائم على رؤية مشتركة ومتفق عليها.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم