الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تداعيات الأزمة السعودية - الايرانية على الوضع اللبناني

المصدر: "النهار"
باريس - سمير تويني
تداعيات الأزمة السعودية - الايرانية على الوضع اللبناني
تداعيات الأزمة السعودية - الايرانية على الوضع اللبناني
A+ A-

المتابعون للأحداث الإقليمية كانوا وما زالوا يؤكدون ان بوادر حل #الازمة اللبنانية لن تاتي قبل حل عدد من أزمات المنطقة ومنها الحرب في اليمن والصراع القائم في سوريا. فهل الازمة بين ايران والسعودية ستؤخر الحل؟


كانت المبادرة الاخيرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية ( من دون الاعلان عنها رسمياً) بانتخاب الأخير لسد الفراغ الرئاسي وليدة توافق اقليمي ودولي حول صراعات المنطقة، وركبت المبادرة "موجة" هذا التفاهم. لكن هذا التفاهم بخاصة الإقليمي منه، لم يكن مرتكزا على أسس قوية فانهار. ونشهد الان ان الطرفين الايراني من جهة والسعودي من جهة اخرى يتوجهان نحو مجابهة ان لم تكن مباشرة بينهما، فبين مؤيديهم على ساحات الصراع الإقليمي. ولبنان بالطبع جزء من هذا الملعب.


ونشهد منذ عدة شهور ان اي تحرك لفريق يجابه بتحرك مضاد للفريق الاخر. وهذا يعود بالطبع الى نتيجة تفاقم الوضع جراء تصاعد التوتر بين البلدين منذ سنين عديدة. حتى ان منطقة الشرق الاوسط ومنها لبنان أصبحت رهينة تنافر ايراني - سعودي يوصف خطأ بحرب سنية - شيعية وهو ليس وليد ساعته. فكان يوصف ايام الخلافات بين الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر من جهة وشاه ايران من جهة اخرى بالصراع العربي - الفارسي الذي شكل منذ منتصف القرن الماضي داخل دول المنطقة من لبنان الى اليمن صراعاً بين محورين.


وفي هذا السياق تعتبر السعودية ان المحور الايراني يحاول محاصرتها من لبنان الى اليمن مرورا بسوريا والعراق والبحرين، وان الاتفاق النووي الذي وقعته ايران مع مجموعة خمسة زائد واحد ( الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وألمانيا) يسمح لها بالمحافظة على برنامجها النووي وقد تعيد إطلاقه في اول مناسبة.


كما ان التوجهات الايرانية بعد التوقيع على الاتفاق ما زالت كما كانت عليه قبل التوقيع، ولم تعدل ايران مواقفها من الحرب في سوريا ودعم الرئيس السوري بشار الاسد ولم تسهل انتخاب رئيس جمهورية في لبنان وما زال حلفاؤها في اليمن يرفضون الالتزام بالقرار ٢١١٦. وبشكل عام لم تتوقف ايران عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وايران من جهتها تخشى تهديدات منظمة الدول الاسلامية غربا وطالبان أفغانستان شرقا. وهذا بالطبع لا يسهل حصول علاقات سليمة بين الدولتين.
وأعاد اغتيال الشيخ نمر باقر نمر والاعتداءات التي طاولت السفارة السعودية وقنصلياتها العامة في ايران ومن جرائهما قطع العلاقات الديبلوماسية والتجارية بين البلدين بعد اتهام السعودية طهران بتزويد السلاح والعتاد منظمات ارهابية، الجليد الى علاقتهم، بعدما ادى اتفاق فيينا حول سوريا الى تخفيف للاحتقان.


وعودة تصاعد المعارك في اليمن بعد وقف إطلاق للنار الذي تم الاتفاق حوله سيؤدي الى فشل استمرار المفاوضات حول عودة السلام الى اليمن خلال المؤتمر المقرر في ١٤ من الشهر الجاري. اما في شان المفاوضات حول سوريا، فإن الموفد الدولي ستيفان دو ميستورا شعر بقلق من الانعكاسات السلبية للازمة فتوجه لتوه الى الرياض وطهران لدعم خطته ومنع انهيار التوافق الدولي لوقف القتال في سوريا. وعلى رغم تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بانها "لن تؤثر على المفاوضات" فقد يكون ثمة تأثير على "القوة الدافعة" لعملية جنيف عند الدخول في تفاصيل الاتفاق.


هل يمكن في ظل هذا التصعيد وبعد انتقال العلاقات الايرانية - السعودية من المواجهة الى الصدام الحاد الكلام على استمرار للمبادرة الرئاسية وملء الفراغ الدستوري؟ باعتراف الجميع دخل لبنان من جديد الى الثلاجة تحت وطأة احتدام صراع المحاور، ومن تداعيات ما يحصل السعي للمحافظة على الحوار وقد عبر الرئيس نبيه بري عن مخاوفه من عدم انتخاب رئيس وتعطيل الحكومة والمجلس بقوله ان ذلك "يهدد بنية الدولة وهناك خطر عليها".
وسينصب التحرك الدولي على عدم تراجع الغطاء الإقليمي للبنان الذي كان وما زال يحميه من لهيب الحرائق المحيطة به. وقد بدأ أصدقاء لبنان المشاورات مع الجهات الإقليمية لدعم استقرار لبنان واستمرار الامن، لمخاوف من انزلاق لبنان في هذا الصراع.
وقد يشهد الشهر الجاري العديد من اللقاءات الدولية والإقليمية لمنع لبنان من الانهيار. وسيكون الملف اللبناني بكل تشعباته على راس قائمة الملفات التي سيتناولها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال جولته الإقليمية ابتداء من منتصف الشهر الجاري، كما ان اللقاء المرتقب في باريس بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ونظيره الايراني حسن روحاني سيناقش الملف اللبناني من جميع جوانبه لِلَجْم اي تدهور قد يتعرض له لبنان وهو رهان فرنسي على دور إيجابي لطهران في التوصل الى حل لمشاكله.
غير ان مصادر متابعة للعلاقات تشير إلفى أن الملف اللبناني لن يبت في طهران قبل الانتخابات الايرانية في شهر شباط المقبل لخلاف بين المعتدلين والمتشددين حول إدارة هذا الملف، وهذا بالطبع قد يفسر التراجع في المبادرة الرئاسية لانتخاب فرنجية.


بانتظار ان تتبلور مواقف الاطراف للتوافق حول الرئيس وسلة متكاملة او سلة متكاملة من ضمنها الرئيس، فإن تفعيل عمل الحكومة او عدمه قد يشكل الاشارة من الافرقاء في الداخل عما إن كانوا تخطوا صراعات المحاور او ان الصراع ما زال على أشده.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم