معالجة أزمة "الباركينغ" على الطريقة اللبنانية

بينت احدى الدراسات أن أحد أسباب ازدحام #السير في بيروت هو انّ 35 في المئة من السيارات تبحث عن مواقف لركنها نظرا الى قلة المواقف في المدينة بسبب تعذر ايجاد مساحات عقارية غير مبنية. وفي غياب اي مبادرات رسمية لمعالجة هذه المعضلة، برزت مبادرة فردية من بعض الشباب اللبناني الذين استنسخوا تجربة المواقف الآلية التي أثبتت جدواها بعض الدول الأوروبية والعربية، مضيفين عليها بعض "النكهات" اللبنانية.

"فوجئنا بترددهم"

ومع تعذر استيراد هذا الموقف أو ما يسمى بـ Automated Parking System من الخارج بسبب كلفته المرتفعة، إرتأى المدير العام لشركة Corporation Smart Parking المهندس علي فرفور، ومستشار الشركة علي جابر العدول عن الفكرة والتركيز على الامكانات اللبنانية لتنفيذها. ويقول جابر وفرفور في هذا الاطار لـ "النهار"، "بعد الدراسة تبين أن استيراد المواقف الآلية من الخارج سيكون مكلفا، وتاليا لن يناسب الامكانات اللبنانية مقارنة بتسعيرة المواقف في لبنان. لذلك انصب تركيزنا على الداخل. فبدأنا نفاوض المصنعين اللبنانيين لتصنيع هذا المشروع في لبنان. ولكننا فوجئنا بترددهم كون هذه الفكرة جديدة. لذلك حاولنا تبسيط الامور من خلال تلزيم المشروع الى أكثر من مصنع كل في اختصاصه من انتاج الحديد الى الامور الميكانيكية وصولا الى البرمجيات".

والمفارقة التي يتحدث عنها جابر وفرفور أن ثمة أزمة مواقف سيارات في لبنان، ولكن في المقابل نجد أن تسعيرة الباركينغ لا تزال منخفضة، وهذا يعود برأيهما الى التهاون مع مخالفات الوقوف في الاماكن غير المسموح بها.

ما هو الموقف الآلي وكيف يعمل؟

ولكن ما هو الموقف الآلي وكيف يعمل؟ يقف فرفور وجابر أمام شاشة كبيرة لعرض المشاريع والدراسات التي أنجزوها ومنها المشروع المخصص لبلدية بيروت ووزارة العدل، شارحين لـ "النهار" مواصفات الموقف الآلي وكيفية عمله. ووفق ما يقول الشابان، الموقف عبارة عن مبنى صغير تبلغ مساحته 50م2 بارتفاع يبلغ 2,20 متر لكلّ طابق من الطوابق الـ15. ويتألف الموقف من برجين يفصلهما مصعد كهربائي كبير لنقل السيارات وركنها في المواقف المخصصة في طوابق هذا المبنى. ويعمل هذا المصعد على نحو أوتوماتيكي آليّ وبمعايير أوروبية، من دون أي تدخل بشريّ. ويمكن ركن سيارتين في كلّ طابق، لتبلغ القدرة الاستيعابية الاجمالية للموقف الآلي نحو 30 سيارة. ويحصل الزبون تلقائيا على بطاقة تخوله طلب سيارته وتسلمها من الطابق الارضي، بعد أن يكون قد أعطى المصعد أمراً أوتوماتيكياً بنقل السيارة الى المدخل.

ولم يخل المشروع من اضفاء لمسة لبنانية عليه مستوحاة من الازمات التي نعيشها في لبنان، بما جعله يتخطى المعايير الاوروبية المفروضة لتصنيع مثل هذه المواقف. إذ تمت الاستعانة بمولّد كهربائي لاستخدامه في بلد الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، كما تم اعتماد معايير سلامة مضاعفة عبر استخدام الخرسانة المسلّحة بقوّة مضاعفة، وهياكل حديدية مضادّة للزلازل بقوة 7,6 ريختر.

ويتحدث فرفور وجابر عن المشاريع التي ستنجزها الشركة على هذا الصعيد، فيشيران الى ان شركتهما أنجزت دراسة لوزارة العدل لبناء موقف آلي بدل الموقف الحالي الذي تشغله حاليا على نحو يتسع لنحو 1000 سيارة بدل 300 سيارة، علما ان مساحة الموقف الحالي تبلغ نحو 8 آلاف متر.
ويحتاج المشروع الى تراخيص من وزارتي الصناعة والاشغال ومن بلدية بيروت. والاخيرة فوضت الشركة اجراء دراسة لمواقف آلية في منطقة الاشرفية. وقد انجزت الشركة هذه الدراسة وستعرضها على المسؤولين فيها الاسبوع المقبل لأخذ الموافقة والمباشرة في التنفيذ. الى ذلك تدرس الشركة طلبات عدة، وكذلك تصمم نموذج لعرضه في ساحة العبد خلال الافتتاح الرسمي المقرر للشركة في آذار المقبل.

متى يتحقّق؟ 

هل بات استخدام هذا الموقف الآلي في متناول الناس قريبا؟ يؤكد فرفور وجابر أنه في حال اعطيت الموافقة على مشروع وزارة العدل اضافة الى مشروعين آخرين لأبنية في الاشرفية، يمكننا القول أنه أوائل الصيف المقبل سيكون بإمكان الناس استخدام هذه المواقف، خصوصا وان فترة التصنيع لا تحتاج الى أكثر من شهرين، فيما تحتاج عملية التركيب الى نحو 10 أيام".

وفيما يتطلع القيمون على المشروع الى دعم من وزارة الصناعة عبر اعفاء المواد الاولية المستوردة التي يحتاجها المشروع من الرسوم الجمركية، يلفت جابر الى أن كلفة الموقف الواحد في المشروع تبلغ بين الـ 10 آلاف و13 ألف دولار، وهذا السعر يبدو عادلا برأيه مقارنة بسعر الموقف في الاشرفية (35 ألف دولار)، وفي منطقة السوديكو بـ 40 ألف دولار. إلا أنه يتوقع أن يكون ينخفض السعر الى ما دون هذا الرقم "في حال تلقينا الدعم المطلوب من الوزارات المعنية وخصوصا حيال اعفاء المواد الاولية من الرسوم والضرائب"، مؤكدا أن وزير الصناعة أبدى تجاوبا، وأكد دعمه قدر المستطاع".